"محلاك يا مصرى وانت ع الدفة" و"النجمة مالت ع القمر" و"المركبة عدت" و"حسب الميعاد يا حبيبى".. مصر تغنى للقناة.. عبده الحامولى أول من غنى فى افتتاحها عام 1869.. تاريخ من الغناء للمعجزة المائية

فى اللحظات الاستثنائية فى تاريخ الأمم تستدعى الشعوب بشكل تلقائى الأغانى الوطنية، التى رسخت فى ذاكرتها عبر لحظاتها التاريخية النادرة، فى تلك اللحظات، التى نعيشها مع افتتاح قناة السويس الجديدة، مع هذا الإعجاز والإنجاز الذى يعكس إرادة الشعب المصرى، تستدعى الجماهير فى كل مكان العديد من الأغانى الوطنية، التى صنعت الذاكرة الجمعية للمصريين، التى طالما هزت وجدان الشعب.

محلاك يا مصرى وأنت ع الدفة

عشرات الأغانى، التى تغنى بها مطربونا فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات فى مناسبات مختلفة ترتبط بقناة السويس مازالت محفورة فى الذاكرة، ومع التقدير والاعتزاز للفنانين الحاليين وأغنياتهم عن القناة الجديدة، إلا أن الأغانى القديمة مازال لها الرونق والمذاق الخاص والتأثير العميق فى الوجدان، فمن ينسى "محلاك يا مصرى وأنت ع الدفة" لكوكب الشرق أم كلثوم و"حكاية شعب" عن تأميم القناة للعندليب عبد الحليم حافظ ثم أغانى العندليب "المركبة عدت" والنجمة مالت ع القمر" فى مناسبة إعادة افتتاح القناة فى 5 يونيو 1975 وأغنية نجاة "حسب الميعاد" وغيرها من الأغانى التى سجلت مواقف النضال والكفاح فى القناة بالكلمة الصادقة واللحن المعبر.

القناة كان لها نصيب عظيم من الغناء منذ افتتاحها الأول فى عهد الخديو إسماعيل عام 1869، فأول من غنى فى الافتتاح أمام ملوك وأمراء أوروبا المطرب عبده الحامولي(1836-1901) واحد من ألمع مطربى القرن التاسع عشر وعندما سمعه الخديو أعجب به وألحقه بحاشيته، وفى الحفل المبهر لم تكن هناك أغنية خاصة بالقناة، ولكن الحامولى غنى أمام الضيوف بعض أدواره الغنائية.

التراث المصرى احتفظ بأغنية عن القناة لم يعرف من كتبها أو لحنها مثل كثير من الأغانى التراثية الشعبية، وقبل أن تظهر الأغانى الخاصة عن قناة السويس، وهى أغنية رددها المصريون مع بدايات القرن العشرين تمجد فى المصريين وتسخر من الاحتلال الإنجليزى.. تقول كلماتها: "على القنال جالس.. تحكم وبتوالس.. دمك خفيف خالص".

وقت طويل مر حتى بدأت كتابة الأغانى الخاصة لقناة السويس، وارتبط ذلك فى الخمسينيات بحدث تاريخى هو تأميم الزعيم جمال عبد الناصر قناة السويس فى يوم الخميس 26 يوليو 1956 وما تلى ذلك من ردة فعل غاضبة للدول الاستعمارية الكبرى وانسحاب المرشدين الأجانب من القناة لتعطيل الملاحة فى القناة والضغط على مصر وفشل كافة المحاولات للرجوع عن القرار وخرجت أم كلثوم لتصدح بأشهر وأجمل أغنية عن قناة السويس من كلمات صلاح جاهين وألحان محمد الموجى وهى أغنية " محلاك يا مصرى وانت ع الدفة.. والنصرة عاملة فى القنال زفة..ريسنا قال مافيش محال.راح الدخيل وابن البلد كفى".. وبعدها أغنية للمطرب الشعبى محمد عبد المطلب من كلمات صلاح جاهين وتلحين الموسيقار محمود الشريف.. وهى أغنية " يا سايق الغليون..عدى القنال عدي.. خد مننا وادى ..ده اللى فحت بحر القنال جدى".

توالت الأحداث وتوالت أغانى القناة التى بثت روح الحماسة والوطنية فى نفوس الشعب المصرى ضد المعتدى الأثيم والتشبث بالحقوق المصرية، وبدأ العدوان الثلاثى الغاشم على مصر فى 56 وكان الفن فى الميدان يجأر بصوت المصريين كالقذائف والقنابل فى وجه المعتدين وانطلق صوت فايد كامل كالمدفع من شعر كمال عبد الحليم وألحان على إسماعيل ليغنى أيقونة أغانى الخمسينيات الوطنية "دع سمائى فسمائى محرقة.. دع قنالى فقنالى مغرقة"، وكان للأغنية فعل السحر فى نفوس الفدائيين والشعب المصرى عموما فى الدفاع عن مدن القناة.. ثم غنت فايدة كامل أيضا من كلمات مصطفى عبد الرحمن وألحان سيد مكاوى أغنية "رايتنا عالية".. "دهب القنال دهبى ومالى جابه حما عزم ورجال وبكرا بالسد العالى نحقق كل محال".

قصة القنال

وتدفقت الأعمال الغنائية لقناة السويس ولكفاح المصريين وقدم مرسى جميل عزيز وأحمد صدقى برنامج غنائى بعنوان "قصة القنال" من غناء محمد قنديل وسيد إسماعيل وحورية حسن وعصمت عبد العليم، ثم أوبريت" مهر العروسة" من ألحان بليغ حمدى وتأليف عبد الرحمن الخميسى.

وجاء دور زعيم الأغنية فى عهد ثورة يوليو.. عبد الحليم حافظ ليغنى "حكاية شعب" من كلمات أحمد شفيق كامل وألحان كمال الطويل.." كانت الصرخة القوية فى الميدان بإسكندرية.. صرخة أطلقها جمال وأحنا أممنا القنال".. ولم يتوقف حليم فقد غنى مرة أخرى للقناة عام 66 من كلمات عبد الرحمن الأبنودى وألحان عبد العظيم محمد أغنية "الفنارة" عن قناة السويس وكفاح بورسعيد.

كان الحدث الآخر فى حياة القناة هو نصر أكتوبر المجيد فى 1973 وغنت شادية "عبرنا الهزيمة مصر يا عظيمة" كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدى، وأغنية عاش اللى قال للرجال عدوا القنال" لحليم من كلمات محمد حمزة وتلحين بليغ وغيرها من أغان لكبار المطربين فى حرب أكتوبر، وللمجموعة أيضًا مثل أغنية" صبرنا وعبرنا وربك نصرنا" من كلمات كمال عمار وألحان محمود الشريف، كما غنت شهر زاد "سمينا وعدينا" كلمات علية الجعار وألحان عبد العظيم محمد.

وفى المناسبة الوطنية العظيمة الأخرى بعد انتصار أكتوبر أعاد الرئيس السادات فتح القناة فى 5 يونيو 75 بعد إغلاقها لمدة 8 سنوات، وتدفقت عشرات الأغانى للاحتفال بالحدث وبالقناة مرة أخرى ويعود زعيم الأغنية عبدالحليم حافظ للمشهد من جديد بأغنية "المركبة عدت" لمصطفى الضمرانى وألحان محمد عبد الوهاب ثم "النجمة مالت ع القمر فوق فى العلالى" لمحسن الخياط ومحمد الموجى وغنى محمد قنديل" أدى القناة يا مصر زى ماهيه".. ثم تشدو نجاة الصغيرة بأغنية جميلة من كلمات عبد الرحمن الأبنودى وألحان كمال الطويل هى أغنية "حسب الميعاد يا حبيبى حسب الميعاد جينا".. "زغرودة يا موج القنال زغرودة جينا الليلة دى نكمل الحدوتة".

كل هذه الأغانى الرائعة والبديعة عبرت عن قصة كفاح المصريين فى قناة السويس ومازالت توقظ مشاعرهم الوطنية.