اللغة الملغومة

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
بقلم أحمد إبراهيم الشريف
أخذ الدكتور يوسف زيدان على كاهله مهمة ثقيلة تنوء بحملها الجبال، ويكاد الأنبياء- حسب النص القرآنى- يصيبهم اليأس فى سبيل تأديتها، ألا وهى إعادة الفهم لهذه الأمة، وكشف مناطق الالتباس فى قولها وتراثها، وبالتالى فى حاضرها ومستقبلها، لذا قصد يوسف زيدان «نقض» كل ذلك عن طريق مواجهة التراث بالتقليل من أثره، ومعرفة نقاط الضعف التى يصنعها، وكشف أسسه والمغالطات التاريخية التى تشوبه، واعتمد يوسف زيدان فى سبيل تأدية رسالته كاملة على مقولة يرددها أينما قال أو كتب، وهى «هناك عدم وعى مجتمعى بالتحولات الدلالية فى اللغة».

هذه الجملة التى يعتمد عليها يوسف زيدان لا تقل التباسًا عن التراث الذى يحاول تنقيته، بل هى جملة أكثر اتساعًا مما تبدو، وأقل تحديدًا، كما أن تركيبتها غرائبية جدًا، فليس المفروض أن يكون هناك وعى عام للمجتمع كله بالتحولات الدلالية فى اللغة، فهذا الدور يرصده «المتخصصون» وصانعو الوعى فى المجتمع، خاصة أن يوسف زيدان يضرب أمثلة كى يصف من خلالها هذا التردى فى الوعى، فيقول بأن «القهوة» تعنى الخمر، ولا تعنى «البن»، وهى أمثلة لا تمثل الخطر الذى يتوقعه «زيدان»، وهذا ليس خطأ إنما الخطأ الدلالى يأتى لو شربنا «الخمر» وسميناها «قهوة»، لكن ما دامت الأسماء لم تؤثر فى المضامين فلا ضرر.

جانب آخر يظهر فى خطابات يوسف زيدان، هو التقليل من التراث، حيث يرى أن هناك آخرين دائمًا هم شركاء لنا فى كل شىء، فتضيق دلالة الأشياء ومعانيها، فآية «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، يخرج منها العالم كله، وما قد تمثله من خير على الوطن ويذكرها بحرفيتها، ويقول إنما نزلت فى اليهود، هذا على رغم كونه ينتقد تضييق النصوص ويهاجم القراءة الحرفية لها، هذه القراءة الحرفية تجعلك حينها تلحظ التشابه الكبير بين خطاب يوسف زيدان وبين الخطاب السلفى الذى يأخذ بظاهر النص أيضا.

أما حديثه عن «تدويل القدس» فدليل قوى على أن يوسف زيدان يصر على قصر الصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى دائرة الصراع الدينى، ويخرج الأرض من المعادلة، وكأن الصهاينة لو اختفت القدس سيغادرون الأرض المحتلة صباح اليوم، والحقيقة التى يعرفها زيدان جيدًا هى أن اليهود الذين جاءوا لفلسطين احتلوا بلدًا ليست بلدهم، واستولوا على أرض ليست أرضهم، ولن يتركوها إلا إذا تمت هزيمتهم فيها وشعروا بالخوف حينها لن يفكروا فى قدس ولا هيكل.

ربما تكون نية يوسف زيدان طيبة وأفكاره ليست كلها فاسدة، خاصة فيما يتعلق بتحليل سبل التطرف التى تنتشر داخل مجتمعاتنا، لكن تحطيم كل الأشياء ليس حلًا، وإدخال الصهاينة فى كل شىء ليس هو السبيل المستقيم، نحن لنا تراثنا الذى يحتاج لتنقية وليس لهدم، والآخرون الذين يرتدون ثياب الأعداء هم مجرد أعداء هذه خانتهم وهذه مكانتهم.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

السعودية ضد الأردن.. تعادل سلبي في الشوط الأول بنصف نهائي كأس العرب 2025

القبض على نيك راينر بتهمة قتل والده المخرج روب راينر ووالدته ميشيل سينجر

الأهلى يرحب برحيل شوبير حال تلقيه عروضا مغرية للاحتراف الخارجى فى يناير

اليوم السابع يطلق أكبر بوابة لتغطية كأس أمم أفريقيا 2025


الإدارية العليا تقضي برفض 27 طعنا على نتائج 19 دائرة ملغاة بانتخابات النواب

الأرصاد تحذر: تدفق السحب الممطرة وأمطار على هذه المحافظات الساعات المقبلة

منتخب المغرب يكتسح الإمارات بثلاثية ويتأهل الى نهائى كأس العرب 2025

الأرصاد: استمرار سقوط الأمطار حتى غد وتوقعات بشبورة كثيفة نهاية الأسبوع

أحمد السقا عن فيلم الست: منى زكى عظيمة ومحدش يجرؤ يجى جنبها.. فيديو


المنتخب يسافر إلى المغرب مساء الأربعاء للمشاركة فى كأس الأمم الإفريقية

الطقس غدا.. أجواء شتوية وأمطار واضطراب بالملاحة والصغرى بالقاهرة 13

الأهلى يعلن التنازل عن مقاضاة مصطفى يونس

أحكام سجن بالجملة ضد أهالى شبراهور بسبب إيصالات أمانة.. اعرف القصة

غياب عادل إمام عن جنازة شقيقته بمسجد الشرطة وحضور أحمد السعدنى

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025

العثور على جثتى المخرج روب راينر وزوجته وفتح تحقيق جنائى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى