أدونيس والعنف

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
منذ أيام قليلة، تواجد الشاعر العربى الكبير أدونيس ضيفا على إحدى القنوات التليفزيونية الفرنسية، متحدثا عن حفلة شعرية موسيقية جمعته بالموسيقار العراقى نصير شمة، وتحدث أدونيس فى هذا اللقاء عن العرب وأفكارهم والشعر وتأخره، لكنه بدا غاضبا من الواقع ويائسا عندما تحدث عن إحساسه بالوحدة، بعدما رحل كل جيله وظل هو وحيدا.

هذا الإحساس بالوحدة يفسر كثيرا حدته فى كتابه الأخير، الصادر عن منشورات «لوسوى» فى باريس بعنوان «العنف والإسلام»، وهو عبارة عن حوار مطول مع الدكتورة حورية عبد الواحد، صرح فيه أدونيس بأن ما يقوم به «داعش» تطبيقا لما ورد فى القرآن.

والمشكلة تكمن فى اليأس الذى فكر به الشاعر الكبير الذى اختصر رأيه فى «العنف الدينى»، ورده إلى «تسييس الدين وتقديس السياسة»، وهو صادق إلا قليلا.

نتفق مع أدونيس فى أشياء كثيرة من هذه الآراء، لكن الملاحظ أن ما يقوله أدونيس هو «خيال شعراء»، هذا على الرغم من كونه يقدم نفسه فى الآونة الأخيرة مفكرا ومجددا فى الفكر الثقافى والدينى، فإجابته السابقة لم تخل من «خيال» ورغبة فى الاكتمال، فهو يعرف جيدا أن ما يقوله أمرا «نموذجى» أكثر منه واقعى، فلقد هربت كل البدايات ولم يعد من الممكن أن نفصل الدين عن الدولة بالشكل القاطع الذى يريده أدونيس، وربما السؤال الخطر الذى لم يسأله أدونيس: كيف بعد 14قرنا نفعل ذلك؟

تأتى خطورة هذا الكتاب الذى قدمه أدونيس فى ثلاثة أشياء، الأول أنه حوار والمعروف أن الحوار لا يعنى وجهة نظر، لكنه يعنى رأيك التام وشخصك المتحقق، وعليه عندما يوافق أحدهما أو يرفض فالاختلاف يكون شخصيا مع القائل.

الأمر الثانى، أنه جاء فى وقت يبحث الغرب فيه عن تفسير لما حدث فى بلادهم من عمليات إرهابية، ويريدون أن يبرئوا أنفسهم تماما بإيجاد الحل فى المنظومة الإسلامية، وأدونيس يؤكد فى حواره أن التطرف جزء من العقلية العربية بسبب المزج بين السياسة والدين، لذا أصبح حوار أدونيس بمثابة وشهد شاهد من أهلها.

الأمر الثالث، أن صورة أدونيس عند كثير من العرب «ملتبسة» فموقفه مما يحدث فى سوريا، ووقوفه الواضح بجانب بشار الأسد، يجعل هناك تصورا جاهزا بأن هذه المواقف التى يتحدث فيها أدونيس لا تعبر عن قناعاته بقدر ما يحاول بها الدفاع عن بشار الأسد فى وجه معارضيه، ولعل ما يكشف ذلك المعارضة التى لاقاها أدونيس عندما تم اختياره ليفوز بجائزة الألمانية للسلام، فذهب البعض إلى أن أدونيس لم يدعو أبدا للسلام فى بلاده لكنه انحاز إلى فريق ما وأعلن رأيه صريحا. إن أدونيس يعيش فى بلاد أوروبا ويعرف أن الذى يقوله صحيحا، لكنه ليس واقعيا، فلن نستيقظ ذات صباح لنجد فصلا تماما بين الدين والسياسية، لذا على الذين يتحدثون عن الحلول ويقدمون أنفسهم كمفكرين وفلاسفة، أن يفكروا بطريقة واقعية ويبحثوا عن حلول جديدة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يبدأ خطة تطوير اجتماعية وانطلاقة من الحديقة أمام المبنى الاجتماعي

توافد جماهيرى كبير على حفل مروان بابلو وشهاب وليجى سى فى مهرجان العلمين

مجلس المحافظين يناقش غدا تشكيل لجان تقييم المناطق وفقا لقانون الإيجار القديم

شوبير أساسيا للمرة الثانية على التوالى.. والشناوي وجراديشار وأفشة على الدكة

7 سبتمبر إعادة محاكمة أمين حزب الإخوان الإرهابى بالمنوفية أمام الجنايات الاستئنافية


إسبانيا تتأهل إلى نهائي بطولة العالم لليد 2025

محمد شيكا يسجل أول أهداف كهرباء الإسماعيلية في بطولة الدورى .. فيديو وصور

فوز ناشئي اليد على النرويج 47-26 في تحديد مراكز بطولة العالم

أبزر توقعات الموسم الجديد في الدوري الإسباني

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة


أسباب تأخر ظهور أنسو فاتي وبوجبا مع موناكو

من خصام الأخ إلى حضن النهاية.. القصة الكاملة لخلاف هدى سلطان ومحمد فوزى

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

ميلانيا ترامب تطالب نجل بايدن بمليار دولار تعويض بسبب جيفرى ابستين

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت

تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى