محمد أبو الفضل يكتب: منع الأرزاق

ورقة وقلم - أرشيفية
ورقة وقلم - أرشيفية
فى تسعينيات القرن الماضى، جرت أحداث أدخلت مصر وجرتها إلى نفق مسدود، تمثلت فى ملفات شائكة لا يمكن حصرها لكن ظل ملف ارتفاع معدل البطالة بين أوساط الشباب والخريجين منهم
خصوصا، واحدا من الملفات الرئيسة التى أججت الأوضاع ودفعت بها إلى الاحتقان. بعد العام 2010، تم العمل على لحلحة ذلك الملف بشكل تدريجى بدأت تتضح نتائجه، تراجعت فيه معدلات البطالة، ومن ثم تم استحداث مشروعات وخطط موازية من قبل الدولة، على الدولة أن تتعلم من أخطائها وبخاصة الأخطاء التى تمس استقرارها وأمنها ووجودها وسمعتها فى الداخل والخارج. جاءت أحداث ما قبل ثورة 25 يناير، بما جرته من المآسى وما تبعها من تحشيد وتأليب وتحريض، ليتصدر ملف البطالة المشهد آنذاك، وتعاطى السلطة معها بأساليب تجاوزت الحد المتعارف عليه فى احتواء الاحتجاجات والمطالبات؛ ما عمق من حال الفصل بين المكونات من جهة، والدولة والمحتجين من جهة أخرى حتى وصلنا إلى احتجاج خريجى الماجستير والدكتوراه فى 2015 م وانضمامهم إلى الطابور الطويل الذى لم ينته ونود ألا تتفجر أية أزمات بسببه وعلى الحكومة النظر إلى هذا الملف بعين ثاقبة والوصول لحل جذرى.

نتحدث هنا عن الشباب والبطالة وواجهة الخطط التنموية التى تحرص عليها الدول من كفاءات فى مجال الطب والهندسة وأساتذة جامعيين ومعلمين وفى مجال الصناعة والاستثمار وبقية القطاعات الأخرى. هذا الطابور الطويل من العاطلين عن العمل وجب إزالته وحله حلا جذريا فالمسكنات لم تعد مرضية وليست ضمانا لإزالة صداع المسئولين عن تلك الملفات، ومن يزين لهم صنيعهم؛ بل على العكس سيكون أكبر من صداع بمراحل ستطول نتائجه الجميع؛ وخصوصا مع التحولات والتوترات وانكشاف ممارسات بعض الأنظمة أمام العالم.

وحين يتم التركيز على ملف الشباب والبطالة، لا يعنى ذلك أنه الملف الغالب إذ مازالت ملفات تتعلق بحقوق الإنسان مزمنة ولا يمكن التغاضى عنها؛ لكن أول ما يطول ويمس تلك الحقوق، حق الإنسان فى فتح آفاق رزقه، وحقه فى الحصول على ذلك الرزق الذى لن يناله منحة أو هبة بل سيتحصل عليه جراء جهد وعمل وبذل. ذلك حق لا يملك أحد الحق فى المصادرة. لا حق لأى إنسان فى هذا الأمر بالتحديد الخالق وحده من يحدد ويملك ويعطى ويمنع الأرزاق، والتجرؤ على هذا الأمر والحق، تجرؤ على الله وإعلان تحد مفتوح مع الخالق.

يحزن الجميع ما يحدث فى هذا الوطن الذى يستحق منا أكثر مما يتوقعه من دون مزايدات باستتباب الحقوق والاضطلاع بالواجبات. فى هذا الوطن الذى تآلفت مكوناته قبل أن تطل المطالبات بالحقوق فى لحظة زمنية فارقة وحرجة. وإن طال الزمن أم قصر، سيظل الوعى بالحقوق يفرض نفسه، وتلك سنة التوازن فى العلاقات منذ خلق الله الأرض وما عليها.

الحقوق لا تبرز فى ظل مسميات وعناوين. لا تحتاج إلى ذلك. نداء الفطرة يحدد الاحتجاج ونداء الفطرة يحدد نداء القناعة بوصول الحقوق إلى أصحابها. هو ذاته التوازن الذى تحتاجه الأشياء كما يحتاجه البشر، ومن دون ذلك الحق والتوازن لا معنى للحياة بهكذا ممارسات وتماد وقفز على الضرورات.

محاربة الناس فى أرزاقها لن يدفعها إلى الانكفاء والصمت، على العكس من ذلك سيدفعها إلى مزيد من المطالبة بتلك الحقوق. وحين ارتفع الصوت بالمطالب لم يأت ذلك الصوت من العدم والافتعال؛ بل من صميم الخلل المسكوت عنه، ورد فعل لمطالبات ظلت مؤجلة ومسوفة ومسكوتا عنها وتم ركنها فى زوايا وإضبارات فى تأجيل طال ولا مسوغ له.

لا مخرج لهذا الوطن المقدم على الروح من أزماته ما لم تعترف أطراف الأزمة باخطائها. لا أحد معصوم عن الأخطاء ؛ لكن حين تتحول الأخطاء إلى ممارسة يومية وسياسة ومنهج، تلك هى الكارثة، وذلك ما يهدد أى وجود واستقرار لن يتحقق ويرسخ بالتلاعب بأرزاق الخلق.

آن الوقت لوضع حد لهذا العبث الذى لن يقود إلى أى قيمة أو هدف. لا مستفيد من كل ما يحدث سوى الذين لا يعنيهم خير هذا الوطن ما لم يتأكدوا من أن خيرات قد طوقتهم وتهدلت كروشهم على حساب حرمان يطول آلاف البشر.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فيديوهات اجتاحت السوشيال ميديا.. علاء الساحر وطليقته وقصة الاحتجاز والضرب

رابطة الأندية ترفض طلب الإسماعيلى نقل مباراته أمام الاتحاد لاستاد هيئة قناة السويس

وولفرهامبتون ضد مان سيتي.. جماهير الذئاب تكرم الراحل جوتا في المدرجات

مايوركا ضد برشلونة.. يامال أساسيا وراشفورد على الدكة في الدوري الإسباني

نانت يتمسك ببقاء مصطفى محمد ويستبعده من قائمة المعروضين للبيع


توتنهام يضرب بيرنلي 3-0 فى البريميرليج.. وتعادل برايتون ضد فولهام

هنادي مهنا تعيش نشاطا فنيا بمسلسل وفيلمين

الداخلية تضبط 2 تيك توكرز تقدمان محتوى رقص بحوزتهما أقراص مخدرة.. فيديو

استبعاد ربيعة من مباراة العين ضد البطائح رسميا فى الدورى الإماراتي

الأهلي يستفسر من لجنة الحكام عن سبب طرد محمد هاني فى مباراة فاركو


فيلم ريستارت يحتل المركز التاسع ضمن قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات

ترامب يرسل دعوة إلى قادة أوروبا وزيلينسكى لاجتماع الإثنين المقبل فى واشنطن

رئيس الوزراء: المواطن سيقدم إقرارا يتحمل فيه المسئولية القانونية فى حال عدم ثبوت صحة أو إخفاء معلومات فيما يتعلق بالإيجار القديم

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور

روميو وجوليت العصر.. تايلور سويفت تكشف كيف وقعت فى حب نجم الـ NFL ترافيس كيلسي

جمال عبد الناصر يكتب: بيتر بروك والمهابهاراتا..حين تتحول الملحمة إلى تجربة فى التلقى

وزارة التعليم: توفير كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026

أشرف داري يواجه شبح الرحيل عن الأهلي خلال ميركاتو الشتاء

وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها

أحمد شريف والدباغ يقودان هجوم الزمالك في التشكيل المتوقع أمام المقاولون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى