هل ثورة يناير ثورة؟

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم : وائل السمرى
نحن القتلة وهذه آيات القتل
يلومنى أصدقائى الذين كانوا يقفون بجانبى فى ميدان التحرير 2011 على أننى لم أعد أذكر كلمة «ثورة» فى كتاباتى، يلوموننى ولهم الحق فى اللوم، ولى الحق أيضا فيما أكتبه.

أنا هنا لا أفتخر بمشاركتى فى «يناير 2011» ولا أتنصل منها أيضا، فقط أنا تعودت على أن أكون صادقا مع نفسى، وأن أكاشفها بالحقائق المؤلمة، وأواجهها بالأمر الواقع، وأن أعيش بروحين، واحدة للاستهلاك اليومى تتلقى فى كل ساعة إحباطا، وأخرى للحلم تغسل رفات الإحباط من فوق الروح، ولست مصابا بالفصام، ولا مسكونا بالغايات الشخصية لأعتقد أن العالم قد توقف أو أن ثروتى ضاعت فيما ضاع مع «الثورة» فقد كان يناير صرحا من خيال، ومن العيب أن يتشقق الحدادون إذا ما انهار الصرح.

أسأل نفسى الآن: هل ثورة يناير ثورة حتى أكتب تلك الأحرف الأربعة بثقة ورسوخ؟ سؤال مرير يخرج من حلقى فاتحا الطريق لدخول عشرات الأنصال، زميلتى فى «اليوم السابع» زينب عبد اللاه، صرخت فى وجهى حينما طرحت هذا السؤال بصوت مرتفع: «أنت يا وائل اللى بتقول كده؟»، نعم يا زينب أنا من يقول.

نحن الذين «خربنا البلد»، ونحن الذين قتلنا «يناير»، قتلناها يوم أن استسلمنا للغوغائية، وأردنا «إسقاط النظام» باللانظام، ومضينا منتشين برعشة الحلم دون أن ندرك أن أول خطوة لتحقيق الأحلام هى الانتفاض من النوم، وقتلناها يوم أن ظننا أننا ملائكة مرسلين بالوحى من لدن الله، وأن ما على الرسول إلا البلاغ، غير عابئين بأن الرسل، حتى الرسل، مطالبون بالدعوة والتبليغ والإقناع والمداراة، وأن الرسالة لا تحيا بحسن النوايا، وإنما تحيا بحسن التدبر، وحسن التفكر، وحسن الإدارة.

نحن الذين قتلنا يناير، يوم أن ظننا أن النور الذى مسنا غمر الجميع وأن الظلام سيندحر من تلقاء نفسه، وأن القوة الحقيقة هى أن ترى الناس مدفوعين بالإيمان دون أن ندرك أن تثبيت الإيمان، هذا يحتاج إلى أضعاف مضاعفة من الجهد فى المطلوب فى الإيمان نفسه، وأن تثبيته، بعد العمل، يتطلب مددا إلهيا عصيا على المتجبرين.

نحن الذين قتلنا يناير وظننا أن دورنا قد انتهى بعد صناعة لوحة فنية رفيعة فى ميدان التحرير، غير مدركين أن للفن عيونا، وليس له أنياب كما أنه لا يملك القدرة على تقديم رغيف خبز إلى جائع أو شربة ماء إلى ظمآن أو قطعة ثياب إلى عارٍ، مفسحين بذلك المجال لمفسدى الأوطان ومخربى الأرواح ليضعوا فى كل فم جائع قذيفة، وينزلوا على كل ظهر عارٍ ستائر الجهل والغيبة والغفلة، ويرووا الظمآنين بمهل يغلى فى البطون. نحن الذين قتلنا يناير يوم أن تركنا بعض المشوهين ليتحدثوا باسمنا، وبعض المأجورين ليرقصوا على جثثنا، وبعض الموتورين ليصنعوا قراراتنا، وبعض الفاسدين ليتكالبوا علينا، قتلناها يوم أن حاربنا فى كل الاتجاهات ومزقنا كل التواؤمات، وظننا أننا رأس الثورة التى لا تحتاج إلى جسد لنفيق على ألا جسد لنا ولا رأس، وقتلناها يوم أن سمحنا للإقصاء أن يكون عملة رسمية، والتخوين ديانة متبعة، و«القبلية التحريرية» شريعة وعقيدة، وقتلناها يوم أبينا التصريح بأن «من يعبد الثورة فإن الثورة فى ذمة التاريخ ومن يعبد مصر فمصر باقية إلى يوم الدين» وأن «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية» غايات لو تحققت لأصبحت يناير «ثورة».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

باريس سان جيرمان يدمر ريال مدريد برباعية ويتأهل لنهائى كأس العالم للأندية

رادار المرور يلتقط 1124 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة

انقطاع الكهرباء بمناطق في العاشر من رمضان نتيجة اشتعال النيران بمحطة محولات 66

رئيس الوزراء: برنامج خاص بالإسكان الاجتماعى لإتاحة وحدات بديلة للمستأجرين الأصليين

إبراهيم سعيد يبكى فى أول ظهور له بعد الخروج من السجن: عايز حقى.. فيديو


الحوثيون: استهدفنا السفينة "إترنيتى" بزورق مسير و6 صواريخ باليستية

الهضبة يواصل التألق.. "ابتدينا" يدخل قائمة أفضل 10 ألبومات عالمية على سبوتيفاى

22 عاما على "اللى بالى بالك".. مكالمة من الزعيم أسعدت محمد سعد بعد عرض الفيلم

جيمس كوردن يشيد بتعاونه الغنائى مع ريهانا فى فيلم السنافر

مصدر بالزمالك: 14 يوليو موعدًا لجلسة الاستماع في الشكوى ضد زيزو


ريما حسن تعلن إطلاق سفينة جديدة لكسر الحصار عن غزة بعد احتجاز أسطول الحرية فى يونيو

تعرف على موقف الأهلي من انتقال أحمد عبد القادر للدوري السعودي

موعد مباراة بي اس جي ضد ريال مدريد في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

مهاجم بتروجت يقترب من المقاولون العرب في الموسم الجديد

تعرف على موعد انطلاق بطولة الدورى المصرى للموسم الجديد 2025 – 2026

كواليس 3 ساعات رعب فى طائرة ريال مدريد قبل مواجهة باريس سان جيرمان

الزمالك يستعيد أحمد حمدى بعد أداء مناسك العمرة

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور

وزارة الصحة تحذر 3 فئات من الخروج أثناء ارتفاع درجات الحرارة

فيلم ريستارت لـ تامر حسنى يحصد 87.6 مليون جنيه خلال 6 أسابيع عرض

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى