عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية

كريم عبد السلام
كريم عبد السلام
بقلم كريم عبد السلام
نحن ما زلنا مجتمعا بدائيا متخلفا يعتمد فى حركته وتصوراته وقراراته على الخرافة. والدليل أن قطاعا لا يستهان به من الناس فى بلدنا يتصورون أنهم عندما ينطقون الكلمة باستمرار فإنها تكتسب وجودها، وتتحقق فعلا وكأنها الطلسم الذى ينادى به الساحر القديم على التراب فيتحول ذهبا، خذوا عندكم مثلا الشعارات البراقة الجميلة فعلا لثورة 25 يناير «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» وفى هتاف آخر «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية»، عدد كبير منا مازالوا يتصورون أنهم عندما يتركون أعمالهم وينزلون الساحات والميادين ينادون على تلك الشعارات فإنها تتحقق، وبقدر قوة الأصوات وهديرها والتفانى فى النداء فإن المطالب تتحقق أسرع، وبقدر طاقة الغضب المصاحبة للصوت يرتفع مستوى تحقق هذه الشعارات!

لو تأملتم كلماتى ستكتشفون الصدمة، أن تلك هى طريقة تفكيرنا فعلا، ودعكم من أن تلك الشعارات تعكس مطالب حقيقية، فالمشكلة ليست فى الشعارات ولا فى الاحتياجات التى نعانى عدم تحققها، ولكن المشكلة الحقيقية فى تصدينا لتحقيقها بطريقة لا تسمح أبدا بالعيش، والحرية، والكرامة الإنسانية، أو العدالة الاجتماعية.

كيف السبيل إذن إلى هذه الشعارات الجوهرية؟ بالعمل، وبذل الجهد، والابتكار والاجتهاد والمثابرة وتقديم النموذج، ثم الدفاع عن الظروف المثالية التى تجعل من العمل ناجحا، وبذل الجهد وسيلة للترقى الإنسانى ومواجهة أشكال الاستغلال والفساد، فماذا فعلنا فى هذا الاتجاه سوى المطالبة، وتوجيه الانتقادات والاتهامات، ورفض الإصلاحات، والتشكيك فى النيات، وتبنى خطاب المتطرفين أعداء البلد فى بعض الأحيان، وتبنى وجهة النظر العدمية الساذجة حول ضرورة الفوضى الخلاقة والهدم لإعادة البناء فى أحيان أخرى؟.

عندما يبدأ كل منا فى العمل لتحقيق أحلامه فى الترقى الاجتماعى والاقتصادى فعليا من خلال مشروعه أو عمله أيا كان مجاله، نقترب من شعارات الثورة، وعندما نتوقف عن تضييع الوقت فى الكلام فقط وإدراك أن الوقت يساوى مالا، فعندها نقترب من شعارات الثورة، وعندما تكون مطالباتنا عملية متجسدة على الأرض ومتعلقة بالبناء والإنتاج، فإننا نسلك الطريق الصحيح لإنجاح ثورة يناير وشعاراتها.

القائلون بأن البناء من جديد لابد وأن يسبقه الهدم دجالون، ومروجو الفوضى باعتبارها ضرورة حتمية لقيام مجتمع العدالة والكرامة نصابون ولم يسمحوا سوى بالقمع الوحشى فى بلادهم، والذين يسلبون المجتمع تماسكه لصالح الاستقطاب والانقسام الطائفى والدينى والعرقى بزعم التعبير عن الذات، وحرية الرأى هم طلائع الاستعمار الجديد الذى يستخدم لغة العصر للإيقاع بالشعوب البدائية المتخلفة من أمثالنا، وعلينا نحن أن نختار الانصياع للأفاقين والكذابين والاستعمار الجديد، أم نطرح عن كواهلنا نير التخلف، ونشمر عن سواعدنا للبناء من أجل نهضتنا وتطورنا؟.

أصعب ما يمكن أن نواجهه فى الظروف الراهنة، الحيرة أمام الطرق التى يجب علينا المضى فيها، والتى تحتاج إلى كثير من التفكير والتأمل، فهناك الطريق السهل للمعارضة والانتقاد والاحتجاج، وهو يوفر لصاحبه قدرا من الرضا الذاتى وإن كان مزيفا، لأنه فى الغالب لا يكون مرتبطا ببذل جهد عملى كبير، وهناك طريق آخر للإصلاح بالعمل والإنتاج وخلق مناخ يحمى علاقات العمل من الفساد والاستغلال، من خلال التنظيمات العمالية والنقابات، أما الطريق الثالث فهو استخدام فائض القوة والمال والطاقة لتحقيق شعارات الثورة من خلال العمل التطوعى الجاد لرفع مستوى المجتمعات الفقيرة فى العشوائيات والريف وعلى أطراف المدن.

بحسب الطريق الذى تسلكه الغالبية يتحدد مسار ومصير هذا البلد، أما الزعيق والجنجحة والمطالبة المجانية بالمعجزات وإما العمل والابتكار لتحقيق شعارات الثورة على الأرض، فماذا تريدون؟
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الرئيس السيسى يستقبل رئيس مجلس الدولة الصينى.. ويؤكد حرص مصر على تعزيز التعاون مع بكين.. التطلع لجذب استثمارات فى الطاقة الجديدة والسيارات الكهربائية.. "لى تشيانج": الرئيس السيسي يحظى دائماً بترحيب بالغ فى بكين

أحمد السعدنى ناعيا سامح عبد العزيز: طيبة القلب وخفة الدم

بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير يتهمان نتنياهو بدعم حماس

إهمال الصيانة كلمة السر فى اشتعال النيران بمحطة محولات العاشر من رمضان والورديان.. وزير الكهرباء يغادر منفعلا بسبب الإهمال بالمحطة.. وتجاهل صيانة "مغير الجهد" وراء الانفجار.. وفتح تحقيقات مع المسؤولين

"شتلة بلوط" ومصافحة جذبت الأنظار.. ترحيب ملكى من تشارلز الثالث لـ ماكرون


تشييع جثمان سامح عبد العزيز بعد صلاة العصر من مسجد الشرطة ودفنه بالسويس

الأدلة الجنائية ترفع الآثار والأدلة من سنترال رمسيس لبيان سبب الحريق

يسرا تنعى المخرج سامح عبد العزيز وتعتذر عن عدم حضور الجنازة لهذا السبب

التعليم تحقق فى تداول أسئلة الأحياء والإحصاء للثانوية على جروبات الغش

الوصل الإماراتى يتراجع عن ضم وسام أبو على


طلاب الثانوية العامة يبدأون امتحان الأحياء والرياضيات والإحصاء

فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس المتفوقين وهذه شروط وموعد امتحان القبول

الأهلي يرفض مُبالغة الأندية الأخرى في طلباتها لبيع لاعبيها خلال ميركاتو الصيف

وفاة المخرج سامح عبد العزيز بعد تعرضه لوعكة صحية والجنازة من مسجد الشرطة

8 أغسطس موعد انطلاق بطولة الدوري المصري للموسم الجديد 2025 – 2026

عمر مرموش يتفوق على محمد صلاح في سباق الأغلى بالدوري الإنجليزي

احجز مقعدك الآن.. جدول قطارات القاهرة - الإسكندرية اليوم الخميس 10-7-2025

غدا.. آخر فرصة للتقديم على وظائف فى البوسنة برواتب تصل 52 ألف جنيه شهريا

تفاصيل نظام البكالوريا المصرية الجديد × 15 معلومة

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى