كيف هدم الإسلام الحكم الدينى؟

طارق الخولى
طارق الخولى
بقلم طارق الخولى
من قرأ التاريخ يدرك جيدًا أن كل مبتدع منذ مسيلمة الكذاب حتى الآن يأتى برجال دين يبررون، ويبرهنون، ويمهدون، ويحللون لإمامهم ارتكاب المعاصى والقتل والقمع باسم الدين، بل تصوير ما يفعل بأنه ابتغاء مرضاة الله، فيكون الموالون والمؤيدون للإمام هم عباد الله الصالحين، بينما يكون المعارضون هم الفجار الآثمين، فيصبح قتلهم وانتهاكهم جسديًا واجبًا على كل مؤمن، فنرى مشاهد أصحاب اللحى وهم يحملون السلاح فى مواجهة الأبرياء فى سوريا وليبيا والعراق، نراهم وهم يذبحون ويغتصبون تقربًا إلى الله، فهؤلاء يدعون إلى دين آخر، دين فيه غلظة واستباحة للدماء والأعراض، دين غير دين الإسلام.
فمن المتواتر بين العوام من الناس عبر الأزمان أنهم يثقون فى رجال الدين أكثر من غيرهم، فيأتمنونهم على دينهم ودنياهم، ويأتمرون بأمرهم باعتبار أنهم الأقرب للخالق- عز وجل- فيما يتفوهون ويفعلون، إلا أن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «دُعَاة على أبواب جهنم» قد أراحنا كثيرًا فى تفسير وتوصيف الكائنات التى ظهرت فى زماننا هذا يتحدثون باسم الدين، يرتدون لحى زائفة، ويفسدون على الناس عقيدتهم وعبادتهم، ويفتونهم بغير الحق الذى أنزله الله.

فالآن المنطقة العربية إزاء مواجهة حاسمة مع قوى الشر الثيوقراطية، حيث تؤوّل مجموعات من المتأسلمين النصوص الدينية بتفسيرات ذاتية تمكّنها من الوصول إلى السلطة، مستخدمين أحط السبل.. الدسائس والقتل واستمالة الأشخاص بالمال أو الإرهاب والنفاق والكذب على الله، مدعومين من دول تسعى لتفتيت المنطقة بالكامل وإضعافها.

فالثيوقراطية هى نظام يستمد الحاكم فيه سلطته أو شرعيته مباشرة من الإله، حيث تكون الطبقة الحاكمة من الكهنة أو رجال الدين، وتعتبر الثيوقراطية من أنواع الحكم الفردى، فلا يجوز لأحد مخالفة الإمام، باعتباره خليفة الله، وقد مرت أوروبا بهذا النوع من الحكم فى العصور المظلمة ما بين القرنين الخامس والعاشر الميلاديين، والتى وصلت فيها سلطة الكنيسة والكهنة إلى أبعد من إخضاع الشعوب والملوك لسيطرتها، بل إلى الحرمان من دخول الجنة حال الطرد من رحمة الكنيسة، وبإمكانها أيضًا منح صكوك الغفران لمن تشاء أو كيفما اقتضت مصالحها، وسميت تلك الحقبة بالعصور المظلمة لمحاربة الكنيسة لكل عالم ومفكر وفيلسوف يخالف معتقداتها.

أما الإسلام فقد جاء لهدم الحكم الدينى الممثل فى عصمة رجال الدين، ولكن بعض كتّاب المسلمين قد خلطوا بين الحكومة الدينية كما عرفتها أوروبا فى القرون الوسطى، وبين نظام الإسلام، فالحكم فى الإسلام ليس حكمًا ثيوقراطيًا، فالدولة الإسلامية ليست بهذا المفهوم، وعلماء الدين فى الإسلام ليسوا وسطاء بين العبد وربه، فضلًا على أن الدين الإسلامى نفسه ليس به رجال كهنوت، كما أن العلماء أو الحكومة فى الإسلام ليسوا أوصياء على خلق الله، لأن الحاكم ينتخب من الشعب، ويخطئ ويصيب ويحاسب ويعزل، وليس معصومًا، وليس فى الإسلام طبقة الكهنوت، وإنما يحكم فى الأمة أفضلها بشروط تقدمها وتختاره على أساسها لإدارة مصالحها فى الدنيا.

فمهمة الحاكم فى الإسلام تكاد تكون تنفيذية محضة، سواء عن طريق التنفيذ الحرفى للنصوص، أو الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص، وليست سلطة مطلقة، فسلطات الخليفة محدودة بالحدود الشرعية، لا يجوز له أن يتجاوزها، إنما يقوم بتنفيذ أحكام الشريعة بأمانة وإخلاص.

فسعينا فى المرحلة المقبلة يجب أن ينصب على تجديد الخطاب الدينى لنضمن حماية مصر من الحكم الثيوقراطى البغيض، وحتى تنتهى مظاهر تعدى المتأسلمين على المنطقة وممارسة القتل والقمع والتنكيل باسم الدين، فمصر قد عرفت تعاليم الإسلام منذ 14 قرنًا، والشعب المصرى أكثر شعوب الأرض تدينًا، فلن يأتى اليوم مُدّعو التدين ليفرضوا علينا دينًا غير الإسلام، دينهم دين الطمع الذى يعبدون، فكما علّمت مصر من قبل بأزهرها كل العالم علوم الإسلام، وجب لزامًا أن يكون تجديد الخطاب الدينى من على أعتاب الأزهر الشريف.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة الصحة تخصص آلية لاستعلام المواطنين عن قرارات العلاج على نفقة الدولة

اتحاد الكرة يناقش العروض الخارجية لاستضافة السوبر المصري

الاحتلال يُواصل الإبادة والتجويع فى غزة لليوم الـ 680

موعد مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري والقناة الناقلة

خلال ساعات.. نظر محاكمة 53 متهما بـ"خلية القطامية"


لافروف: واشنطن قد ترفع بعض العقوبات المفروضة على موسكو عقب قمة ألاسكا

موعد مباراة الأهلى القادمة أمام غزل المحلة بالدوري المصري

4 أعمال فنية فى مشوار ممدوح فرج التمثيلى.. ذكرى ميلاده ووفاته

وزارة التعليم: يحق للطالب عدم دخول امتحان الثانوية دور ثان ويبقى للإعادة

ملخص وأهداف مباراة ليفربول ضد بورنموث فى الدوري الإنجليزي


محمد صلاح يبكي بعد هتافات جماهير ليفربول لـ دييجو جوتا (فيديو)

النيابة العامة تقرر إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير

محمد صلاح يسجل فى فوز ليفربول الصعب على بورنموث 4 - 2 بالدوري الإنجليزي

تحية ورسالة ريبيرو لـ"ديانج" عقب مغادرة مواجهة الأهلى وفاركو.. فيديو

الأهلي يصعق فاركو برباعية في الدوري ويحقق انتصاره الأول مع ريبيرو.. صور

الحزن يسيطر على بيكهام عقب عدم مشاركته فى تشكيل الأهلى أمام فاركو.. فيديو

استقبال حار وضحك وهزار.. شاهد كيف استقبل ترامب بوتين فى آلاسكا.. صور

30 دقيقة.. الأهلي يتقدم على فاركو بثنائية شريف وزيزو.. فيديو وصور

إسبانيا تتأهل إلى نهائي بطولة العالم لليد 2025

هييه بقولك أنت.. غدا ذكرى ميلاد ووفاة ممدوح فرج بطل العالم في المصارعة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى