بناء الأسوار حول المقابر..غياب الموعظة وقطع صلة الرحم

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
بقلم - أحمد إبراهيم الشريف
على جانبى الطريق السريع فى إحدى قرى الصعيد، كانت المقابر مزروعة بقداستها ترقد فى سلام دائم، فقد مر على وجود بعضها فى هذا المكان سنوات عديدة، لدرجة أن أطرافها تهدمت، وربما توارى بعضها تماما خلف قبر آخر حديث البناء، هذه القبور قديمها وحديثها بألوانها البيضاء كافية لأن تجعل الجميع يلتزم الصمت عندما يمرون من أمامها وربما يرفع أحدهم يده، مشيرا بالسلام «السلام عليكم دار قوم مؤمنين.. أنتم السابقون ونحن اللاحقون»، بينما البعض الآخر يستمر ويزيد فيقرأ الفاتحة للموتى جميعا.

عندما مررت فى المرة الأخيرة على هذه المقابر كان يحيط بها سور عالٍ لا يسمح برؤية ما وراءه ولا تعرف الغاية من بنائه، قد استقر حائلا بينك وبين الآباء والأمهات والأجداد الذين رحلوا وتركوا لنا خيطا من الوصل عن طريق رؤية مقابرهم، الآن بيننا وبينهم أسوار أقامها المسؤولون، وليس هناك سبب واضح لهذا البناء، فالسور الكبير لم يكن الغرض منه حماية القبور، لأنه ليست هناك أبواب حديدية، وليس الغرض منه الحد من انتشار المقابر، لأن الطريق السريع قد فعل ذلك، لذا أطالب المسؤولين بأن يشرحوا فكرتهم عن الهدف من هذا البناء، خاصة أننى قادر على أن أحدثهم عن خطاياه ومنها:
الخطيئة الأولى بناء السور يحجب الموعظة التى تأتى من رؤية المقابر وزيارتها، فقد أصبح الغرباء والجيل الجديد الآن لا يعرف ما الذى يوجد خلف هذه الأسوار، لذا يمرون على الأجداد مرور الكرام أو وهم يمرحون متخيلين أن خلف هذا المبنى العالى مزرعة أو مساكن، فتغيب الموعظة التى تقوم على رؤية المقابر وكثرتها بما ينعكس على القلب والعقل فلا تصبح هذه القلوب مطمئنة، أما العقول فيصيبها الشره، لأنها فقدت الاتعاظ بالموت.

الخطيئة الثانية أن بناء هذا السور يصنع ما يشبه القطيعة بين الأحياء والموتى فوجوده يعنى إقامة حاجز نفسى بين الطرفين، وبالتالى ربما يدفن الرجل أباه وأمه، ثم ينسى زيارتهما، لأنه لا يوجد امتداد بصرى يسمح بمسافة من التأمل، وبذلك تتقطع العلاقات، فالإنسان يشعر بأنه كما يقولون «مقطوع من شجرة»، لا أصل له وهذا يدفعه لارتكاب عدد كبير من الأشياء غير القويمة فى الحياة.

الخطيئة الثالثة عزل القبور بهذا الشكل سوف يساعد على تفشى ثقافة «قطع صلة الرحم»، فلن يفكر الإنسان فى زيارة الأحياء، لأنه لم يعد حريصا على زيارة الموتى، وعليه فسوف يجد الإنسان نفسه وحيدا فى هذا العالم، لأنه كلما مر أمام السور غير المنتهى الذى يفصل قبور الموتى عن مساكن الأحياء خبت فى روحه عدم التواصل مع الآخرين.

ليس الحديث هنا بقصد تمجيد الموت، لكنه رفض لحجب العظة من حياتنا، لأنها تقومنا وتهدينا الطريق الصحيح، ولأن صلة الرحم مع الموتى سينعكس على رقة قلوبنا، ويبعث فينا من الرحمة ما يخفف أحزاننا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مياه الشرب بالقاهرة تعلن قطع الخدمة مساء اليوم 8 ساعات بعدة مناطق

ريبيرو يسجل الهدف الأول لصن داونز أمام بيراميدز فى نهائي أفريقيا

تأجيل محاكمة 35 متهما بـ"الاتجار فى العملة" لـ23 يونيو لمرافعة الدفاع

الأهلي يطمئن على جاهزية كريم فؤاد بعد التعافى من الرباط الصليبى

رئيس الوزراء يتابع أعمال تطوير ورفع كفاءة محور 26 يوليو ويتفقد مشروع جنة 4


رئيس الوزراء: مافيش دولة مافهاش مشاكل.. الأهم المبادرة بوضع الحلول.. صور

مدبولى: قطاعى الزراعة والصناعة يحتلان الصدارة فى مختلف الجولات الميدانية.. صور

آلاء النجار.. صور تبرز وداع الطبيبة الفلسطينية لأبنائها التسعة بعد استشهادهم

تشكيل مباراة ريال مدريد ضد سوسيداد فى الدوري الإسباني

انتخابات فوق الأنقاض بلبنان.. أهل الجنوب يتحدون نيران الاحتلال ويشاركون فى آخر مراحل الانتخابات البلدية.. عون يحث اللبنانيين على التصويت فى أول استحقاق بلدى منذ 10 سنوات: ضمانات بوقف العدوان فترة الانتخابات


السجن المشدد خمس سنوات للقنصل أكبر مزور للشهادات الجامعية والمهنية

عن احتمالية حدوث زلزال عنيف فى مصر.. مسئول بمعهد البحوث الفلكية يوضح

رئيس الوزراء يسلم وحدات “سكن لكل المصريين” بمدينة 6 أكتوبر الجديدة

تقرير الطب الشرعى يكشف مفاجأة فى واقعة تعدى جد على حفيده بشبرا الخيمة

الطلائع يدخل معسكرا مغلقا اليوم استعدادا لمواجهة غزل المحلة فى الدوري

الأهلي يرفض زيادة عرض رامي ربيعة ويرحب بانتقال اللاعب للإمارات

كلوب يفاجئ جماهير ليفربول في احتفالات التتويج بلقب الدوري: "أنا عائد"

البنك الأهلى يلتقى المصرى فى صراع المركز الرابع بالدورى اليوم

الطقس اليوم السبت 24 - 5 - 2025.. موجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

استقالة محافظ السويداء بسوريا بعد "احتجازه كرهينة فى مكتبه"

لا يفوتك


7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم السبت، 24 مايو 2025 04:05 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى