فوزى فهمى محمـد غنيــم يكتب: مجتمع يكره الالتزام بالقوانين ويعشق الاستثناءات

طلاب
طلاب
المجتمع المصرى الذى يعيش اليوم وهو يعطينا مثالا فريداً لمحاولتنا التحلل من القوانين، والالتجاء إلى الاستثناء والوساطة، نجد هذه الظاهرة فى أوائل كل عام دراسى، حيث يضغط الجمهور على دواوين وزارة التربية والتعليم ضغطاً مستمراً محاولا الخروج على مواد القانون الذى أعده الخبراء والفنيون ومن يوجهون التعليم فى مصر. فهذا يعمل على إدخال نجله المدرسة الابتدائية ولم يبلغ السن المقررة، وذاك يريد أن يدخل ابنه المدرسة الثانوية ضارباً بالقوانين الموضوعة عرض الحائط؛ فقد يكون قد تجاوز السن، وقد يكون غير حاصل على الدرجات المطلوبة. بل أن الانتظام فى التعليم الجامعى هو أيضاً من الأمور التى يريد الجمهور أن يتجاوز فيها القوانين. وإذا حاولت أن تقنع هذا الإنسان الراجى لم يقنع ولم يحاول الفهم لمَ؟، لأنه لا يزال يعيش بعقلية الماضى، عقلية الفوضى عقلية المحسوبية. وكم تعرض الواحد منا لسخط الكثيرين لأنه حاول أن يفهمهم الوضع الصحيح من أنه لم يعد مجال للوساطة أو التدخل. وتلمس هذا التحلل فيما يفرض على الجمهور من ضرائب، أنه يعمل بكل الوسائل على أن يتهرب منها أو من أغلبها، فلم تتكون بعد عندنا (العقلية الضريبية) إن صح هذا التعبير مع أن هذه الضرائب إنما هى فى صميمها مظهر تعاون الفرد مع الحكومة لتستطيع الوفاء بالتزاماتها نحوه.
 
 إن الفرد يطالب الحكومة بأن تهبه كل شىء، يطالبها بأن يتعلم ابنه بالمجان فى كل مراحل التعليم، فالتعليم للشعب كالماء والهواء، والتعليم ضرورة من ضرورات الحياة ينبغى أن توفرها الدولة. ويطالب الحكومة بأن تقوم على حماية الفرد والمجتمع، ويحاسبها حساباً شديداً إذا هى قصرت فى ذلك أو لم تبلغ الذروة فى استتباب الأمن، ودفع عادية المعتدى. 
 
والفرد يطالب الحكومة بتقديم خدمات ضخمة كإقامة المستشفيات وصرف الدواء بالمجان. ويطالبها بشق الترع وإقامة السدود، وتوفير المياه، يطالبها بكل أولئك ولا يريد أن يقوم بالتبعة أو يؤدى ما هو فرض عليه. فكيف تتمكن الحكومة إذن أن تمضى فى سياستها الإنشائية والإصلاحية وتوفير الخدمات الاجتماعية والثقافية للجمهور المتعطش إليها؟، ويتجلى هذا الخلق أيضاً فى الأداة الحكومية ذاتها فكل موظف يعمل على أن يستثنى، وأن يمنح درجات، وأن يتخطى الألوف، وكل يريد أن يصل إلى أسمى درجة بأقل مجهود يبذل، يسعى إلى ذلك ما وسعه السعى، لا يكل ولا يهدأ بل أن هناك من افتن فى تصيد المقربين إلى الرؤساء ومتابعتهم ليتحدثوا عنه، ويرفعوه درجة أو درجتين. ولو أن كلا منا كان له وازع من نفسه، وعرف قدر عمله ووضع نفسه موضع المتخطى فى الترقية لأراح واستراح، وأدى ما يطلب منه أداؤه بذمة وإخلاص، فهو لن يداجى، ولن يصانع بل سيقول قول الحق لأنه لا ينبغى مأرباً ولا يرنو إلى هدف يصيبه سواء أكان هذا الهدف قريباً أو بعيداً.
 
 قد يطول بنا الزمن بعض الشىء ولكننا فى الطريق سائرون وإلى الهدف الأسمى مقتربون. وحتى يحين هذا الوقت فسيضيع الكثير من أوقاتنا، وسيهدر بعض من مصالحنا، ولنحص إذا تهيأ لنا ذلك – هذا الوقت المضيع إحصاء دقيقاً فى مصلحة من المصالح الحكومية، إننا سنراعى حتما وستكون نتيجة الإحصاء مؤذية لمن يغارون على الصالح العام، صالح الدولة التى تحتاج فى عهدها الحاضر إلى العمل، والعمل الدائب الموصول. وأنت تجد صورة من هذا التحلل فى المدرسة أيضاً أو الجامعة أو معاهد العلم، فالطلاب لا يقدرون المسئولية الملقاة على عواتقهم فيحاولون ما وجدوا إلى ذلك سبيلا عدم الانتظام فى حجرات الدراسة وإذا ضيق عليهم حاولوا أن يثبتا حضورهم ثم يخرجون إلى ملعب المدرسة وهم يحاولون أيضاً أن يزايلوا المدرسة، حيث يقفزون أسوارها أو يتمارضون وكلمة (التزويغ) عندهم تساوى كلمة (البطولة) ولا يعرفون أن الدولة تحترق من أجلهم، والآباء يكدحون ليتعلموا ويصبحوا رجال المستقبل العاملين، وقد يحرمون أنفسهم متاع الحياة الدنيا وخيراتها، وأن عملهم هذا له عواقب وخيمة فى مستقبل البلاد، وما تعلق عليهم من آمال كبار؛ هم لا يحفلون بكل هذا، ويصمون عنه أذانهم، ولا يفتحون له قلوبهم. إنهم يرون المدرسة سجناً، وقاعة الدراسة قيداً ثقيلا غليظاً. ولمَ ذلك؟ لا تدرى إلا أنها الموجة الزاحفة موجة (التحلل) من القوانين والخروج عليها.
 
 إن هذا الخلق يطالعك فى المنزل وفى المدرسة، وفى كل مكان من المجتمع حتى أصبح عنواناً من عناويننا، وسمة من سماتنا وأضحى قوة من القوى المدمرة فى كياننا، فلنحاول التخلص منه والضرب على أيدى المؤمنين به، والعاملين له لنحيا حياة أخرى حياة فيها ( الضبط والربط ) بلغة العسكريين وما أقواها من حياة .
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تدريبات انفرادية لـ منذر طمين على هامش استعدادات المصري للموسم الجديد

المشدد 15 عاما لتشكيل عصابى حاول تهريب مخدرات عن طريق البحر بجنوب سيناء

مرصد الأزهر: سرايا أنصار السنة بسوريا امتداد فكرى لداعش فى ثوب محلى

الأمم المتحدة: انهيار شامل لمنظومة الغذاء فى غزة

التونسي حسام السويسي ينتظم اليوم فى معسكر الطلائع بالإسماعيلية


عودة حركة القطارات على خط القاهرة ـ الإسكندرية عقب إعادة العربات لمسارها

الأجواء شديدة الحرارة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة اليوم

شلبي والزناري ونيمار مقابل أحمد ربيع.. الزمالك ينهي اتفاقه مع البنك الأهلي

زى النهارده.. الأهلى يهزم المقاولون ويتوج بطلا للدوري للمرة السابعة على التوالى

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟


الإسماعيلى يعدل موعد اختبارات الناشئين.. اعرف التفاصيل

تعطل حركة القطارات على خط القاهرة ـ الإسكندرية لخروج عربات عن مسارها

إخلاء سبيل عامل بكفالة 10 آلاف جنيه فى واقعة تسريب امتحانات الثانوية بالشرقية

الطرق البديلة قبل غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يوليو 1977 العثور على الشيخ الذهبى وزير الأوقاف السابق مقتولا برصاصة فى عينه اليسرى من خاطفيه الإرهابيين أعضاء «التكفير والهجرة»

مركز حراسة المرمى.. أول الملفات الشائكة على طاولة يانيك فيريرا فى الزمالك

جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق صاروخين من اليمن ونجاح اعتراض أحدهما

اعترافات المتهمين بالتنقيب عن الآثار بحثا عن الثراء فى بولاق الدكرور

سان جيرمان يبدأ تحضيراته لمواجهة ريال مدريد فى قمة مونديال الأندية.. صور

أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شيئا للزمالك وتجديد عبد الله الصفقة الأفضل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى