لذلك تظل كل الكوارث بلا حلول

سامح جويدة
سامح جويدة
بقلم - سامح جويدة
النسيان نعمة، ولكنه فى مصر لعنة. فما تكاد المشكلة تحدث أو المصيبة تقع حتى يضج الإعلام بالنقد والسب والتوبيخ، ويخرج المسؤولون كالنمل للرد والمؤاساة والترنيخ، ثم فجأة ينتهى الموضوع ويسقط مع التاريخ، ويظل الناس عائشين فى البطيخ. فهى إما «حمرا أو قرعة» لا يهم، فالنسيان يصنع الشربات من الفسيخ !!. نفعل ذلك فى كل كوارثنا بلا أى استثناء، ولو من قبيل التغيير. وكنت بالأمس، أتحدث مع أحد أصدقائى من معدى البرامج التليفزيونية عن القضايا التى سوف يناقشها فى الحلقة الجديدة من برنامجه.. فقال لى إن الساحة لا يوجد بها موضوعات ساخنة، فاقترحت عليه أن يناقش كارثة الهجرة غير الشرعية، فضحك ساخرا، وهو يقول«الموضوع دا اتهرا وخلص خلاص». 
 
وللأسف لقد صدق رغم أن الهرى لم يفلح فى إيقاف هذه الكارثة ولا هى خلصت خلاص. بل مازال الملايين من شبابنا يحلمون بالهجرة غير الشرعية، ومازال المئات يركبون البحر كل يوم فاردين أكفانهم وهم يعلمون أن الموت أقرب لهم من أى شاطئ. لم يتغير أى شىء ولم نعط لأى شىء الوقت الكافى أو الاهتمام اللازم لكى يتغير. اكتفينا بالنحيب واللطم والولولة وبالتصريحات واللجان والوعود المؤجلة. وفى انتظار الكارثة القادمة، لنعيد نفس الفيلم، وكأنها هوامش على تاريخ النكسة. والله أعلم كم من أبنائنا سيغرقون فى المركب القادمة. ولكن إلى أن يحدث ذلك، فالنسيان نعمة. فلم نجد حكومة تتبنى هذه القضية وتجعلها شغلها الشاغل ولا حتى عرفنا أن هناك وزارة قررت أن تعالج هذه الظاهرة من جذورها. ولا شاهدنا حزبا يوجه كل مجهوداته لمواجهة هذه الكارثة ويلتحم مع هؤلاء الشباب البائس، ويسمعهم ويقنعهم بأن الوطن مهما كان بخيلا فهو أكرم بكثير من الموت غريقا. حتى الجمعيات الأهلية والحقوقية اكتفت بالصراخ والعويل وشتم الدولة والمسؤولين ثم أخفت رأسها فى الطين. فما الفائدة من كل ما حدث وما العبرة وما التغيير المنتظر طالما أن المجتمع بكل جبهاته قرر أن إكرام الميت دفنه ودفن الموضوع كله معه.
 
حتى مجلس النواب الموقر، الذى يحتفل الآن ببلوغه المائة وخمسين ربيعا، لم يفعل أى مجهود حقيقى ليمنع موت هذه الزهور فى ملوحة الأمواج، وسافر الأعضاء لشرم الشيخ ليستمتعوا بجمال البحر ويحتفلوا بإنجازاتهم التى لا يعرفها أحد. كل مصائبنا نعالجها بهذا المخدر بلا استثناء، فالنسيان أسهل وسيلة لاستمرار الحياة فعلا، ولكن بلا ضمير أو إحساس  بالمسؤولية. لذلك قررنا أن ننسى كل شىء إلى أن يذكرنا بكوارثه القدر!!. فننسى أن فى القاهرة أعلى معدلات التلوث فى العالم حتى تكتب إحدى الصحف الأجنبية أن مصر أصبحت مسممة، فمياه النيل يلقى فيها كل عام أكثر من 15 ألف طن من الملوثات الكيميائية والبشرية والحيوانية ومعظم الخضراوات والفاكهة يتم ريها بمياه الصرف، والهواء ملوث بعشرات المصادر المسمومة. كلنا نعرف هذا ولم يتحرك أحد. 
 
كلنا يدرك مصائب الطرق والمرور فى مصر، ويموت الآلاف كل عام ولم يهتز أحد. كلنا نعيش مأساة التعليم وسوء المناهج وطرق التدريس والأجيال تتخرج بلا أى قدرات أو علم ولم ينقذهم أحد. كلنا نشاهد البلطجة فى الشوارع حتى أن التحرش بالنساء أصبح فعلا شائعا بعد أن كان فاضحا ولم يقف للبلطجة أحد. الفساد يعم البلاد ويسرق كل يوم مليارات حتى أصبح أسلوب حياة ولم يحاربه أحد. لذلك تظل كل الكوارث بلا حلول فكل ملفاتنا السوداء متروكة للنسيان ورحمة القدر ولم ينشغل بها أحد. ثم نصرخ من الانحدار والسقوط ونتساءل أين هذه الدولة الذى كانت منارة العالم فيما مضى وأين الحضارة والقوة والرخاء ونتجاهل أننا نحن جميعا السبب!!..

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشكيل بيراميدز المتوقع أمام صن داونز.. رمضان وإبراهيم وماييلى بالهجوم

اليوم.. رئيس الوزراء يحضر احتفالية مرفق الإسعاف المصرى

أكرم القصاص يكتب: «راوتر شيخ البلد».. زيارة «فيس بوك» لقريتنا

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 24 مايو 1901.. الخديو عباس الثانى يصدر أمرا بالعفو عن أحمد عرابى ويسمح له بالعودة إلى مصر بعد 19 عاما قضاها فى منفاه بسيلان

مقدونيا الشمالية تسجل أول حالتي إصابة بمرض جدري القردة


صفحات الغش الإلكترونى تنشر أسئلة امتحان التاريخ للصف الأول الثانوى بالقاهرة

أحمد عيد يعود لتقديم الكوميديا السوداء فى فيلم الشيطان شاطر

البنك الأهلى يلتقى المصرى فى صراع المركز الرابع بالدورى اليوم

ماهى سيناريوهات تتويج الأهلى وبيراميدز بلقب بطل دوري nile ؟

ريال مدريد يختتم مشواره في الدوري الإسباني أمام ريال سوسيداد الليلة


استقالة محافظ السويداء بسوريا بعد "احتجازه كرهينة فى مكتبه"

رحلة بلا عودة.. تفاصيل اللحظات الأخيرة لغطاسى ميناء السخنة فى السويس

قفزة اقتصادية.. 501 مليار جنيه استثمارات الهيئات الاقتصادية فى خطة 25/26

الإسماعيلى يدخل معسكرا مغلقا اليوم استعداداً لمواجهة الجونة بالدوري

موجة شديدة الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم السبت 24 مايو 2025 فى مصر

وزارة الخارجية تعلن إعادة 71 مواطنا مصريًا من ليبيا

نابولي يتوج رسميا بلقب الدورى الإيطالى للمرة الرابعة تاريخيا.. فيديو

كارول سماحة برفقة ابنتها تالا: أكون لك الأمان والسند والحضن الدافى لآخر لحظة من عمرى

من الروضة إلى قباء.. قلوب الحجاج فى حضرة النبوة.. حجاجنا يزورون المعالم الإسلامية بالمدينة المنورة.. المصريون يسيرون على دروب الطمأنينة من جبل أحد لمسجد القبلتين.. حاجة: دعوت لأولادى ولبلادنا وسعيدة برحلة العمر

حلمى طولان يكشف سبب التراجع عن تعيين حسام البدرى مدربا للمنتخب فى كأس العرب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى