العاصمة الإدارية الجديدة حلم مصرى أصيل

د. خالد عصفور
د. خالد عصفور
بقلم د. خالد عصفور
ظهرت فى وسائل الإعلام مؤخرا أحاديث حول الأسباب التى دفعت الحكومة لتدشين مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، لكنها لم تخفف من بعض الانتقادات المصاحبة لهذا المشروع: هناك سببان لإقامة هذا المشروع كما ورد على صفحاتها: الأول أن المشروع سيقلل من اختناق العاصمة الحالية من حيث الزحام السكنى والخدمى، وهذا كلام جميل وكلنا عارفينه ومنطقى جدا، لكن لا يجيب عن سؤال الأولوية.. لماذا الآن ومصر محتاجة كل مصدر دخل متاح للخروج من الكبوة الاقتصادية التى تعانى منها، السبب الثانى هو رفع قيمة الأرض الصحراوية التى كانت لا تساوى شيئا، لكن بعد المشروع سيصل سعر المتر إلى 1000 جنيه هذا على افتراض أن الناس ستفضل السكن جنب الوزارات والسفارات المتواجدة فى العاصمة الجديدة مع العلم أن عندنا أمثلة أيام السادات من مدن لم تنجح فى جذب مجتمعات جديدة لبعدها الشديد عن مركز القاهرة، هذا لا يعنى أن الفكرة خطأ وخصوصا بعد دخول استثمارات صينية بـ35 مليار دولار منذ أيام قليلة، لكن الكلام عن المشروع محتاج القليل من "بهرات وتحابيش".
 
قبل البدء فى مشروع ضخم كهذا وضخ أى أموال فيه، أرى أنه يجب الاجتماع بكل الشركات الكبيرة التى تسيطر على حركة العقارات فى مصر منها الأجنبى ومنها المصرى ثم تقوم الدولة بإعطاء الأرض لهم "ببلاش" نعم "ببلاش" ثم تشاركهم بمقدار رمزى فى الربح  عند البيع، يقوم هؤلاء ببناء 30% من الأرض والدولة تبنى الوزارات وخدمات عامة مثل مستشفيات ومدارس ونوادى وحدائق عامة على 10%، مع العلم أن الشركات الكبيرة هذه يجب أن تخاطب فئات المجتمع الأربعة وهى الفقيرة والمتوسطة والفوق المتوسطة والغنية، يترك لهذه الشركات حرية التصميم و التسويق. و لكن مع التشديد على وقت إنهاء المشروع وتسكينه مع مراجعة سعر البيع حتى لا يبالغ فيه. و مع بداية حركة البيع و السكن و نزوح عدد كبير من المواطنين (بسبب ان سعر الوحدة السكنية سينخفض جذريا نظرا لان سعر الارض منعدم)، يتم فتح باقى مسطح المشروع للاستثمار المباشر للمواطنين والشركات الصغيرة و لتكن تحت ادارة الهيئة الهندسية، بعدها يتم الإعلان عن اتفاقية مجمعة بين الدولة و هؤلاء الشركات للمرحلة الأولي، على رأسهم الشركات الصينية التى تم الاتفاق معها مؤخرا، فى حفل إعلامى كبير لا يقل أهمية عن الذى تم عمله لقناة السويس.
 
أما من ناحية التخطيط و الفكر المعمارى لابد من إعطاء هوية متميزة للمشروع لا مثيل لها فى مصر مثل التى تتمتع بها مدينة "مصدر" فى ابو ظبى لتصبح سبب وجيه للعيش فيها من قبل جموع المصريين ولكى يسهل تسويقها محليا ودوليا.
 
وهكذا يكون التعامل مع المشروع اعلاميا : الدولة لم تدفع مليم واحد فى المشروع، بل هى شريك فى تحقيق "الحلم المصرى الأصيل" فى عاصمة جديدة "ليس لها مثيل"، إذ أن أرض المشروع ببلاش لأى مواطن يريد أن يبنى سكن له ولأسرته لكن يدفع تكلفة المرافق الممتدة للأرض ويكون البناء فور تسلم الأرض بالمرافق، والذى يتأخر عن البناء يتم سحب الأرض منه وإعطائها لمواطن آخر، وأولية حجز الأراضى تذهب للمواطنين الذين يسكنون بنظام الإيجار القديم فى احياء القاهرة المزدحمة وبهذه الأولوية يمكن فك الاشتباك بين المالك والمستأجر والذى دام عقود طويلة دون حل، وتذهب الأولوية أيضا للمصريين المغتربين الذين يمكنهم دفع الثمن بالدولار لإعادة تدفق العملة الأجنبية إلى البنوك المصرية، وعند استلام الأرض يلتزم أصحابها بالتصميمات ومواصفات البناء الموجودة فى كراسة الشروط و يتم الكشف الدورى على عملية البناء من قبل الجيش حتى نبعد عن فساد المحليات. وممكن للمواطن أن يتعاقد مع الجيش مباشرة لبناء مسكنه اذا أراد أو مع أى مقاول اخر تحت مراقبة الهيئة الهندسية .
 
من المتوقع أن تتحمس شركات المقاولات الكبيرة المشتغلة بمصر فى الإسهام بالمشروع خصوصا بعدما أعلنت الشركات الصينية دخولها فى إعمار العاصمة، ولكن اذا رفضت هذه الشركات عرض الرئيس يتم فتح بيع أرض المرحلة الثانية للمصريين و للشركات المحلية الصغيرة مباشرة على أساس الأرض ببلاش ويقوم أى مصرى بحجز الأرض و دفع ثمن المرافق التى تصل اليها و التى أسست على تخطيط مسبق للمشروع، وبعد نجاح المرحلة الثانية ستقبل هذه الشركات شروط الاستثمار التى طرحت عليهم سابقا لأن هذا المشروع سيخفض سعر العقار جذريا فى القاهرة بصفة عامة ما يؤثر على اقتصاديات مشاريعهم القائمة وخصوصا إذا تكررت التجربة فى محافظات أخرى بمصر.
 
نتذكر سويا أن جمال عبد الناصر عمل مشاريع كبيرة و لكن وقعه على المصريين ازداد قوة بعدما وزع الأراضى الزراعية على الفلاحين ببلاش (طبعا على حساب ملاك آخرين وده موضوع قابل للجدال) وهكذا تكون رؤية رئيسنا: بدلا من اعتبار المشروع فرصة تكسب منها الدولة بضعة مليارات تمتص فى سد ثغرات الموازنة المالية  بطريقة غير محسوسة للفرد العادى تقوم الدولة بتوفير أرض البناء للمواطنين ببلاش تحت شعار "ابنى بيتك وحقق حلمك" وبهذا الشعار تنبثق طاقة إيجابية هائلة من قبل الرئيس لتعم جموع المصريين، وينطلق من المشروع شرارة حماس تحرك عجلة الاقتصاد المتباطئة وتضفى تفاؤل على الوضع الراهن يمكن بها أن نواجه تحديات المستقبل .
أستاذ بكلية الهندسة –جامعة مصر الدولية
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رباعية الأهلى فى فاركو على مائدة هيثم شعبان بحثاً عن أول فوز مع الطلائع

حسام عاشور: رفضت اللعب للزمالك علشان خاطر جمهور الأهلي

إمام عاشور يشارك فى التدريبات الجماعية للأهلى الإثنين المقبل

ليس لديهم استراتيجية لإنهاء حرب أوكرانيا.. صحيفة: مأزق أوروبى بعد قمة ألاسكا

مانشستر سيتي يبدأ حملة استعادة عرش الدوري الإنجليزي ضد وولفرهامبتون.. سجل حافل وأرقام قياسية يدعمان "البرنس" فى أولى معارك البريميرليج.. و153 مليون جنيه إسترليني حصيلة صفقات ميركاتو الصيف


المقاولون العرب يتسلح بـ13 صفقة جديدة فى مواجهة الزمالك بالدوري

سفير مصر في لاهاي يتسلم قطعًا أثرية تنتمي للحضارة المصرية القديمة من هولندا

ليفربول ضد بورنموث.. أرقام قياسية بالجملة لـ محمد صلاح ورفاقه

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور

وزارة التعليم: تسجيل غياب الطلاب يوميا بالعام الدراسى الجديد 20 سبتمبر


مواد المرحلة التمهيدية "أولى ثانوى" بالبكالوريا للعام الدراسى 2026

حبس عاطلين 4 أيام بتهمة الاتجار في المخدرات بالجيزة

أشرف داري يواجه شبح الرحيل عن الأهلي خلال ميركاتو الشتاء

صراخ "أنس".. رضيع بغزة مصاب بثقب في القلب وسوء تغذية وليس له علاج بالقطاع

الطفلة سبين النجار تفقد القدرة على الحركة والتنفس بسبب التلوث ونقص العلاج فى غزة

مواعيد مباريات اليوم السبت.. السيتي يواجه ولفرهامبتون وبرشلونة ضد مايوركا

تعرف على الطول المناسب للتقديم بكلية الشرطة لهذا العام

30 أغسطس محاكمة المتهمة بالتشهير بفنانة على السوشيال لحضورها من محبسها

إنبى يواجه وادى دجلة اليوم بحثا عن الفوز الأول في الدورى

جريزمان على أعتاب قائمة تاريخية في الدوري الإسباني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى