بوتين سيلعب على المكشوف

مغازى البدراوى
مغازى البدراوى
د. مغازى البدراوى
منذ وقوع أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 فى نيويورك وانطلاق "الحملة الأنجلوسكسونية" المشتركة بين واشنطن ولندن ضد ما أسموه بـ"الإرهاب العالمى"، والجدل يسود العالم حول المحرك الأساسى وراء هذا الإرهاب، والشكوك تتزايد يومًا بعد يوم حول جهات تحرك هذه الجماعات الإرهابية من داخل الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فى روسيا التى لها سوابق فى التعامل مع هذه النوعية من الجماعات، فى أفغانستان مع المجاهدين الأفغان ومع حركة طالبان، وبعد ذلك فى الشيشان، وكان الدعم والتمويل من واشنطن ولندن واضح فى هذه الحالات، وهو أيضًا ما انكشف بعد ذلك مع تنظيم القاعدة الذى تركته الحملة الأمريكية على الإرهاب وذهبت تدمر فى أفغانستان وتقتل المدنيين، ثم انتقلت للعراق لتعيث فيه خرابا وقتلاً وتدميرًا ونهبًا لثرواته، كل هذا والجدل يدور حول الجهات التى تحرك هذا الإرهاب العالمى وتقف وراءه. 
 
على المستويات غير الرسمية تشير الكثير من أصابع الاتهام إلى واشنطن، وتتردد أقاويل من شخصيات أمريكية عامة تعترف بدور أمريكى فى تأسيس وتحريك ودعم هذه التنظيمات، مثل تصريحات هيلارى كلينتون المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى حول دور واشنطن فى تأسيس تنظيم داعش، أما على المستوى الرسمى فيبدو أن الخوف من النفوذ والضغوط الأمريكية هو سيد الموقف، فلا نسمع من القادة وكبار السياسيين أى اتهامات لواشنطن، اللهم بعض التلميحات على استحياء وخوف من غضب البيت الأبيض، فقط الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو الوحيد الذى امتلك الجرأة والقدرة على المواجهة وتوجيه الاتهامات، وذلك منذ البداية عندما رفض غزو العراق، ثم بعد ذلك فى مؤتمر ميونيخ للأمن عام 2007 والذى شهد أول هجوم رسمى من دولة كبيرة على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية، حيث شنّ فيه بوتين هجومًا شديد اللهجة على الولايات المتحدة، بسبب سياسة الهيمنة، التى تنتهجها، ودورها فى اندلاع نزاعات مسلحة حصدت عددًا كبيرًا من الضحايا، وذلك بحضور نخبة من قادة وسياسى العالم، بما فيهم وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس الذى كان يجلس على بعد أقل من مترين من المنصة ونظرات بوتين طيلة حديثه موجهة إليه، هذه الجرأة من بوتين بقدر ما أغضبت وأثارت قلقاً شديداً لدى الأمريكيين والإنجليز، بقدر ما حظيت بإعجاب وتقدير الغالبية العظمى من دول العالم، بما فيها دول أوروبية كبيرة مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرهم، فقد قال بوتين ما يريدون هم قوله لكن الضغوط الأمريكية تمنعهم. 
 
لم يتراجع بوتين ولم يتردد ولم يخشى الضغوط الأمريكية، بل زاد جرأة وشراسة فى وجه الغطرسة الأمريكية، انعكس ذلك بوضوح فى هجوم القوات العسكرية الروسية فى أغسطس عام 2008 على جورجيا لردعها عن اعتدائها على الجمهوريتين الصغيرتين أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، ودخلت القوات الروسية الأراضى الجورجية واقتربت من العاصمة تبليسى وباتت على بعد بضعة كيلو مترات من القاعدة العسكرية الأمريكية هناك، وتوقع العالم رد فعل قوى من واشنطن الحليف الأكبر لجورجيا، لكن شيئاً لم يحدث، وحينذاك بدا بوتين الشخص الأقوى فى العالم كله، وذلك بشهادة الأمريكان والبريطانيين ووسائل إعلامهم 
 
وجاءت الأزمة السورية التى أدى التدخل العسكرى الروسى فيها إلى قلب كل الموازين الإستراتيجية الإقليمية والعالمية أيضًا، فقد ظهرت روسيا على الساحة السورية كقوة عسكرية جبارة ومنفردة بالأجواء ولا أحد يجرؤ أن يشاركها هذه الأجواء إلا بموافقتها والتنسيق معها، والكثيرون يطمحون لذلك، عدا واشنطن ولندن اللتين أثرتا تجنب الصدام المباشر واكتفيا بتوجيه الاتهامات والانتقادات لموسكو، لكنهما كانا فى نفس الوقت يلعبان أدوارًا أخرى فى الخفاء، فى دعم الجماعات الإرهابية فى سوريا، وكلما زادت خسائر هذه الجماعات من الهجمات الروسية علا صراخ وعويل لندن وواشنطن بالاتهامات الكاذبة باستهداف المدنيين، وفشلت كل محاولات التنسيق والحوار بين موسكو وواشنطن فى مكافحة الإرهاب، وذهبت واشنطن تخلط ما بين المعارضة المعتدلة والتنظيمات الإرهابية، مثل "جبهة النصرة"، وزاد غضب واشنطن على موسكو مع القصف الروسى المكثف للإرهابيين فى حلب، وعلت الاتهامات التى وصلت لدرجة التهديد بتوقيع عقوبات على روسيا، وتهديد أجوف بالتدخل العسكرى الأمريكى فى سوريا تراجعت عنه الإدارة الأمريكية بسرعة.
 
 الآن يبدو أن الرئيس الروسى بوتين قد نفد صبره ولم يعد يحتمل اللعب تحت الطاولات، فقرر اللعب على المكشوف وقرر تسمية الأشياء بأسمائها، وهذا ما بدا فى تصريحاته الأخيرة التى أدلى بها مؤخرًا للقناة الأولى فى التليفزيون الفرنسي، حينما قال أن شركاء موسكو فى الغرب يكررون أخطائهم عندما يستخدمون قدرات الإرهابيين العسكرية لتحقيق أهدافهم السياسية، وقال إن الدول الغربية التى تستخدم الإرهابيين والمتطرفين لا تدرك أن المسلحين سيخرجون عن سيطرتها فى نهاية المطاف. 
 
اتهامات صريحة من الرئيس بوتين بوقوف واشنطن ولندن خلف التنظيمات الإرهابية ودعمهما لها بالمال والسلاح، وهو الأمر الذى لم يرد عليه أحد بالإنكار، مما يعنى أن روسيا الآن تقود حرب شبه مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية بالوكالة، وأن بوتين سوف يستمر فى كشف الأوراق وتوجيه الاتهامات المباشرة، الأمر الذى ينذر بتصعيد وتوتر أكبر فى المنطقة، خاصة مع عملية "تحرير الموصل" التى ترى موسكو أن هدفها الرئيسى هو نقل تنظيم "داعش" من العراق إلى سوريا. 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم


وزارة التعليم: مسمى جديد لشهادات التعليم الفنى باسم البكالوريا التكنولوجية

الأقصر تدعم المزارعين.. علاج 40 فدانا من دودة القصب الكبيرة.. الانتهاء من زراعة 16 حقلا إرشاديا بمحصول الذرة الرفيعة.. 20 رخصة لمحال الاتجار في الأعلاف.. ومقاومة حشرة النمل الأبيض بـ 19 منزلا بالمجان.. صور

كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة


بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

محافظة الجيزة تعلن غلق كوبرى الجلاء 3 ساعات صباح الجمعة للصيانة

خطوات جديدة بعملية إعادة التوازن البيئى لبحيرة قارون.. إنزال كميات من يرقات الجمبرى.. تزويد البحيرة بـ 5 ملايين وحدة جمبري.. والتحسن النسبي في مياه البحيرة ساهم في النمو السريع لليرقات في الموسم الماضى.. صور

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو

تفاصيل سقوط 3 شباب طاردوا فتيات بسياراتهم على طريق الواحات.. القصة بدأت بمعاكستهم فى كافيه وانتهت بحادث مروع.. أم الضحية: أي فلوس مش هتعوض بنتي.. القانون صنف الأفعال كجريمة تحرش.. وعقوبات قاسية تنتظر المتهمين

ماك أليستر يصف محمد صلاح بـ"الوحش": أفضل محترف رأيته في حياتي

تطوير منظومة مواقف السرفيس فى الجيزة.. موقف حضارى جديد بكوبرى الصحابة بالمريوطية فيصل بسعة 400 سيارة.. يخدم خطوط أكتوبر والمنيب والسلام والمرج والمعادى والوراق.. والمحافظة تطبق منظومة إلكترونية للمراقبة

مطاردة مرعبة على طريق الواحات.. 3 شباب يتسببون في حادث لفتاتين والداخلية تتحرك.. الجناة يعترفون: حاولنا توقيف الضحيتين ومعاكستهما.. وثقنا الواقعة فيديو وسخرنا منهما.. والسجن المشدد مصير المتهمين.. فيديو

إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون: أنا فلاح أزرع الأرض والرزق على الله.. عبد القادر القط أعطانى صك الاعتراف بالموهبة وجمال الغيطانى احتفى بى.. يوسف إدريس جعلنى صحفيا.. ولويس عوض لم يأخذ حقه

اللجنة المصرية توزع آلاف الطرود الغذائية على سكان غزة.. عشائر القطاع: نشكر الرئيس السيسى على دعم القضية الفلسطينية.. القاهرة تدفع بمئات الأطنان للتخفيف عن النازحين.. وإسرائيل تكشف خطتها العسكرية.. فيديو وصور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى