رشيدة الركيك تكتب من المغرب: حوار مع الذات "2"

نقاش - أرشيفية
نقاش - أرشيفية

ويستمر الحوار مع الذات بنوع من الخشوع والإصغاء، بنوع من التصالح مع الذات، بنوع من الرقى فى البحث عن الجانب المظلم فينا، مع محاولة الفهم، على اعتبار أن الإنسان يفهم ولا يفسر كما هو الشأن بالنسبة للظواهر الطبيعية التى يتم الكشف عن أسبابها الحتمية.

 

والحقيقة أن السلوك الإنسانى بالغ التعقيد لا نملك سوى تقديم محاولات للفهم والتأويل بنوع من النسبية والذاتية على اعتبار أن الغير كما يقول سارتر هو "أنا ليس أنا" أنا يشبهنى ويختلف عنى: فما يعتبر بالنسبة لى مِؤلما مأساويا ليس بالضرورة كذلك عند الآخر، من هنا تعلمت أن الألم نسبى وأن السعادة هى مجال لنقاش طويل، وإن كان الألم مشتركا فليس بالضرورة بنفس الدرجة والكيفية :فما يجعلنى أنهار من أجله قد لا يحدث سوى ألما بالنسبة للآخر، نقس الشيء بالنسبة للسعادة فقد تكون سعادة العاطل فى العمل وسعادة الفقير فى المال وسعادة العاقر فى البنون.. لتبقى السعادة هى ما نفتقده وما نصبو بشغف لوجوده.

الاختلاف وارد إذن فلماذا نريد أن يشبهنا الناس حين نحكم عليهم من معتقداتنا وأفكارنا ؟

لماذا نحكم عليهم ونحاكمهم من منظورنا الخاص ؟ أليس الاختلاف مطلوبا، بل إن من الاختلاف يأتى أجمل الإتلاف.

لا غرو إذن أن الاختلاف يعنى رغبة فى التكامل بينما فى التشابه تكرار واستنساخ لنماذج مجتمعية عقيمة لن تضيف للإنسانية أى شيء سوى الملل بعد كل محاكمة فيعاود الاستئناف من جديد لتستمر الحياة بنوع من التكرار الممل، بينما نحن نؤمن بالاختلاف كضرورة إنسانية فيها ألفة وانسجام وانفتاح وقبول للآخر حبا فى نفسى وفيه ليسود الوئام ونستنشق الأكسجين بدون تلوث...

علمت أن التوتر يتلف الخلايا العصبية ويفقدها صوابها فتؤثر على أعضاء الجسم ثم تصاب وظائفه بالتعثر أو الشلل

فكيف يعيش إذن الفرد ويضمن بقاءه ؟

ومن تم كيف لمجتمع أن يستمر فى جو مشحون بالغضب والكره والسخط بدون انسجام ؟

هل يمكن للكراهية أن تعطى معنى للحياة ؟ وهل الاختلاف يعنى الكراهية ؟

إن حب الذات لن يتناقض مع حب الآخر، وأن كره الآخر يعكس كره الذات، لسبب واحد معقول هو أننا كلنا فى مركب واحد: إما أن نغرق جميعا أو ننقد جميعا فننجو عندما يعم التفكير الجماعى فى المصلحة الجماعية، عندما تذوب الذات بنوع من الطواعية وبالقدرة على القراءة النقدية الدائمة لها.

أكيد بالتأمل والنظر إلى الماضى نسير إلى الأمام، لذلك نرى فى كل أداة تنقل ونقل (كالسيارة مثلا) ثلاث مرآة كلها تنظر إلى الخلف من أجل الانتقال إلى الأمام. لاحظ أيضا أن السهم لكى يقذف إلى الأمام لابد من جره بقوة إلى الخلف...

لابد إذن من أجل حياة جماعية بنوع من التعاقد الاجتماعى أن تستمر فى جو من الحرية المقننة لا المطلقة السائبة.

ولأن الصداقة أهم من العدل فيجدر بنا أن تعم القوانين الإنسانية الصادرة عن الذات وعن الطبيعة الخيرة فينا، عندها سيعم العدل وسوف ينعم به الجميع بنوع من المساواة والتكافل حينها ستسود قوة الحق ويذوب حق القوة.، ثم سيستشعرها الإنسان بنوع من الرضا على اعتبار أن الضرر إن لحق بالإنسان سيكون دائما غير مقصود مما يؤدى إلى نوع من التصالح مع الآخر ومن تم التصالح مع الذات.

تذوب الذات دائما وسط ذوات أخرى وتستطعم كل أحاسيسها فقط بنوع من الاختلاف والإيمان بالقدرات والكفاءات حينها ستنطلق معبرة عن نفسها بشكل إيجابى يستفيد منه الكل على اعتبار أنها جزء من الكل وعلى اعتبار أن رغبة الإنسان- النابعة من طبيعته الخيرة ومن الجانب الطفو لى فى كل واحد منا - لن تتناقض مع رغبات بعضنا البعض، وإن اختلفت وجهات النظر، يبقى الحل دائما فى الإيمان بالاختلاف كشرط أساسى للوجود الإنسانى كذات واعية مفكرة مريدة، تنبث وتنفى، تقبل وترفض، وتتخيل واقعا بإمكانها الوصول إليه ما دام يوجد كصورة ذهنية فى عقله الشيء الذى لا نجده عند الحيوان لأنه لا يمتلك صورة قبلية لواقع يختاره ويريده ويتحمل مسؤولية قراراته فيه.

عموما يستمر الحوار مع الذات بنوع من القراءة التأملية لهذا الكهف الذى نسكنه والذى يحوى الكنز الذى نريده، وإن أخطأنا يكفينا دائما شرف المحاولة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

مدرب فلومينينسي يتحدى تشيلسي: هدفنا صناعة التاريخ

انطلاق تصوير فيلم Dune: Messiah فى بودابست وطرحه فى ديسمبر 2026

وزارة الطيران: إقلاع جميع الرحلات التى تأثرت نتيجة عطل الاتصالات والإنترنت

حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور


نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام

انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله

عقوبات مشددة لمخالفة قانون ممارسة الحياة السياسية.. الحبس وغرامات تصل إلى مليون جنيه.. 500 غرامة المتخلف عن التصويت واسمه بالبيانات بغير عذر.. واحذر إتلاف أو سرقة صندوق الانتخابات أو التعدى على أعضاء اللجان

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

بعد هجوم بيت حانون.. "القسام": سندك هيبة جيشكم وجنائزكم ستصبح حدثا مستمرا


شاهد مران الإسماعيلى الأول تحت قيادة الجزائرى ميلود حمدى

أخبار الرياضة المصرية اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة.. صور

بعد عام على استشهاده فى غزة.. العثور على رفات اللاعب رامز الكفارنة

الصحة تعلن أرقاما بديلة للإسعاف فى بعض المحافظات بعد تعطل الخط الساخن 123

الزمالك يواجه أورانج فى أولى ودياته استعدادا للموسم الجديد

سر ظهور آمال ماهر بفستان زفاف أبيض.. اعرف الحكاية

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

حين انتصرت الشعوب على الهيمنة.. دول تحدّت الطاعة العمياء لأمريكا وفضّلت مصلحة مواطنيها.. رفضت مقايضة الكرامة الشعبية بالرضا الغربي تمسكا بالقرار السيادي.. وأكدت: واشنطن لا تملك وحدها مفاتيح الشرعية

تأثر خدمات الاتصالات جزئيًا بعد حريق سنترال رمسيس.. ومحاولات لإعادة التشغيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى