أسامة عبد الحميد يكتب: اسم على مسمى

ستيف جوبز
ستيف جوبز

طبيعة الزمن الذى نحياه انعكست تغيراته على سلوكيات بعضنا، وكأننا أصبحنا نفصل أفكارنا وتصرفاتنا على مقاسات الزمن وملامحه، فأصبح البعض منا عاجزين عن وضع مشاعرهم فى مكانها وقالبها المناسب، فلا أفراحهم ولا أحزانهم تأخذ مكانها وتوقيتها الحقيقى، فيحزنون حين لا يجب أن يحزنوا، ويفرحون حين لا يجب أن يفرحوا، وكأن برمجة ما قد اختلت فى داخلهم، فحين يرحل مخترع قدم للبشرية ما ينفع، يتصدر البعض حملة السخرية منه ومن حُزن من حزنوا عليه، ويتبادلون المسجات التى تستهين به وبعقله من دون أسباب مقنعة، لكنها حتماً غير مجهولة، فصديق ما لا يتوقف عن وضع صور "مسنجرية" شبه عارية مخلة بالآداب والأخلاق والتربية، يتساءل ماذا قدم ستيف جوبز للأخلاق والتربية، وصديق آخر يستخدم منتجات "آبل" بدءاً من "الآيبود" وانتهاء بـ"الآيباد" يتساءل ومن خلال جهازه "الآيفون" ماذا قدم لنا ستيف جوبز، فهؤلاء يزرعون فى داخلنا الدهشة فى حجم الاستغراب من مواقفهم، مع أن بعضهم يرتدون ثوب المبادىء، ويعلو صوت إحساسهم بالنقص أمام كل ما هو متميز، ويتحدثون باسم الأخلاق والكثير منهم أبعد ما يكون فى أغلب المواقف عن الأخلاق، فمن مبادئ الأخلاق العدل وعدم بخس الناس حقوقهم وإنكار فضلهم.

 

التفاحة المقضومة تبكى مؤسسها وعقلها المحرك، الرجل الذى غير العالم ورحل، إنه ستيف عبد الفتاح الجندلي، المعروف باسم ستيف جوبز، واللافت أن لقبه جوبز يعنى وظائف، وهو اسم على مسمى بفضل توسيعه مجموعة آبل، أسهم فى خلق آلاف فرص العمل، فبرحيله أصبحت شركة آبل يتيمة بعد أن حقق لها أرباحاً خيالية وسوقاً عالمية، فهو أحد مؤسسيها ورئيسها الأسطورى، صاحب الحدث التجارى المتوقد بالأفكار العبقرية.

 

هو ابن السورى عبد الفتاح الجندلى أستاذ العلوم السياسية، ووالدته الأميركية جوان كارول، ولد فى 24 فبراير 1955 فى سان فرنسيسكو بولاية كاليفورنيا، ولكن والديه لم يكونا مقترنين ببعضهما فتبنته أسرة بول وكارلا جوبز، لكنهم تزوجا بعد ذلك وانجبا أخته منى المعروفة الآن بالكاتبة منى سمبسون، بعد ما اتخذت لقب زوج أمها الثاني، كبر وترعرع ستيف فى كنف أسرته بالتبني، وتفوق فى دراسته إلى أن وصل وتألق فى عالم الكمبيوتر وأجهزته المحمولة والهواتف النقالة متعددة الأغراض، ففى عام 1976 وهو فى 21 عاماً أسس شركة آبل مع ستيف ثانى هو ستيف نياك، ثم شاركهم رونالد وين بنسبة 10 % من الأسهم، إلا أنه انسحب من مشروعهم بعد أسبوعين وباع حصته، والسبب هو أن شريكيه طائشان وخاصةً جوبز الذى أدخل الشركة لمديونيات عالية للبنوك منذ بداية التأسيس، فتوقع الحجز على أمواله الشخصية خلال أشهر، وأن الشركة ستعلن إفلاسها فى وقت قريب، لكن اسمه ظل ملتصق بتاريخ آبل على الرغم من شراكته العابرة، وأثبتت له الأيام أنه كان متسرع فلو صبر قليلاً لتنعم بنعم التفاحة وأكل من طيباتها، وقضم عُشر أرباحها التى ما كانت لولا جهود جوبز وعبقريته فى انتاج منتجات أثرت فى جيل بأكمله وغيرت عاداته اليومية، وأحدثت ما يشبه ثورة اجتماعية قلبت وسائل التواصل بين البشر رأساً على عقب، وفضلاً عن عبقرية جوبز فى تبنى الأفكار الخلاقة وتطويرها، وهوسه باالحيثيات والتفاصيل وقدرته على استشفاف احتياجات المستهلكين بل أحياناً خلق تلك الاحتياجات بنفسه، ثمة عامل أسهم توفيق كمبيوتراته هى دارسته فن الخط حين كان طالباً شاباً.

 

لكن على الرغم من ارتباط اسم آبل بمؤسسها جوبز، فإنه غادرها عام 1985 جراء خلافات داخلية وصراعات، بعدما أسهم فى الارتقاء بها إلى مصاف شركة عالمية، ويُرغم عمالقة المعلوماتية على حذو حذوها واتباع خطواتها، لكن تنحى جويز أتى بعواقب وخيمة، فأحياناً نرى فريقاً كاملاً ينهار جراء غياب صانع ألعابه، فعلى تلك الشاكلة إثر تنحى جوبز انهارت آبل وتدنت مبيعاتها، وفى المقابل، ومثلما ينتعش الفريق بعودة قائده، تألقت آبل مجدداً إثر عودة جوبز، فبعد رحيله باع أسهمه كلها ما عدا سهم واحد احتفظ به من باب الذكرى، فأسس شركة أسماها "نيكست" وبعد غياب 12 عام عن آبل، عمدت آبل لشراء نيكست عام 1997 فعاد جوبز إليها وأصبح مجدداً المدير الأكثر تأثيراً فى توجهات آبل وسياساتها التسويقية وخياراتها التكنولوجية، وبفضل إطلاق الكمبيوتر "أى ماك" عززت آبل مكانتها العالمية وحققت أرقامها القياسية والتاريخية فى باب المبيعات، وتضاعفت أرباحها وبلغ مجموع أسهمها فى البورصة 364 مليار دولار، وأصبحت أغلى شركة فى العالم بعد تقدمها على عملاق البترول "إكسون موبيل" قبل أن تعود لتتبوأ المرتبة الثانية بعده.

 

ومن أهم خصال جوبز الإدارية، قدرته على خلق الحاجة عند المستهلك إلى بضاعة ما، قد تكون نافعة وقد تكون مجرد موضة، وبحسب خبراء المعلوماتية والاتصالات، لم يكن جوبز عبقرياً كمخترع ومبتكر على الرغم من إبداعاته الكثيرة، لكنه كان عبقرياً كإدارى يتسم برؤية تسويقية نادرة، أصبحت آبل بفضلها ما هى عليه، وعقب إعلان وفاته فى 5 أكتوبر قال عنه بيل غيتس صاحب شركات "مايكرو سوفت" أحد أهم منافسيه، وفى الوقت نفسه أعز أصدقائه " إن تأثير جوبز فى عالم الكمبيوتر والمعلوماتية والاتصالات المعاصرة سيظل قائماً لأجيال، وسنفتقده كثيراً مثلما سيفتقده عالم التكنولوجيا والتجديد والإبداع".

 

إن رجل بعقل ستيف جوبز يستحق أن نوجه له كلمة شكراً، فشكراً لروح ستيف جوبز ولكل روح قدمت لنا يوماً شيئاً مفرحاً أثار فينا دهشة جميلة وفرحة حقيقية.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

إحالة المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما إلى الجنايات

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام


تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

بدء إبلاغ المقبولين بكلية الشرطة بنتائج القبول للعام الدراسى الجديد

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة


وزير الداخلية يعتمد نتيجة قبول دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة

الأهلى يعرض على الرجاء المغربى 600 ألف دولار لشراء 6 شهور من عقد بلعمري

وفاة الفنان نبيل الغول.. أبرز مشاركاته ذئاب الجبل والشهد والدموع

تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي

الصفقة المجانية سر غضب الأهلى من برشلونة فى صفقة حمزة عبد الكريم

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

الأهلي يتعهد بالسماح لمصطفى شوبير بالاحتراف الأوروبى.. اعرف التفاصيل

عمر مرموش فى اختبار صعب مع مان سيتي أمام كريستال بالاس قبل أمم أفريقيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى