قرأت لك.. "جدل الدين والحداثة".. العرب يخشون الفكر الغربى دون دراسته

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

"يرتبط مدى حضور الدين أو غيابه بقدرته على تكريس روحانية مؤمنة، ينمو معها الشعور بالتواصل مع المقدس، على نحو يكفل طمأنينة للنفس وتساميا على الغرائز وتناغما مع المبادئ الأساسية للوجود، وهكذا تنمو العوالم الداخلية للإنسان، إذ يرتبط المؤمن رأسيا بعالم الغيب، على نحو يذكره بمآله ومصيره، ويستخرج منه أنبل ما فيه كالضمير الأخلاقى المريد للخير والهياب للشر، المدفوع إلى الحق والرافض للظلم، كما يرتبط أفقيا بعالم الشهادة حيث البشر الآخرون، ربطا يقوم على المحبة والتراحم، ويناهض القسوة والعنف" هكذا يقدم  الدكتور صلاح سالم فى كتابه "جدل الدين والحداثة" الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

والكتاب الذى ينافس فى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب، فى فرع التنمية وبناء الدولة، يضم بابين الأول بعنوان "مآلات الدين فى العالم الغربى"، ويقول مآلات لأن المسيحية الغريبة اشتبكت فى تجربة مكتملة يمكن الحكم عليها، مع المفاهيم الأساسية للحداثة، خاصة مفهوم التنوير، والعلمنة، وأنتجت مقولات وأشكال للحياة تنطوى فى تجربة تاريخية واضحة يمكن الحكم عليها.

 

بينما الباب الثانى فهو "مآزق الدين فى العالم العربى" لأن علاقة الإسلام - وهو الدين المهمين فى المنطقة العربية - هى علاقة إشكالية بالحداثة لا يزال يعتبرها تجربة غربية محضة، يخشى منها، ويندفع إلى العداء معها، ومن ثم تبلور تيار سلفى يرفض الحداثة بشكل مطلق، كما تبلور تيار توفيقى، يعتبر الحداثة تجربة غير معادية، لكن فى الوقت نفسه يتصورها بنية مكتملة غريبة عن بنية الثقافة العربية، ومن ثم نشأ لدينا فى العالم العربى تيار فكر مهمين يدعوا إلى الأصالة والمعاصرة، ولكنه يتصور الأصالة وكأنها سلة ممتلئة بالأفكار والمفاهيم، كما يتصور المعاصرة وكأنها سلة أخرى مملوءة بالأفكار والمفاهيم المختلفة، وأن العقل العربى يستطيع أن يجلس بين السلتين أو أمامهما ليلتقط من كليهما ما يبدو أنه يتناسب معه، ولأن هذا تصور مثالى أقرب إلى السذاجة التاريخية تجمد الفكر العربى، ولم يتنج موقفاً متجاوزاً من الحداثة، ولذا فإن الدعوة الأساسية التى يرتكز عليها الكتاب، إنما هى تجاوز الموقف التوفيقى هذا إلى موقف النقد التاريخى، والتعاطى مع مفاهيم كالحداثة والعلمنة والتنوير باعتبارها قيم إنسانية مشتركة، وليست فقط غربية وأن التراث العربى الإسلامى قد أسهم فى تأسيسها بقدر أو بآخر.

 

ويرى صلاح سالم أنه بناء على ما سبق يتعين عليه ليس فقط القبول بها مبدئياً، أو التعاطى معها إيجابياً بل اقتحامها بكل ثقة وشعور بالجدارة التاريخية، مع محاولة نقدها وتصويب المسارات المتطرفة فيها والتى تنتج أحياناً تيارات مادية، أو عبثية، ولكن شرط القدرة على ممارسة هذا الدور النقدى والإيجابى هو احترام الحداثة أولاً كبنية تاريخية كبيرة وشاهقة والتعاطى معها بمنطق التواضع، وذلك فى محاولة لسد بعض الثغرات الصغيرة فيها بدلاً من إدعاء بإمكانية الحلول الكامل فى محلها، أو بديلاً عنها.

 

والخلاصة أن هذا الكتاب لم يأت بهدف تكرار الدعوة إلى الموقف التوفيقى، لكن بهدف الغوص أسفله، وفى خلاله، كما فى سياقاته، كشفا عن ممكناته واختبار فرضياته، ليس فقط داخل التراث العربى الإسلامى بل وأيضا داخل التراث الغربى/ المسيحى، لنكتشف متى وكيف صار الغرب حديثا وتنويريا وعلمانيا؟.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

تطبيق مهم من جوجل يختفى على ساعة أبل

تطبيق مهم من جوجل يختفى على ساعة أبل الأربعاء، 02 يوليو 2025 12:00 ص

الأكثر قراءة

رضا البحراوى يعلن وفاة المطرب أحمد عامر

مصر تواجه الجزائر بالبطولة العربية لسيدات السلة

احجز رحلتك.. مواعيد قطارات "القاهرة - الإسكندرية" اليوم الأربعاء 2-7-2025

فيلم F1: The Movie يحقق 146 مليون دولار عالميا

قواعد صارمة.. ضوابط وشروط تلقى التبرعات للحملات الانتخابية البرلمانية


227 مليار جنيه للمعاشات.. أضخم دعم حكومى للتأمينات فى موازنة 2026

التشكيل الرسمى لمباراة دورتموند ضد مونتيري فى كأس العالم للأندية

محمد صلاح الأكثر صناعة للأهداف فى دوريات أوروبا الكبرى قبل إنطلاق البريميرليج

الامتحان فى جيبك.. مراجعة ليلة الامتحان بمادة الجغرافيا للثانوية العامة

تحديث عاجل من الأرصاد الجوية: سقوط أمطار رعدية على هذه المناطق


حادث حفار البترول.. ارتفاع الوفيات لـ4 أشخاص وطائرتان تساعدان فى البحث عن 6 مفقودين

رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول فور ظهورها والاستعلام برقم الجلوس

وزير العدل يصدر حركة ترقيات قطاع التفتيش الفنى بمصلحة الشهر العقارى

55 مباراة و 9 بطولات.. حصاد رحلة خالد عبد الفتاح بقميص الأهلى

الزمالك يطلب إلغاء بند عدم جواز الطعن علي قرارات رابطة الأندية

أوكرانيا والملف النووى الإيراني يتصدران محادثات بين ماكرون وبوتين

بلجيكى وإسبانى وفرنسيان.. اعرف أفراد الجهاز المعاون ليانيك فيريرا فى الزمالك

"فيفا" يدرس تعديل موعد نهائى مونديال 2026

نصف مليون جنيه تعويض لأسرة عبدالحليم حافظ بسبب إعلان "دقوا الشماسى"

زوجة كريم الحسينى تخضع لعملية جراحية خطيرة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى