تكريم عاصم نجاتى بعد إلقائه ورقة بحثية بعنوان المسرح المصرى بين شقى رحى

الفنان عاصم نجاتى
الفنان عاصم نجاتى
تونس - جمال عبد الناصر

كرمت إدارة مهرجان المسرح العربى بمدينة صفاقس الدكتور عاصم نجاتى المدرس بقسم التمثيل والإخراج بالمعهد العالى للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون بمصر عقب إلقائه الورقة البحثية التى حملت عنوان "المسرح المصرى بين شقى رحى".

 

وتناولت الورقة البحثية التى قدمها الفنان الدكتور عاصم نجاتى على العلاقة بين المبدع والإبداع والمجتمع وقال فيها: فى خضم ذلك الحراك التفاعلى بينهم يتشكل وعى المبدع مؤثرًا ومتأثرًا، منتجًا إبداعًا متوجهًا لمجتمعه ومؤثرًا فيه، ومتوارثًا لإبداعات سابقة له، متقاطعًا معها عبر محور التاريخ الرأسى، ومتجاورًا مع إبداعات أخرى هنا والآن عبر محور الحاضر الأفقى، فلا شك فى وجود علاقة تشابة أساسية بين المبدع والمجتمع: "فالعلاقة بين المبدع والمجتمع هى من ناحية علاقة ثابتة – لأنها تنبع من طبيعة الفن وطبيعة المجتمع ذاته – ومن ناحية أخرى علاقة دائمة التغير حيث تنبع من تغيرات فى الممارسة الفنية وفى الأشكال التى يتخذها المجتمع عبر العصور المختلفة".

 

وتتأكد هذه العلاقة - بين المبدع والمجتمع - بما أتى به فرويد عن اللاوعى الفردى، وما أتى به يانج عن اللاوعى الجمعى، وهذا ما يجعل ثمة علاقة أساسية بين الفن والمجتمع ويجعل المجتمع حاضر فى كل إنتاج إبداعى.

 

7641ca46-b19b-48e9-bb8c-e27f554217dd

وأضاف نجاتى: فى الخامس والعشرين من يناير 2011، هزت الثورة أركان المجتمع المصرى، بصرف النظر عن تقصى نتائجها على المستوى السياسى، ولم يكن المبدع المسرحى بمعزل عن تلك التغيرات العنيفة والمتسارعة، بل كان جزءًا من نسيج المجتمع الذى أصيب بصدمة وعى أفقدته توازنه لفترة قصيرة ليتخذ بعدها مسارًا آخر مختلفًا فى التفكير، ولعل من الطبيعى أن يظهر ذلك بشكل أكثر وضوحا لدى مبدعوا الفنون الأدائية ومن بينها المسرح، إلا أن الإشكالية الرئيسية تتحدد فى عدم قدرة غالبية العروض المسرحية ما بعد ثورة يناير على بلورة رؤية فكرية متجانسة تمثل تجلى واضح ومتماسك لفكر الثورة أو بالأحرى للفكر المسرحى بعد الثورة.

  

ويتسأل الباحث عن أسباب هذه الموجة من التشظى والاضمحلال الفكرى، وكيف تكونت وما هى طبيعتها؟ وسبل الخروج منها حتى لا يسقط المسرح المصرى بين شقى رحى، وقد يتطلب مثل هذا البحث تأمل تاريخ محاولات الفنان المسرحى المصرى فى تشكيل فكره المسرحى والنهوض بفنه متوجهًا لمجتمع يبغى نهضته.

 

وأوضح أيضا: مر المسرح المصرى بسبع مراحل أساسية، عاش المتفرج المصرى فى المرحلة الأولى فى ظل ظواهر شعبية شبه مسرحية متمثلة فى: خيال الظل – الأراجوز – شاعر الربابة – التمثيليات الهزلية... إلخ، لتأتى المرحلة الثانية، وهى مرحلة غزو القالب المسرحى الغربى للمجتمع المصرى عبر الغزو العسكرى الاستعمارى، والفرق الوافدة والبعثات الدراسية التى افتتن طلابها بفن المسرح الأوروبى (رفاعة الطهطاوى – على مبارك)، وحاول الكتاب آنذاك "تأصيل هذا الشكل المسرحى الوافد، بمحاكاة تقنياته: ترجمًة واقتباسًا، وإعدادًا، وفضل المسرحيون هذه الصيغة الغربية على ماكان لديهم من صيغ تراثية، وزاد المسرح بهذا ابتعادا عن نبض الجماهير.

 

وأشار نجاتى: طل علينا الإبداع المسرحى الخالص على الطريقة الغربية – فى المرحلة الثالثة – تأليفًا وإخراجًا وتمثيلًا. ليظهر محمد تيمور وتوفيق الحكيم ونعمان عاشور وغيرهم،  وما لبث بعض من من هؤلاء الكتاب حتى شرعوا فى – المرحلة الرابعة – الدعوة للعودة إلى فنوننا الشعبية، ليتصدر المشهد يوسف إدريس بدعوته لشكل عربى تألفه الجماهير تمثل فى مسرح السامر الريفى (مسرحية الفرافير)، ويدعو الحكيم فى كتابه "قالبنا المسرحى" إلى المسرح الشعبى الذى يعول على التقليد لا التمثيل، والفرجة المتضمنة عنصر الروى، ويزدهر المسرح إزدهارًا ملحوظًا فى الستينيات مدعومًا بالمشروع القومى وقتذاك.

8ea9b482-4bb7-46e1-a2e3-4174735f9cb9

وأكد نجاتى: تظل القضية كما صاغها محمود نسيم: هل نملك أشكالًا يمكن ابتعاثها واستخدامها فى التجربة المعاصرة، مدركين – مع الخصوصية التراثية – خصوصية اللحظة الحاضرة/ الزمان الآنى؟ وإلا يصبح الأمر نوعا من الاستغراق فى التراث ضد تاريخية الإنسان الاجتماعية والفنية، فالأشكال التراثية فى ذاتها لن تغير المدلول الاجتماعى للثقافة السائدة، فهى أشكال غير متطورة، مرتبطة بسياقها الاجتماعى والسياسى والثقافى الذى أنتجها، ومسألة ابتعاثها كما هى تجعل المسرح متحفا أثريا لأشكال منقرضة.

 

ويقول نجاتى أيضا: مالبث المسرحيون أن فروا ثانية من الأشكال التراثية، عائدين للشكل الغربى منهمكين على مستوى المضمون فى الهموم الوطنية، فمن مشروع قومى إلى نكسة إلى حرب أكتوبر ثم الانفتاح الاقتصادى، ليدخل المسرح مرحلته الخامسة فى السبعينيات والثماننيات وتظهر ظاهرة المسرح السياحى والمتفرجين العرب، من ناحية المسرح التجاري، ويظهر فى مسرح الدولة "الارتباط بقوى تيارى المسرح الملحمى والمسرح التسجيلى باعتبارهما من التيارات الثورية فكريا وجماليا".

 

وأوضح أيضا: يأتى جيل التسعينيات -المرحلة السادسة- ليجد الساحة المسرحية قد غزاها مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، وبدأ يستأثر بعقول الأجيال الجديدة، ويمتد هذا التأثير حتى نهاية العقد الأول من القرن الحالى، فيسود مسرح الصورة وتهرب هذه الأجيال من مواجهة قضايا مجتمعها الساخنة، مكتفية بشجب مظاهر الفساد البادية للأعين، وتهرع نحو الصياغات النائية التجريبية، التى لا تخاطب غير ذواتها المتقوقعة داخلها، مسايرة جيلها القصصى والشعرى الغارق فى همومة الصغيرة.

236f00d6-ecf3-4865-90a0-1cb75d2411a8

ويستدرك نجاتى: لكن برزت كوكبة من كتاب المسرح ومخرجيه وصناع الصورة المرئية، حاولت جاهدة أن تؤكد ذاتها وتقدم رؤاها وفى المرحلة السابعة التى نحياها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، خفت المضمون الثورى، الذى افتقد التماسك الفكرى كما أشرت فى البداية، ولملمت عروض الشارع أمتعتها ثانية لتنعزل داخل العلبة الإيطالية، تتلمس طريق البحث عن تيار رئيسى تمتطيه، فلا نرى سوى بعض التجارب الفردية المتميزة، مع سيادة للبنية الإسكتشية الكوميدية، ثمة تشظى وفوضى يعتريان المنتج المسرحى المصرى.

 

وختم نجاتى ورقته البحثية قائلا: نحن ما بين الفوضى والتجارب الفردية المتميزة، على العقول المسرحية الواعية والمواهب الفذة أن تترك همومها الفردية متكاتفة من أجل صنع تيار مسرحى ذا قيمة فنية عالية، تيار يحمل سماته العامة ولكنه يستوعب فى الوقت ذاته تنوعات الإبداع التى تشكل سمة رئيسية من طبيعته، فمع ثقافة مسرحية رفيعة متوازية مع ثقافة عامة عميقة، ومع تدريب وجهد مضنى للمبدع غير المنفصل عن هموم وطنه، ومع تيار نقدى جاد غير زائف، يمكن لطموحاتنا المسرحية أن تتحقق .

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بيان من النيابة العامة بشأن الخدمات الإلكترونية المقدمة للمحامين

رود خوليت مهاجماً حسام غالي: عقليته كانت سبب طرده من جميع أندية أوروبا

تفاصيل التعاقد مع يانيك فيريرا والجهاز المعاون يضم 5 مساعدين أجانب

البلجيكى يانيك فيريرا مديرًا فنيًا للزمالك والإعلان خلال ساعات

رئيس "التنظيم والإدارة" يعلن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية


الإفراج عن 1027 من نزلاء مراكز الإصلاح بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو.. فيديو

جلسة تاريخية لمناقشة قانون الإيجار القديم تحت القبة.. رئيس المجلس: القانون ليس فيه أية شبهة عدم دستورية.. ولن يترك مواطن بلا مأوى.. والحكومة تتعهد لرئيس النواب بإرسال بيانات أعداد المستأجرين الأصليين وأعمارهم

البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع

النيابة العامة تتيح 3 خدمات إلكترونية لقضايا الأسرة المقيدة قبل 2023

ضمانات حكومية في تطبيق قانون الإيجار القديم.. لا طرد للمستأجرين.. الالتزام بتوفير بدائل سكنية بعد 7 سنوات بقواعد خاصة تراعي السن.. وتؤكد: "عدم إصدار القانون سيكون له ضرر بالغ علي المستأجر"


أم صلال القطري يعلن عودة كارتيرون

مصدر بالزمالك: الإعلان عن المدرب الجديد خلال ساعات

رئيس الوزراء: 5 ملايين مستفيد من المبادرة الرئاسية "تكافل وكرامة"

حزن يخيم على تونس.. 20 غواصًا يبحثون عن الطفلة مريم فى قاع البحر

أحسن التصرف وإلا قطعنا التمويل.. ترامب يهدد المرشح المسلم لعمدة نيويورك

انفجار ناقلة نفط تحمل مليون برميل قبالة سواحل ليبيا

وزير الصحة يكشف عن حالة حبيبة وإسراء وآيات الناجيات من حادث الطريق الإقليمي

الرئيس السيسى للمصريين: أشعر بكم وتخفيف الأعباء عن كاهلكم أولوية قصوى للدولة

الداخلية تواصل حملاتها للكشف عن تعاطى السائقين للمخدرات على كافة الطرق

مواعيد مباريات اليوم.. الإنتر ضد فلومينينسي ومان سيتي مع الهلال فى مونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى