ذات يوم.. طلاب الكونغو يشعلون النار فى السفارة الأمريكية

باتريس لومومبا
باتريس لومومبا
يكتبها: سعيد الشحات
توجه طلبة الكونغو الدارسون فى مصر بمظاهرة إلى مبنى السفارة الأمريكية فى «جاردن سيتى» بالقاهرة فى مثل هذا اليوم «27 نوفمبر 1964»، وتمكنوا من إشعال النار فى مكتبة «الاستعلامات الأمريكية» وألقوا كرات ملتهبة على أجزاء أخرى من مبنى السفارة، وشبت حرائق وحدثت خسائر، طبقا لتأكيد «محمد حسنين هيكل» فى كتابه «سنوات الغليان» مضيفا: «كان السفير الأمريكى وقتها هو «لوشيوس باتل»، وهو واحد من أكفا الدبلوماسيين الذين خدموا فى مصر وأكثرهم حماسة لتحسين العلاقات بين البلدين».
 
اندلعت المظاهرات بعد تدخل سافر من أمريكا فى الكونغو، بتقديمها طائرات لنقل قوات مظلات بلجيكية لغزو مدينة «ستانلى فيل»، التى لاذت فيها بقايا الحكومة الوطنية فى الكونغو، التى كان يقودها الزعيم الوطنى لومومبا قبل اغتياله على يد قوات الاحتلال البلجيكى يوم 17 يناير 1961، وبدأت الأخبار تصل عن مذابح فى ترتكبها القوات البلجيكية التى عززتها كتائب من المرتزقة الأجانب، وحسب هيكل، فإن الثورة عمت كل أفريقيا، وأبرق الرئيس الجزائرى «أحمد بن بيللا» إلى كل رؤساء أفريقيا يقترح التعاون فى اتخاذ تدابير عملية لوقف العدوان، وانعقد مجلس الأمن فى اجتماع طارئ، ووجه الأمبراطور الإثيوبى «هيلاسلاسى» بصفته رئيسا لمنظمة الوحدة الأفريقية دعوة لعقد مؤتمر قمة أفريقى فى أديس أبابا.
 
أدارت مصر هذه الأزمة بطريقة خاصة يوضحها «هيكل»: «تركت زمام المبادرة للجزائر تتحدث فيها باسم القوى الثورية فى القارة، ولإثيوبيا تتحرك فيها باسم القوى المحافظة إلى جانب رئاسة إمبراطورها لمنظمة الوحدة الأفريقية»، ويعيد «هيكل» أسباب هذا الموقف الحذر إلى أنه فى هذا التوقيت انتهت اتفاقيات مشتريات مصر من القمح الأمريكى، وحان وقت تجديدها باتفاقيات تحل محلها، وأحست الحكومة المصرية بأن نظيرتها الأمريكية تتلكأ فى فتح باب المفاوضات لعقد اتفاقيات تغطى سنة 1965 وتفى باحتياجات مصر فيها، ويؤكد «هيكل» أن البيت الأبيض كان يبحث ويفاضل بين سياسة التصعيد أو التهدئة مع مصر، وكانت المناقشات فى أروقة صنع القرار الأمريكى تطرح بالتساؤل جدوى التعامل مع جمال عبدالناصر، وما إذا كانت مواجهته بالضغط والعنف أكثر فائدة من ملاينته واسترضائه.
 
فى المقابل، كان للحكومة المصرية تصوراتها أيضا، وحسب هيكل، كان هناك رأيان، الأول يرى تشديد الضغوط على أمريكا باعتبار أنها متورطة إلى الآخر فى «فيتنام» و«مفضوحة» فى الوقت ذاته فى الكونغو، ولذلك لا تملك الدخول فى مواجهة مع مصر، وستفتح باب التفاوض لتوريدات القمح، والثانى يرى أن «القوى الأعظم» حيوان من نوع جديد فى العالم، والتعامل معه يقتضى مرونة فى الحركة تتجنب مواجهته بالتناطح رأسا برأس.
 
فى هذه الأجواء وقعت مظاهرات «طلاب الكونغو»، وشب الحريق فى السفارة الأمريكية، وحسب هيكل، فإن السفير الأمريكى تقدم باحتجاج رسمى تسلمه وكيل وزير الخارجية السفير «فريد أبوشادى»، لكنه أفضى بملاحظات أخرى إلى الدكتور محمود فوزى، نائب رئيس الوزراء، للشؤون الخارجية، ورجاه أن يقدمها إلى الرئيس جمال عبدالناصر وهى:1 - إن العناصر التى هاجمت السفارة الأمريكية لم تكن كلها من طلبة الكونغو، فقد كانت هناك وجوه سمراء بمقدار ما كانت هناك وجوه سوداء،2 - إن قوات الإطفاء تأخرت فى الوصول مما ساعد على انتشار النيران،3 - إن كفاءة الأمن المصرى معروفة، ولا يمكن أن يفلت منها كل هذا العدد من المتظاهرين، الذين وصلوا إلى السفارة، كما أنه من المستغرب أن يصل هؤلاء بكل شحناتهم من الكرات القابلة للهب دون اعتراض، 4 -إن الحادث وقع فى اليوم الذى تحتفل فيه أمريكا بـ«عيد الشكر»، وهو لهذا ينتظر أن يكون أثره على الرأى العام الأمريكى مضاعفاته، وإنه كصديق لمصر يجد نفسه مضطرا إلى أن يقول: إن هذا الحادث جاء فى أسوأ وقت ممكن بالنسبة إلى الاتصالات الدائرة بين البلدين فى قضايا عديدة سياسية واقتصادية.
 
طلب عبدالناصر من رئيس الوزراء على صبرى تقريرا مفصلا، وكان رأيه أن الحادث خطير لأنه يعكس قصورا من الأمن المصرى، وطبقا لـ«هيكل»: «اتصل عبدالناصر بمحمود فوزى» قائلا له: «الخطأ علينا هذه المرة، وأنا لا أستكبر فى الحق، ولهذا فإننى أرى أن تدعو السفير الأمريكى وتقدم له اعتذار الحكومة عن الحادث واستعدادها لدفع تعويض عن خسائره».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فاركو عن مواجهة الأهلى: :"مباراة لعلاج حموضة صفقات الصيف"

من خصام الأخ إلى حضن النهاية.. القصة الكاملة لخلاف هدى سلطان ومحمد فوزى

ماذا يفعل الأهلى مع صافرة محمد معروف قبل مواجهة فاركو الليلة ؟

القوات المسلحة تواصل جهود إدخال المساعدات لقطاع غزة.. فيديو

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر


مروان بابلو وليجى سى وشهاب يحيون حفلا غنائيا الليلة بمهرجان العلمين

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

سعر الذهب فى مصر يتراجع بالأسواق.. وعيار 21 يسجل 4540 جنيها

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت


أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى السبت 16 أغسطس بالعربى والدين.. وزارة التعليم تكلف الملاحظين وتشكل غرفة عمليات لمتابعة الاختبارات.. وتؤكد: الأسئلة بنفس مواصفة الدور الأول.. وتشدد على مكافحة الغش

تعرف على قائمة أغنيات فيلم الرومانسية Materialists

تعرف على الفرق بين اختصاصات مجلسى النواب والشيوخ وفقا للقانون

مروان عطية ينتظم فى تدريبات الأهلي خلال 10 أيام بع جراحة "الفتاق"

من البطاطس إلى القهوة.. موجة الغلاء تضرب موائد العالم.. الأرز والكاكاو وزيت الزيتون ضحايا جديدة للتغير المناخى.. ارتفاع الأسعار تصل حتى 280%.. سعر القهوة يزيد 100%.. والزيتون يواصل الصعود بنسبة 50% سنويا

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

91 مليون دولار عالميا لفيلم Weapons حول العالم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى