دار الإفتاء ترد على من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوى: إطلالة للرحمة الإلهية

دار الإفتاء
دار الإفتاء
لؤى على

أوضحت دار الإفتاء فى فتوى مفصلة لبيان الحكم الشرعى والرد على من يحرم الاحتفال، وكذلك حلوى المولد، وردا على من يحرم الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.

 

وقالت دار الإفتاء إن المولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه؛ فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾.

 

وأضافت ردا على سؤال ما حكم الاحتفال بالمولد النبوى وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟، والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبى صلى الله عليه وآله وسلم ومحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.

 

وصح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، وقال ابن رجب: محبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهى مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره﴾.

 

ولما قال عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شىء إلا من نفسى، قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لا والذى نفسى بيده؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك»، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى، فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «الآن يا عمر» رواه البخارى.

 

والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.

 

وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.

 

ونص جماهير العلماء سلفا وخلفا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، بل ألف فى استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.

 

إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

 

ويدخل فى ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف؛ فإن التهادى أمر مطلوب فى ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته فى وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبا مندوبا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبا واستحبابا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.

 

ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سلم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم رضى الله تعالى عنهم به صلى الله عليه وآله وسلم ولكن للفرح أساليب شتى فى التعبير عنه وإظهاره، ولاحرج فى الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة فى ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأى عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهة هو موليها.

 

وقد ورد فى السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه؛ فعن بريدة الأسلمى رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إنى كنت نذرت أن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كنت نذرت فاضربى، وإلا فلا» رواه الإمام أحمد والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.

 

فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبى صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبى صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإن إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة فى نفسها أكثر مشروعية وأعظم استحبابا.

 

وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب وهو من هو كفرا وعنادا ومحاربة لله ورسوله بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقرة من كفه كل يوم إثنين فى النار؛ لأنه أعتق مولاته ثويبة لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم،كما جاء فى صحيح البخارى، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون.

 

وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول: «ذلك يوم ولدت فيه» رواه مسلم من حديث أبى قتادة رضى الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأولى بالأمة الائتساء به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكل ماعون ينضح بما فيه.

 

وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيرة النبوية "سبل الهدى والرشاد فى هدى خير العباد" عن بعض صالحى زمانه: "أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى منامه، فشكى إليه أن بعض من ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلم: من فرح بنا فرحنا به.

 

وكذلك الحكم فى الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القرب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغب فيه شرعا؛ لما فى ذلك من التأسى بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعى بتذكر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب إبراهيم﴾، ﴿واذكر فى الكتاب موسى﴾، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضا؛ حيث يقول تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب مريم﴾،؛ إذ من المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صديقة لا نبية، كما ورد الأمر الشرعى أيضا بالتذكير بأيام الله تعالى فى قوله سبحانه: ﴿وذكرهم بأيام الله﴾، ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر؛ ولذلك كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع شكرا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالا بيوم ميلاده كما سبق فى حديث أبى قتادة الأنصارى فى صحيح مسلم، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرا لله تعالى وفرحا واحتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام.

 

وكرم الله تعالى يوم الولادة فى كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: ﴿وسلام عليه يوم ولد﴾، وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ﴿والسلام على يوم ولدت﴾، وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمة الإيجاد، وهى سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس من تحديد أيام معينة يحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح فى هذه المشروعية ما قد يحدث فى بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، وينبه أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذى أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مشروع صناعى عملاق فى قلب الصحراء.. الوادى الجديد توقع العقود النهائية لتنفيذ أكبر مجمع لإنتاج حمض الفوسفوريك فى "أبو طرطور".. شراكة "مصرية – صينية" بقيمة استثمارية 658 مليون دولار لاستغلال مليار طن فوسفات.. صور

أنغام: محجوزة فى المستشفى بسبب أزمة صحية من 4 أيام.. ولا أحب المهاترات

أمطار فى عز الحر.. الأرصاد: ما شهدناه اليوم غير مسبوق.. وغدًا أكثر حرارة

تحديث عاجل من الأرصاد الجوية: سقوط أمطار رعدية على هذه المناطق

وزير الدفاع الإسرائيلي: بعد أن وجهنا ضربتنا لطهران فالدور سيأتي على اليمن


رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول فور ظهورها والاستعلام برقم الجلوس

ريبيرو يستقر على عدم إجراء تعديلات بقائمة حراس الأهلى فى الموسم الجديد

ترامب: أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة الأسبوع المقبل

إيران: قدراتنا الصاروخية في أفضل حالاتها وجاهزون للرد على أي عدوان

إحالة سائق ومالك السيارة المتسببة فى حادث الطريق الإقليمى إلى الجنايات


مصر تتصدى لعمل الأطفال.. وزير العمل: وجهت بتكثيف حملات التفتيش بعد حادث المنوفية وإطلاق المسح الوطني لعمالة الأطفال قريبا.. وزارة التضامن: 6 ملايين طفل يستفيدون من الدعم النقدى

تعرف على مواجهات ليفربول خلال شهر يوليو استعدادا للموسم الجديد

رامى عياش يحتفل بـ25 عامًا من النجاح بألبوم جديد ومتنوع

الهيئة الوطنية: 24 أغسطس الصمت الدعائى لإعادة انتخابات مجلس الشيوخ

أحمد عصام السيد يبدأ تصوير فيلم ابن مين فيهم أمام ليلى علوى وبيومى فؤاد

سقوط أمطار غزيرة على مناطق بالقاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارة

رئيس التعبئة والإحصاء: اعتبرنا المستأجرين البالغين 60 عاما سكانا أصليين

ريبيرو يرفض رحيل زيزو.. ويؤكد: نمبر وان فى تشكيل الأهلى بالموسم الجديد

بدء صرف السلع المدعمة لأصحاب البطاقات التموينية لشهر يوليو 2025

موعد مباراة ريال مدريد ضد يوفنتوس فى كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى