علا الشافعى تكتب:أعمال نجيب محفوظ "الفاضحة" لا زالت تعرى زيف المتاجرين!.. رغم أنف المتطرفين والمزايدين ستظل "حميدة" و"نفيسة" و"إحسان" شخصيات من لحم ودم تعكس واقعا سياسيا واجتماعيا وتحمل فلسفتها الخاصة

نجيب محفوظ وفيلم قصر الشوق والسكرية وزقاق المدق
نجيب محفوظ وفيلم قصر الشوق والسكرية وزقاق المدق

يبدو أنه كتب علينا أن ننجر دائما لمعارك "تافهة"، وأن نقف لنرد على أصحاب عقول أقل توصيف لها هو أنها "مريضة"، تلك العقول التى نخرها التطرف، وجعلها تستفيق لتخرج علينا بآراء صادمة ومثيرة للدهشة، خصوصًا وإننا لا نستوعب كيف قرر أن يخرج علينا نائب شعب همام بآراء صادمة ليصف أدب نجيب محفوظ بأنه خادش للحياء العام، وأن "السكرية وقصر الشوق" هى أعمال تضم العديد من الأحداث والشخصيات التى خدشت حياء سيادة النائب، والتى أراهن نفسى على أن سيادته بمجرد أن يرى الفيلم معروضا على إحدى القنوات فإنه يتمنى أن يكون مكان أحمد عبد الجواد (يحيى شاهين) ذلك الرجل صاحب الشخصية القوية والمسيطرة والذى "يشكم" أهل بيته ويرتعبون بمجرد سماع "نحنحته"، والذى يملك حياة أخرى وسط العوالم والراقصات وهى حياة الفرفشة  والبهجة"..

فيلم السكرية
فيلم قصر الشوق

هذا الرأى وغيره مما قيل أسفل قبة مجلس النواب المصرى، حيث اعتبر آخر أن بعض الأعمال الأدبية تحتوى أفعالا فاضحة، أقل ما توصف به أنها تسبب الغثيان لأنه لا يصح ولا يجوز أن يتم اجتزاء شخصيات وخلعها من سياقها الدرامى، واستغلاها لنرجم "نجيبنا" وأديبنا العظيم المدهش حقًا، أن يتم  توصيف نص بديع مثل الثلاثية بأنه عمل خادش للحياء وهو العمل الذى يحمل كشفا وتوصيفا دقيقا لنمط الحياة الاجتماعية والسياسية فى هذا الوقت  الثلاثية  التى تعد عدة روايات فى نص واحد، نص صاحب الألف صفحة، ويزيد، والذى تم كتابته فى حوالى سبع سنوات من عام 1945 حتى بدايات 1952، ولم تصدر إلا فى عام 1956 بعد أن تم تجزئتها إلى ثلاثة أجزاء، وهو العمل  الذى يعادل كتابة عشرين رواية بعدد شخصيات الثلاثية، كل شخصية فيها تمثل رواية مستقلة، وكيف أن الأديب الرائع نجيب محفوظ جعل هذه الشخصيات تنصهر فى عمل واحد ودراما واحدة دون أن يكون هناك خلل ما.. فهل تستطيع أن ترى أمينة أو الست أمينة بمعزل عن ظرف مجتمعى رجعى قاهر للمرأة ؟ هل تستطيع أن ترى ضعفها واستكانتها بعيدا عن جبروت وسطوة سى السيد، (فأمينة) امرأة نقية عفيفة أكبر خطأ ارتكبته فى حياتها أنها زارت سيدنا الحسين دون إخبار سى السيد وعقاب لها على إجرامها كسرت قدمها - كما صورت الرواية، أو عائشة وخديجة واللتان يتم إعدادهما للزواج ليس إلا فى مقابل "مريم" المتحررة والواعية بحقوقها، هل تستطيع أن تشاهد السكرية وقصر الشوق بدون ياسين الفيلسوف، والذى قد يراه البعض مجرد "هلاس"، ومن هو الذى يملك قدرة الفصل الحاد بين عالم "العوالم" وحياة العوامات والبلد الذى كان يموج بالثورة فى هذا الوقت.

السكرية
السكرية

المفارقة الحقيقية أن نموذج المرأة الضعيفة المستكينة أو التى تنحرف عن الطريق كان متواجدا بكثافة فى أدب نجيب محفوظ، والروايات التى قدمت فى السينما ستجد أن نموذج العوالم، والمرأة المقهورة والعاشقة والمضحية حاضرا بقوة، ورغم ذلك لم تتخذ الحقوقيات والمدافعات عن  المرأة موقفا معاديا من الكاتب الكبير، العكس تماما أن أغلب شخصياته النسائية صارت مرادفا لقسوة مجتمع يعامل المرأة دائما على أنها مواطن درجة تانية، وقد يكون السبب الرئيسى فى ظنى أن محفوظ عشق شخصياته بكل تناقضاتها.. ومثلا شخصية "زنوبة" فى قصر الشوق   وبعيدا عن دلعها ورقصها كانت نموذجا للعالمة الجبارة ‏لاهم لها سوى المال، وأيضا انعكاسا لحالة مجتمع مفكك تصنع قراراته الراقصات.‏. ويسيطر عليه الاستعمار ووجب عليه أن يثور.

قصر الشوق
قصر الشوق

ورغم أنف المتطرفين والمزايدين ستظل حميدة" فى "زقاق المدق، و"نور" فى "اللص والكلاب"، كريمة فى "الطريق" و"زهرة" فى "ميرامار"، سناء جميل "نفيسة" فى فيلم "بداية ونهاية"، سعاد حسنى إحسان فى القاهرة 30، جملات زايد الست أمينة فى الثلاثية، نادية لطفى ريرى فى السمان والخريف، جليلة فى حديث الصباح والمساء هى شخصيات من لحم ودم تعكس واقعا سياسيا واجتماعيا وتحمل فلسفتها الخاصة وتعرى مجتمع أدمن الزيف والمتاجرة.

 

وإذا كان المجلس هو المنوط بوضع التشريعات وتوجد به مثل هذه العقليات يكون التصرف فى ظنى إقالة النائب أو احرقوا روايات نجيب محفوظ ليرتاح سيادته،  ولا يصبح لدينا شيئا.

زقاق المدق
زقاق المدق
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

سفير الجزائر فى مصر: نستهدف زيادة التبادل مع القاهرة إلى 5 مليارات دولار

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

موسم صيد الإخوان.. مطاريد الشرق والغرب.. انتفاضة عالمية فى مواجهة شرور الجماعة الإرهابية.. وحلفاء الماضى يستفيقون على مخاطر وألاعيب عصابة حسن البنا.. صيحات دولية تؤكد: لا مكان لا مكان للإخوان فى مجتمعاتنا

بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت


أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

شديد الحرارة رطب نهارا حار ليلا.. تفاصيل الطقس والظواهر الجوية المرتقبة

جميلة عوض تعوض غيابها عن السينما بـ4 أفلام دفعة واحدة

أكرم القصاص يكتب: الإعلام فى عصر المنصات.. الرئيس وملكية كنوز "ماسبيرو" الناعمة

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم


الزمالك يختتم استعداداته لمواجهة المقاولون بالدورى

تعرف على الفرق بين اختصاصات مجلسى النواب والشيوخ وفقا للقانون

غدا.. النقل تبدأ برنامج التدريب المجانى لتأهيل سائقى الأتوبيسات والنقل الثقيل

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

المصرى يغرد فى صدارة الدورى.. بيراميدز يحقق الانتصار الأول.. ومودرن يواصل الانتفاضة

مواعيد قطارات خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15- 8 - 2025

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025

مالى تعلن إحباط محاولة لزعزعة استقرار البلاد خُطط لها بدعم من دولة أجنبية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى