"الإفتاء" ترد على اتهام الإسلام بقتل المرتد.. وتؤكد: ليس مرتبطًا بالاضطهاد

دار الإفتاء
دار الإفتاء
كتب لؤى على

تمثل قضية "قتل المرتد" فى الفكر الغربى إشكالية كبيرة، فيظنون أن الإسلام يكره الناس حتى يتبعوه، ويغفلون عن دستور المسلمين فى قضية حرية الاعتقاد التى يمثلها قوله تعالى: ﴿لا إكراه فى الدين﴾، دار الإفتاء المصرية تواصل تفنيدها لتلك الإشكاليات والرد عليها .

 

وقالت الدار فى معرض ردها: يمكن النظر إلى قضية "قتل المرتد" من زاويتين: الزاوية الأولى: هى النص الشرعى النظرى الذى يبيح دم المسلم إذا ترك دينه وفارق الجماعة، والثانية: هى التطبيق التشريعى ومنهج التعامل فى قضية المرتد فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك خلفائه رضوان الله عليهم.

 

فأما فى عهد النبى صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتل عبد الله بن أبى، وقال: "لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمى وقال له: "اعدل"، ولم يقتل من قال له: "يزعمون أنك تنهى عن الغى وتستخلى به"، ولم يقتل القائل له: "إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله"، ولم يقتل من قال له - لما حكم للزبير بتقديمه فى السقى: "أن كان ابن عمتك"، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذى له وتنقص، وهى ألفاظ يرتد بها قائلها قطعا؛ لأنها اتهام للنبى صلى الله عليه وآله وسلم بما فى ذلك من تكذيب له بأمانته وعدله.

 

وتابعت: وقد كان فى ترك قتل من ذكر وغيرهم مصالح عظيمة فى حياته، وما زالت بعد موته من تأليف الناس وعدم تنفيرهم عنه؛ فإنه لو بلغهم أنه يقتل أصحابه لنفروا، وقد أشار إلى هذا بعينه، وقال لعمر رضى الله عنه لما أشار عليه بقتل عبد الله بن أبى: «لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه»، ولم يستخدم ما أباحه الله له فى الانتقام من المنافقين ومعاقبتهم كما ورد فى سورة الأحزاب قال تعالى: ﴿لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا﴾.

 

وكذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: أن أعرابيًا بايع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام، فأصاب الأعرابى وعك بالمدينة، فأتى الأعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، أقلنى بيعتى، فأبى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم جاءه فقال: أقلنى بيعتى، فأبى، ثم جاءه فقال: أقلنى بيعتى، فأبى، فخرج الأعرابى، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنما المدينة كالكير، تنفى خبثها، وينصع طيبها»، فهو لم يقتله، فلماذا لم يقتل كل أولئك الذين يصدق عليهم قول ربنا: ﴿ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾؟

 

وأضافت دار الإفتاء، وأما فى عهد الخلفاء، وبالتحديد فى زمن الفاروق عمر رضى الله عنه، فقد روى أن أنسا رضى الله عنه عاد من "تستر"، فقدم على عمر رضى الله عنه فسأله: "ما فعل الرهط الستة من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين؟ قال: فأخذت به فى حديث آخر ليشغله عنهم، قال: ما فعل الرهط الستة الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين من بكر بن وائل؟ قال: يا أمير المؤمنين قتلوا فى المعركة، قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قلت: يا أمير المؤمنين وهل كان سبيلهم إلا القتل؟ قال: نعم، كنت أعرض عليهم أن يدخلوا فى الإسلام، فإن أبوا استودعتهم السجن" . فلم ير عمر رضى الله عنه قتلهم بدءا؛ رغم أنهم ارتدوا وقاتلوا المسلمين؛ لكنه رأى استتابتهم، وإلا سجنهم.

 

كل تلك الوقائع التى كانت فى عهد التشريع جعلت فقهاء المسلمين يفهمون أن مسألة "قتل المرتد" ليست مسألة مرتبطة بحرية العقيدة والفكر، ولا مرتبطة بالاضطهاد، وأن النصوص التى شددت فى ذلك، لم تعن الخروج من الإسلام بقدر ما عنت الخروج على الإسلام الذى يعد جرما ضد النظام العام فى الدولة، كما أنه خروج على أحكام الدين الذى تعتنقه الأمة، ويعتبر حينذاك مرادفا لجريمة الخيانة العظمى التى تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين.

 

ويرى الشيخ شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق أن قتل المرتد ليس حدا فيقول: "وقد يتغير وجه النظر فى المسألة؛ إذ لوحظ أن كثيرا من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحا للدم، وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن الكريم فى كثير من الآيات تأبى الإكراه فى الدين".

 

فقتل المرتد لم يكن لمجرد الارتداد، وإنما للإتيان بأمر زائد مما يفرق جماعة المسلمين، حيث يستخدمون الردة ليردوا المسلمين عن دينهم، فهى حرب فى الدين كما قال تعالى: ﴿وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذى أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون﴾.

 

ويؤيد ذلك أيضًا ما ذكره الشيخ ابن تيمية: "أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد قبل توبة جماعة من المرتدين، وأمر بقتل جماعة آخرين، ضموا إلى الردة أمورا أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين، مثل أمره بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح، لما ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال، ولم يتب قبل القدرة عليه، وأمر بقتل القرنيين لما ضموا إلى ردتهم مثل ذلك، وكذلك أمر بقتل ابن خطل لما ضم إلى ردته السب وقتل المسلم، وأمر بقتل ابن أبى السرح لما ضم إلى ردته الطعن والافتراء".

 

ومما سبق يتبين: أن "قضية قتل المرتد" غير مطبقة فى الواقع العملى المعيش، ووجودها فى المصادر التشريعية لم يكن عقوبة ضد حرية الفكر والعقيدة، وإنما تخضع للقانون الإدارى.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة سيدات الطائرة القادمة فى بطولة العالم أمام السويد

28 لاعبًا فى قائمة الإمارات لمعسكر دبي قبل الملحق الآسيوي

وزير الإعلام الكويتى يستعرض حزمة من المشروعات والمبادرات تنطلق قريبًا

آخر تطورات موقف الكينى أوشينج مع الزمالك

نيوكاسل ضد ليفربول.. ماذا قدم محمد صلاح فى الجولة الثانية بالبريميرليج؟


إنجاز تاريخي لـ إبراهيم عادل لاعب منتخب شباب الطائرة فى بطولة العالم

اعترافات التيك توكر أوتاكا: غسلت 12 مليون جنيه فى السيارات لمنحها صبغة شرعية

تعرف على ما كتبته الصحفية الفلسطينية مريم أبو دقة قبل استشهادها

ميرتس يدعو إلى انتخاب امرأة لمنصب رئيس جمهورية ألمانيا

رغم القصف.. ترامب يهنئ أوكرانيا برسالة فى عيد الاستقلال الـ34


انتهاء أزمة حراسة المرمى فى المصرى قبل مواجهة حرس الحدود

فانس يكشف سر "دبلوماسية ترامب-بوتين".. ويؤكد: لن نرسل قوات إلى أوكرانيا

مشادات وتراشق بالألفاظ بين موظفى مكتب التنسيق يؤدى إلى زحام شديد للطلاب

فتوح يعود للتشكيل الأساسى مع الزمالك أمام فاركو

الأهلى يبحث عن "الخروج الآمن" من كمين غزل المحلة الليلة في الدوري

إيران ترفض إنهاء عمليات تخصيب اليورانيوم.. وقائد الجيش: مستعدون لأي هجوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى