حكمة الصبا

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم - وائل السمرى
تقول لنا الموسيقى ما لا تقدر أن يقوله أى شىء، ويقول لنا مقام الصبا ما لا تقدر أن تقوله الموسيقى، هو ليس مقامًا بالمعنى الشائع للكلمة، لكنه حكمة كونية فى صورة مقام موسيقى، شىء فريد لم تمسسه يد، لا يتفرع منه مقام، ولا يتفرع من مقام، هو عائلة موسيقية مكتملة الأركان، لا يقدر أحد على التأثير عليه أو تحويل مساره، هو مقام الحزن وحده، والحزن يولد فى الشتاء، كما قال حكيم الشعر «صلاح عبدالصبور»، وكلما أتى الشتاء سمعت فى أعماق الكون شدوا بهذا المقام المتفرد الحانى.
 
له حكمة، وله فرادة، وله وقع وأثر فى كل نفس، لا تخطئه الأذن ولا يغفله القلب، وكأنه مزود بمخلب من حرير يغرسه فى الروح فيأسرها من أول نغمة، لا أعلم على وجه التحديد متى تم اختراعه أو أين لكنى على يقين تام بأن الأغانى التراثية المصرية الموضوعة على هذا المقام هى الأقدم على الإطلاق، كما أنه من أشهر المقامات المستخدمة فى حالات الحزن المصرية الخالصة، يناسب تمامًا من دبجوا «العدودة» وحفروا الصخر وبنوا الأهرامات تمجيدا للحزن المقيم.
 
وكما أن للصبا حكمة فى تأثيره، فإن له حكمة أخرى فى تكوينه، ففرادته كمقام موسيقى أتت من تركيبته الغريبة عن أى مقام آخر، فهو المقام الوحيد، الذى يعتبر «ناقصا» فجميع المقامات الموسيقية تتكون من سبع درجات كاملة لا تنتقص ولا تزيد، وحده «الصبا» يتكون من ست درجات ونصف الدرجة، وبسبب هذا النقص يشعر الواحد بشىء غريب فيه، والغرابة أم الدهشة، والغربة أخت الحزن، وبهذا يكتمل الحزن ويتعمق الشجن الكامل فى الصبا، ليقول لنا حكمته الخالدة بأن تمام الحزن كامن فى تمام النقصان.
 
فقد «الصبا» جزءا منه، فأوجعنا بهذا الفقدان على مر الزمان، مقام مبدع، استطاع ببراعة أن ينقل لنا مأساته بحذافيرها، ولهذا لم يقدر أحد على مر التاريخ أن يغير فى شخصيته، من السهل جدا أن تجعل «البياتى» حزينا شجيا فتغنى من خلاله «ست الحبايب يا حبيبة»، ومن السهل أيضًا أن تغنى من خلاله «دقوا المزاهر يالا ويا أهل البيت تعالوا» وما ينطبق على البياتى ينطبق على النهاوند والسيكاه والرست والكورد والعجم، لكن الصبا وحده يقف وحيدا متفردا، يشعرك السكينة فى «هو صحيح الهوا غلاب» وبالفقد فى «بحبك قد روحى.. لا لا أكتر كتير» وبالغياب فى «سحب رمشه ورد الباب كحيل الأهداب».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية السعودية تناشد بالإبلاغ عن كل من ينقل أو يسهل نقل مخالفى أنظمة الحج

التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

عماد النحاس يستقر على اصطحاب قائمة الأهلى بالكامل فى مباراة فاركو

تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء.. آخر كلمات إيلى كوهين فى وصيته

الرئيس السيسى يدعو المجتمع الدولى لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة دون تهجير


جوزاف عون: مصر أم الدنيا وبيروت "ست الدنيا" والنقوش على المعابد تؤكد أخوّتنا

تشكيل ليفربول المتوقع ضد برايتون في الدوري الإنجليزي.. محمد صلاح أساسيًا

تطورات تمديد عقد حمزة علاء مع الأهلى بعد رفض عرض الزمالك

النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر

مجلس الشيوخ يوافق على مشروع قانون خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 25/2026.. المشاط: الخطة تلتزم بسقف استثمارات عامة قدره 1.16 تريليون جنيه ترشيدًا للإنفاق وتخفيفًا لأعباء الـمديونية


بعثة الحج المصرية تبدأ تفويج الحجاج من المدينة إلى مكة استعدادًا للمناسك

فحص كاميرات المراقبة لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي

ماذا كتب الجاسوس الإسرائيلى إيلى كوهين فى وصيته قبل إعدامه بساعات؟

تعرف على محتويات الأرشيف السرى لجاسوس الموساد بسوريا إيلى كوهين

"ليلة التتويج".. موعد آخر ظهور للأهلى وبيراميدز فى الجولة الأخيرة للدوري

منافس الأهلي.. ملخص وأهداف سقوط إنتر ميامي بثلاثية ضد أورلاندو سيتي

وزارة التعليم: 4 سنوات سن التقدم لـ"kg1" بالمدارس الرسمية للغات لعام 2026

جولة بالأتوبيس الترددى بعد التشغيل التجريبى للمرحلة الأولى بإجمالى 14 محطة.. يعمل بالكهرباء ومدعم بكاميرات مراقبة وهذا سعر التذكرة.. أنفاق داخل المحطات لربطها بجانبى الطريق.. والميكروباص لن يعود.. صور

دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي الحجة لعام 1446 مساء الثلاثاء 27 مايو

كيف تحصل على مساعدة شهرية من وزارة التضامن الاجتماعي؟.. اعرف التفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى