دينا الصاوى تكتب: اثبت إنك عاقل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
أليس من حق الروح أن تتألم؟ إذا كان الجسد يمرض ويعانى فإن الروح أيضاً تمرض وتعانى وتتمنى لو كان بإمكان صاحبها أن يبوح بما داخله من اضطرابات وآلام تكاد تقضى عليها.

ذهب فلان للطبيب النفسى ولم يخبر أحدا فهو يشعر باكتئاب شديد ولكنه يخشى أن ينعته أقاربه ومعارفه بالمجنون، ترغب فلانة فى الذهاب للطبيب النفسى ولكن أهلها يرفضون بشدة، هى تواجه مشكلة نفسية تؤرقها كثيراً ولا تستطيع البوح بما فى داخلها لأحد، تزداد المشكلة وتتحول الاضطرابات النفسية البسيطة لمرض نفسى يصعب أو يستحيل علاجه، فقد رأى الوالدان أن ابنتهما "بتدلع شوية" والذهاب للطبيب النفسى فضيحة بكل معانى الكلمة، فهو طبيب المجانين!!.

لا ليس الطبيب النفسى بطبيب للمجانين بل هو طبيب لكل شخص منا، وصديق لن ينافق أو ينحاز لأحد، صديق اخترت أنت أن يسمعك وينصت لحوارك الداخلى مع نفسك، نفسك التى تشكو إليك يومياً من صديق ادعى الوفاء وغدر، أو زوجة أخلصت لها بشدة وقررت هى خيانتك، وقد يكون بسبب حبيب وعد بأمور عديدة ولم يحقق أياً منها، أو شخص مُصر على إحباطك أو مقارنتك بغيرك وأنت ترفض ذلك، كما قد يكون السبب فقدانك أو افتقادك لشخص يمثل لك الحب – الوفاء – الأمان – الدعم – الصحبة الحلوة أو على الأقل كان الوحيد الذى يفهمك، كما قد تشكو نفسك وتتألم وأنت لا تستطيع أن تعرف لما تتألم، وتتساءل لما أشعر بكل هذا الضيق.. لما تصرخ نفسى وتستغيث يومياً ؟
يرفض الكثير من الآباء والأمهات الاعتراف بأن أحد أبنائهم يعانى من مشكلة نفسية وأنه بحاجة لزيارة الأخصائى النفسى أو الطبيب النفسى (حسب الحالة )، غافلين أنهم قد يكونون السبب الرئيسى لتك المشكلة النفسية، أو سبباً فى تفاقمها بسبب الخوف من كلام الناس "الى لا بيودى ولا بيجيب"، ورغم أن العديد من عيادات الأمراض النفسية تمتلئ بالمرضى أو الأصحاء ممن يشكون هموم الحياة وضغوطها، إلا أنه مازال هناك "عقدة الذهاب للطبيب النفسى" أو الخوف من الاعتراف بالذهاب تجنباً لـ"وصمة العار".

دعنى أخبرك عزيزى القارئ أنه لا يوجد شخص منا سليم نفسياً 100%، ولكن تختلف درجة السلامة النفسية من شخص لآخر، وكلمة عاقل لا تعنى بالضرورة أن العاقل لا يعانى من مشاكل نفسية، ولكنها تعنى أن تصرفاته فى الحدود الطبيعية المتعارف عليها.. كما أنه ليس كل من يذهب للطبيب النفسى هو مريض، فقد يكون فعلاً مريض يحتاج للعلاج وقد يكون شخص معافى تماماً ولكنه يفتقد للثقة بمن حوله ويرغب فى التحدث لشخص لا يعرفه ويضمن أنه لن يبوح بأسراره لأحد، كى لا ينفجر بسبب عدم القدرة على البوح بأسراره أو مشكلاته، أو قد يكون وحيداً ولا يملك من يحاوره، أو أنه فى حاجة لنصيحة من شخص لديه الخبرة الكافية والقدرة على إرشاده ونصحه لمواجهة مشكلته أو محنته.

الكل معرض لأن يصاب بمرض نفسى أو يواجه أزمة نفسية حادة، إما بسبب عوامل وراثية أو أسرية أو حياتيه، فإذا شعرت بالرغبة فى الذهاب للطبيب النفسى إذهب ولا تتردد، فلن يشعر أحد بآلامك سواك أنت وحدك، ولا تشعر بالخجل أبداً من الاعتراف بالذهاب، فعندما يعترف الجميع بأن الذهاب للطبيب النفسى شىء طبيعى" زيه زى الذهاب لطبيب الأسنان والباطنة... إلخ" ستتغير ثقافة المجتمع ولن يخجل أو يخاف أحد فى المستقبل من الاعتراف بوجود مشكلة نفسية أو مرض نفسى بحاجة للعلاج، كما لن يخجل أحد من الاعتراف بالذهاب للطبيب أو الأخصائى النفسى.

وهناك فرق كبير ما بين الطبيب النفسى والأخصائى النفسى، فالطبيب النفسى يكون حاصلاً على بكالوريوس فى الطب النفسى، ويعتمد فى تشخيصه على الأعراض القائمة أمامه واهتمامه ضئيل بالتاريخ المرضى للحالة والعلاج الأساسى لديه هو الأدوية والعقاقير النفسية للسيطرة على الأعراض دون الكشف عن الأسباب الأساسية للمرض ودون تدخل منه فى علاجها فبمجرد أن يمتنع المريض عن الدواء الموصوف له ينتكس ويعود لحالته السابقة، وغالبا ما يهتم الطبيب النفسى بالأشعات والتحاليل ورسم المخ الكهربائى، بينما يعتمد الأخصائى النفسى فى تشخيصه على دراسة الحالة وتتبع الأعراض القائمة أمامه بالإضافة إلى اعتماده على المقاييس والاختبارات النفسية وتتبُع مراحل العمر المختلفة للمريض لمعرفة الأسباب الأساسية للمرض وعمل خطة علاجية على هذا الأساس دون تدخل للأدوية الكيماوية فضلاً عن قيامه بالمتابعة مع المريض حتى زوال المرض وتأكده من استعادة المريض لصحته واعتماده على نفسه.

لذا من اليوم لا تخشى من نظرة المجتمع السخيفة لمن يذهب للطبيب النفسى، كى لا تتحول الاضطرابات النفسية البسيطة لأمراض نفسية مزمنة تعذب المريض وتعذب من حوله، فبمجرد اعترافك بوجود مشكلة تكون قد اجتزت نصف الطريق لحل هذه المشكلة.. وإذا وجدت شخصاً ما يصف من يزور الأطباء أو الأخصائيين النفسيين بأنه مجنون، أسئلة هل أنت معافى 100%؟ فإذا كانت إجابته نعم وصمم على ذلك، قل له بكل ثقة "اثبت إنك عاقل".
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ضبط المتهم فى واقعة الاعتداء على صاحب مطعم بسبب لافتة محل بالهرم

هل يفك الحذاء الجديد عقدة محمد صلاح مع كأس أمم أفريقيا؟

3000 شرطي و6000 كاميرا.. خطة أمنية غير مسبوقة لتأمين كأس أمم أفريقيا

الرئيس السيسى يجتمع بمدبولى وعبد الله وكجوك لمتابعة آليات تعزيز الاستقرار المالى والنقدى

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 قبل انطلاق صافرة البداية


وزيرة التضامن: دعم تكافل وكرامة قد يصل إلى 4000 جنيه للأسرة الواحدة

الأهلي يترقب موقف توروب من إعارة محمد عبد الله لبتروجت ضمن صفقة حامد حمدان

بدء العد التنازلي.. موعد شهر رمضان وأول أيامه فلكيا لعام 1447 هجريا

أول أيام الشتاء.. الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وتكشف أقل الدرجات المتوقعة

قاتل صديقه بالإسكندرية: خبرتى فى الجزارة والذبح سهلت على تقطيع جثته


موعد حفل افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025 والقنوات الناقلة

مواعيد مباريات اليوم.. افتتاح كأس أمم أفريقيا.. وفياريال مع برشلونة

استقرار الحالة الصحية لشقيق ناصر البرنس بعد حرق نفسه أمام المطعم

شهر رجب.. مركز الأزهر العالمى للفتوى يوضح خصائص الأشهر الحرم

المغرب يدشن كأس أمم أفريقيا 2025 بحفل أسطوري الليلة

محاكمة المتهمين بسرقة الأسورة الأثرية من المتحف اليوم

الطقس اليوم.. أجواء شديد البرودة وانخفاض بالحرارة والصغري بالقاهرة 11 درجة

مواعيد مباريات الجولة الثالثة بكأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

الأهلى يبدأ اليوم الاستعداد لمواجهة غزل المحلة فى كأس عاصمة مصر

ننشر صور حريق سيارة تريلا امتد لعقار سكنى عقب سقوطها من أعلى دائرى المريوطية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى