القوانين اللقيطة

وائل السمرى
وائل السمرى
كان طبيعيا أن يتندر الكثير من شباب المبدعين على هذه الجريمة التى عوقب بسببها الكاتب الشاب أحمد ناجى ويمكث الآن فى بسببها فى السجن، فتوصيف الجريمة مبهم والعقوبة المقدرة بسنتين قاسية ومجحفة، وهى ذات العقوبة التى نص القانون على معاقبة السارقين والنصابين ومبددى الأمانة والمزورين والمرتشين بها، فكيف يتساوى من كتب كلمات رأت المحكمة أنها «خدشت الحياء» بكل المجرمين الذين نصبوا وارتشوا وسرقوا وبددوا الأمانات، بل كيف يحاكم الأدباء وفقا لنصوص قانون العقوبات الذى من المفترض أنه يرى المجتمع ويحافظ على أبنائه، بل السؤال الأكثر إلحاحا الآن: ما هذا «الحياء العام» الذى خدشه أحمد ناجى فى وسط سياق روائى خيالى فى رواية لم تتعد شهرتها أبناء الوسط الأدبى، ولم يتعد عدد نسخها «الألف» أو حتى فى جريدة أدبية متخصصة لا يقرؤها إلا بعض المثقفين ولا يزيد عدد نسخا المباعة عن الألف أو الألفين؟

أين هذا الحياء العام الذى يخافون على خدشه؟! وحتى لو فرضنا أن هذا «الحياء العام» موجود فعلا، فكيف خدشته تلك الرواية، وهل اشتكى «أستاذ حياء» من الخدوش التى لحقت به لكى نثأر له بوضع كاتب شاب وراء القضبان مع المجرمين والسارقين؟ والسؤال الأهم: من أين استقى المشرع هذه المادة القانونية «اللقيطة» التى لا تستند إلى عرف قانونى أو أساس شرعى ليحكموا بها على «أحمد ناجى» بالسجن؟

كل القوانين لها أسس، وكل العقوبات لها أسس أيضا، وفى الغالب فإن معظم القوانين التى نحتكم إليها مستمدة من الأحكام الشرعية أو الأعراف القانونية الدولية، لكنى فى الحقيقة لا أعرف من أين أتت جريمة «خدش الحياء العام» ومن أين أتت عقوبتها، ومن أين استمد المشرع أصولها، فبالتأكيد لم تستمد هذه العقوبة من القانون الفرنسى الذى لم يعاقب فنانة تشكيلية كشفت عن عورتها فى متحف «أورسيه» فى باريس منذ أيام بأكثر من التنبيه عليها بعدم تكرار الفعلة، ولو كانت هذه العقوبة مستمدة من الشريعة الإسلامية لما وصلتنا كل هذه الأحاديث التى أشرت إليها أمس، وما كانت لتصلنا أشعار أبونواس، أو كتابات أبوحيان التوحيدى، أو كتاب السيوطى «نواضر الأيك»، أو كتاب «التذكرة الحمدونية»، أو كتاب رجوع الشيخ إلى صباه، أو ألف ليلة وليلة أو «الأغانى»، وما كانت لتصلنا عشرات الألفاظ الجنسية الصريحة فى كتب النوادر والطرائف أو فى دواوين الشعر والترجمات المنتشرة على طول التاريخ الإسلامى، وعرضه حتى فى كتب الأحاديث والسيرة.

هى قوانين لقيطة، وأغلب الظن أن المشرعين اخترعوها ليرهبوا المبدعين وليحاكموا بها من يريدون فى الوقت الذى يريدون، فمن السهل أن تتهم أى فرد بـ«خدش الحياء العام» أو «إساءة الأدب»، ليظل المجتمع كله محاصرا كل يوم بالسجن أو القتل، وبالتالى يحمد الله ويقبل يده «وش وضهر» على ما دونها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

4 عادات صباحية تحسن صحة الأمعاء

4 عادات صباحية تحسن صحة الأمعاء الإثنين، 15 ديسمبر 2025 07:00 ص

الأكثر قراءة

اليوم.. بدء التشغيل التجريبى لمحطة هاتشيسون بميناء السخنة

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

هدية لأهل قنا.. افتتاح كورنيش النيل الجديد مجانا للأهالى خلال أيام بطول 1400 متر و6 مناطق ترفيهية وخدمية.. ووكيل وزارة الإسكان لليوم السابع: الكورنيش الأجمل على مستوى الصعيد وواجهة حضارية للمحافظة.. صور


مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

جنون الأسعار يضرب طقوس الكريسماس..القهوة والكاكاو يسجلان قفزات تاريخية ويحولان أعياد الميلاد من دفء الاحتفال إلى صدمة اقتصادية عالمية.. وارتفاع التكلفة يرهق الأسر ويربك الأسواق

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق


وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

تشييع جنازة شقيقة عادل إمام بالشيخ زايد غدا والعزاء الأربعاء المقبل

تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

وكالة الفضاء المصرية تُعلن نجاح إطلاق وتشغيل القمر الصناعي المصرى SPNEX

إبراهيم عادل ينضم رسميا لمعسكر منتخب مصر استعدادا لكأس الأمم الأفريقية

الأهلى يضع اللمسات الأخيرة على صفقة يوسف بلعمرى

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى