محمد أبو الفضل يكتب: سيدنا والزهد

الصعيد - أرشيفية
الصعيد - أرشيفية
أثناء سفرى الأخير لإحدى مدن الصعيد دخلت إحدى القرى لتأدية صلاة الجمعة بمسجدها، قرية من الوهله الأولى تدرك أنها من أفقر القرى فى مصر منظر البيوت والأطفال التى تلعب بالشوارع يؤكد ذلك علاوة على أنها تحت الجبل مباشرة ومن على منبر القرون الخوالي؛ طل علينا خطيب الجمعة بأحاديث تمركزة حول الترهيب والترغيب، فى الخطبه الثانية ينادى على المصلين من أهل القرية أن يزهدوا، ولا يسرفوا، وماذا أعد الله للزاهدين ويؤكد لهم على أن الدنيا دار ممر، الصابرين، والآخرة هى المستقر وأن، أن.

ويبدو أن الخطيب المفوه ذا نبرة الصوت المجلجلة لم ير من هم المصلون، ولا يعلم عن أحوالهم المعيشية شيئا، إنه ينادى بالزهد لقرية أهلها من الفقراء المساكين الذين لا يجدون إلا قوت يومهم وأحياناً لا يجدونه أو موظفين محدودى الدخل الذين يصرفون رواتبهم فى نفس يوم استلامه..!!.

هؤلاء هم من يخاطبهم سيدنا الشيخ المناضل والعجيب عند مغادرته للمسجد كانت سيارته الفارهة فى أنتظاره ليركب هو ومرافقوه من المريدين والمحبين، ثم خاطبنى أحد المصلين قائلا فليزهد هو الأول وبعدها نزهد نحن (يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ) أنا دخلت داره العامرة المفروشات والتحف، كما أنه يملك 3 بيوت ويختار أى منهم يبيت فيه ليلته أو يلزمه جدول القرعة بين زوجاته الثلاث.
فى البداية أقول: لا يضير أن يكون الخطيب موسر الحال ولديه من نعم الدنيا الحلال الكثير؛ لكنى أدعو إلى مراعاة من يخاطبهم وعدم أسرافه فى دعاوى الزهد، فلا نطالب بالزهد أناساً هم أصلاً زاهدون رغم أنوفهم كما يقول البعض، فبأى شىء يزهدون بعد ذلك، هل يزهدون بالزهد نفسه؟!

وعلينا ألا ننسى أن المسلمين اليوم يتكاسلون فى توفير حاجيات معيشتهم وبناء أوطانهم وبدون دعاوى الزهد تلك، فلا نزيد الطين بلة ونطالبهم بالزهد أيضاً زيادة على ذلك التراخى المتغلغل فى أوصالهم.
المسلمون يحتاجون كل قوة ليكون لهم بين الأمم التى لا تعير لأى مقياس بالا فى التقييم إلا للمقياس المادى، فالمسلمون اليوم استبيحت بيضتهم؛ ليس لمعاصيهم، فالمعاصى موجودة فى كل زمان، وليس لتلك الأسباب وحدها التى يرددها الخطباء على المنابر.

فالسبب المادى وعدم وجود القوة الحقيقية المحسوسة لدى الأمم المسلمة جعلتنا بلا أى قيمة تذكر لدى الغير وبخاصة الأعداء ومحبيهم، فنحن لو كنا مكتفين ذاتيا بأكلنا وملبسنا وزراعتنا ولدينا الصناعات الثقيلة وحضارة منافسة لحضارات العالم الحديث شرقاً وغرباً لحسب لنا ولغضبنا مليون حساب، ولنتذكر حينما كنا الدولة العظمى وبكل المقاييس المادية حكمنا أطراف الأرض من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً لم يداس لنا على طرف نهائيا، والجميع يعرف قصة الخليفة المعتصم بالله مع المرأة التى لطمت فى عمورية خارج حدود الامبراطورية الإسلامية أنذاك.

إن كل هذه الشواهد تصب فى أننا لو قمنا ببناء الدول الإسلامية على أسس من الحضارة المادية التى لا يعرف الأعداء والمتربصين إلا تلك المقاييس على أن نحافظ فى نفس الوقت على القيم الحضارية التى جاء بها الدين الأسلامى الحنيف لكان لنا ولمقدساتنا شأنا أخر ونحظى بكل التبجيل والاحترام، ودعونى أسألكم: هل سمع أحدكم من ذى قبل أن نبينا عليه الصلاة والسلام سب علانية فى العصور الغابرة، وهل دنس كتاب الله علانية فى تلك العصور؟

إننا لم نجد الهوان الاستهتار بنا وبمقدساتنا إلا فى تلك الأيام حالكة السواد النكدة علانية وعلى مرأى ومسمع من العالم، تذكروا يوم سب صلى الله عليه وسلم فى عام 2002م وتم أحراق كتاب الله عدة مرات، هل هذا كلّه لأننا مسلمون فقط ؟

علينا أن نعى جيدا أنها ليست حروب ديانات؛ بل حروب قوى، وحدث ويحدث هذا لأننا ضعاف بمقياس من يتجرأوا على فعل ذلك وبمساعدة البعض منا.

فإلى كل دعاة الزهد؛ اذكروا وذكروا بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ، وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} انظروا إلى عبارة أستطعتم من قوة جاءت نكرة لتفيد العموم فتشمل كل مقومات القوة بما فيها القوة العسكرية وطبعا هذه القوة بالذات ليست للعدوان أو الاعتداء كما يفهم أعداؤنا فيصنفوننا بالإرهابيين بل قوة تحافظ على أمن دلنا وسلامتها ورادعه ليس إلا. فالأمة التى تحيا بهواجس الخوف من الاعتداء عليها تكون فى مأمن من مباغتة الأعداء فجاء فى نفس الآية (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) وليس للاعتداء على عدو الله وعدوكم؛ وإنما لإظهار المنعة فلا يفكر أحد بالاعتداء علينا.
واذكروا وذكروا بحديث النبى عليه الصلاة والسلام الذى قال فيه: “الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شيء فَلاَ تَقُلْ لوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلكِنْ قُلْ قَدّرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَل؛ فَإِنَّ "لوْ" تَفْتَحُ عَمَل الشَّيْطَانِ”.
فلماذا أخذ هؤلاء عبارة “وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ” ولم يأخذوا بمجمل الحديث..؟!.
أترك الجواب لكم..

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد تطهير الخرطوم كاملة.. سلطات السودان تعلن ولاية النيل الأبيض خالية من الدعم السريع.. الجيش يواصل ملاحقة عناصر الميليشيا.. والمتحدث باسم الحكومة فى رسالة لمواطنى دارفور وكردفان: كونوا مطمئنين الجيش قادم إليكم

مواعيد مباريات اليوم الخميس 22-5-2025 والقنوات الناقلة

القصة الكاملة لواقعة سرقة منزل الدكتورة نوال الدجوى من البداية للنهاية

توتنهام يحصل على مكافآت ضخمة بعد تتويجه بلقب الدوري الأوروبي

ريكوبا أسطورة ميلان: مصر محظوظة بمحمد صلاح الاستثنائى


ورش عمل لتطوير مسابقات الناشئين 24 و25 مايو من أجل المنتخبات

شبورة ورياح وأتربة.. حالة الطقس اليوم الخميس 22 مايو 2025 فى مصر

بالأسماء.. قائمة ضيوف شرف فيلم المشروع x بطولة النجم كريم عبد العزيز

هبة مجدي بعد تكريمها من السيدة انتصار السيسي: فرحت من قلبى وأهم تكريم فى حياتى

مدبولى يكلف وزير التعليم بدراسة إعادة هيكلة مدارس "دبلوم التجارة"


النيابة تأمر بإحالة 6 متهمين بشركة مقاولات للمحاكمة فى قضية حادث خط الغاز

شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

"أصحابه حاولوا ينقذوه وفشلوا".. غرق طالب بالمرحلة الإعدادية فى النيل بدسوق

بعد حذفه بيان الانفصال.. مها الصغير تحذف بوست ردها على أحمد السقا

توم كروز يعلن بدء العمل على فيلم Top Gun 3

عرض العين الإماراتي يهدد بقاء رامي ربيعة في الأهلي

البحوث الفلكية تكشف موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025

نهى صالح: تعرفت على زوجى منذ عامين وهويته الشخصية ما تهمش حد

أول جلسة لمعارضة نجل محمد رمضان على حكم إيداعه فى دار رعاية 19 يونيو

عصام صاصا وجهاد ماهر بين شائعات الانفصال ودعم زوجها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى