السلع المستفزة والأشخاص الأكثر استفزازاً

سهير جودة
سهير جودة
بقلم - سهير جودة
كل المؤشرات تؤكد أننا فى محنة اقتصادية كبرى، بل هى الأصعب فى تاريخ مصر القريب، وكل الوقائع تعلن عن الاستمرار وبنجاح كبير وبإصرار أكبر على السفه الاستيرادى، نحن مغرمون بما يلزم وبما لا يلزم، ما دمنا نستورده، سواء كان ضرورة أو سفهًا ونحن أيضا نغرم ونشجع السفهاء ونصنعهم، لدرجة أن أحد الخبراء وهو د. رشاد عبده، رئيس منتدى الدارسات الاقتصادية، قدر حجم استيراد مصر للسلع الاستفزازية بنحو 5 مليارات دولار شهريا، أى 60 مليار دولار سنويا.

نحن فى أزمة اقتصادية عنيفة ولكننا نتعامل وكأن الرفاهية اضطرارا وليست اختيارا. قائمة السلع التى نستوردها تؤكد العنف فى الإقبال على كل ما هو مستفز وأرقام إحصاءات الواردات إن كانت لا تكذب فهى تقول إن مصر استوردت طعاما للقطط والكلاب بقيمه 153 مليون دولار، ومؤكد هذه سلعة يمكن إنتاجها فى مصر، أما لعب الأطفال فوصلت إلى 55 مليون دولار وهى أكبر من ميزانية وزارة الصحة مثلا. أما لحوم الطاووس والغزلان والنعام وما شابه فوصلت إلى95 مليون دولار.

كما تم استيراد سيارات ركوب خلال العام المالى الماضى بـ3.2 مليار دولار، مقابل 1.5 مليار دولار لسيارات الركوب خلال العام المالى السابق له، واستوردت مصر هواتف محمول بقيمة 1.1 مليار دولار خلال عام، وملابس أطفال بنحو 270 مليون دولار وسلع استفزازية أخرى.

والقائمة مغرية وباهظة الثمن فالألعاب النارية وحدها مثل «البمب والشماريخ» والتى تحتاج لتجريم استيرادها فقد بلغت قيمتها ما يقرب من 600 مليون دولار، وهى سلعة كارثية ليست على المستوى الاقتصادى، ولكن على المستوى الأمنى أيضا.

قائمة السلع التى لا نستطيع العيش بدونها تؤكد أننا نعيش فى العالم الآخر، وأننا عباقرة فى الاستيراد والاستهلاك أم الإنتاج والتصدير، فنحن وعن جدارة ننتج التوافه والكلام الذى يدمر، والسخرية التى لا تسمن ولا تغنى، ونستهلك طاقتنا فى كل ما هو ضار، وردىء، ونصدر شخصيات استفزازية عبر الإعلام ومواقع التواصل، وهى منتجات بشرية سيئة الصنع والسمعة وتسيئ لمصر، وتبدو وكأنها الصناعة الوحيدة التى نجيدها.
نحن مجتمع تلاحقه الأزمات، ولكن به بشر لا يبالون ويعيشون بكامل الترف، وبقيم استفزازية، ولا يريدون الترشيد ولا طريقه. نحن فى عبث كامل ولا نتعلم من أزمات الآخرين، فالدول العظمى كالولايات المتحدة وألمانيا واجهت أزماتها الاقتصادية بصرامة وإرادة، وتراجعت وارداتها، وكان المجتمع الأمريكى كمثال نموذجا فى إنقاذ اقتصاده دون الحاجة لقرارات حكومية، ودول شرق وجنوب آسيا كان السلوك التلقائى من المواطنين والمستوردين واتحاد الغرف التجارية له الدور الأكبر فى التعامل مع أزماتها الاقتصادية.

نحن فى احتياج لدراسة ما قامت به الدول الكبرى والدول الأقل فى التعامل مع الأزمات المالية والاقتصادية للاستفادة من الخبرات، وتطبيق التجارب، ولكن الأهم لابد أن نمتلك الحس الشعبى الذى لابد وأن يسبق القرارات الحكومية، لابد أن ندرك أن المحن التى نمر بها والحروب التى تفرض علينا تتطلب تماسكا ووعيا وتقديم مصلحة الوطن، وإعلاء هذه المصلحة على المصالح الشخصية والمكاسب الفردية، نحن لسنا أقل وطنية وإدراكا من الشعوب الأخرى.

الحس الشعبى لابد أن يعلن عن نفسه فى هذه الأزمة ويرفض الإقبال على نوعية السلع الاستفزازية، وهذا الحس أيضا عليه أن يلفظ ويستبعد الشخصيات الاستفزازية التى تستهلك الطاقة فى الانشغال بها وبتوافه ما تفعله، وتلك تكلفة اقتصادية واجتماعية.. الشعب قبل الحكومة له الكلمة الأكثر تأثيرا فى محنة مصر الاقتصادية.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

مشهد مرتبك فى لبنان.. مساع لتوحيد المواقف بشأن حصر السلاح قبل زيارة مبعوث ترامب لبيروت.. مسئول إيرانى يبث رسائل طهران من بيروت.. عون يرد: نرفض التدخل فى شئوننا ولا استثناءات فى حمل السلاح.. وترقب لخطة نزعه

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

مصرع صيدلى فى حادث تصادم ملاكى وموتوسيكل بقنا


أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بسبب 200 ألف جنيه.. التفاصيل

الأقصر تدعم المزارعين.. علاج 40 فدانا من دودة القصب الكبيرة.. الانتهاء من زراعة 16 حقلا إرشاديا بمحصول الذرة الرفيعة.. 20 رخصة لمحال الاتجار في الأعلاف.. ومقاومة حشرة النمل الأبيض بـ 19 منزلا بالمجان.. صور


وزارة الرياضة تكشف لـ"اليوم السابع" نتيجة التحقيق فى فيديوهات المركز الأولمبي

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

5 معلومات عن مباراة الأهلى وفاركو غدا الجمعة فى الدوري المصري

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

الداخلية تكشف تفاصيل واقعة اللصوص المقيدة بسيارات نقل فى المنوفية

الداخلية: ضبط 3 تيك توكر لنشرهم فيديوهات خادشة للحياء بالغردقة

تطوير منظومة مواقف السرفيس فى الجيزة.. موقف حضارى جديد بكوبرى الصحابة بالمريوطية فيصل بسعة 400 سيارة.. يخدم خطوط أكتوبر والمنيب والسلام والمرج والمعادى والوراق.. والمحافظة تطبق منظومة إلكترونية للمراقبة

مات والده فى حادث منذ 3 أعوام ولحق به الابن اليوم بنفس الطريقة.. تفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى