د. حنان شكرى تكتب: الثقافة الآثمة.. همسة فى أذن حواء

زوجان - صورة أرشيفية
زوجان - صورة أرشيفية
كنت أعرف أن جارتى قد أنجبت غلاما، منذ شهرين، ولكنى رأيتها أكثر من مرة تحمل طفلين، واستحييت أن أسألها: هل أنجبت توأمين؟ وعلى ما يبدو أنها قرأت دهشتى فى عيني، فأجابت دون سؤال، أن الطفل الثانى ليس وليدها، بل هو ابن إحدى قريباتها، وهى ترعاه بصفة مؤقتة.

وهنا خرجت عن صمتى، وسألتها: وأين أم الطفل فهو رضيع ويحتاج لها؟ أجابت بحسرة وألم، لقد تركته أمه بعد أن غادرت منزل الزوجية؛ حيث خانها الزوج، وتزوج بأخرى. علاوة على ذلك رفضت تربية هذا الصغير، وأخته البالغة من العمر اثنا عشر عاما. وهى تصر على طلب الطلاق.

سألتها: وهل الزوج سعيد بحياته الجديدة؟ أجابت بنعم، واستأنفت بما هو ليس متوقعا؛ أن ابنته كذلك سعيدة بحياتها مع زوجة أبيها!!! فى الواقع الفضول دفعنى إلى معرفة السبب لسعادة الصغيرة وكنت أظنها بائسة لهذا الحدث. وبإيجاز عرفت أن سبب سعادة الصغيرة ووالدها، أنهما وجدا من تهتم بهما، وتقوم على شئونهما، وما كان هذا موجودا من قبل. تقول الصغيرة: " أنا عايزة أعيش مع طنط، عشان بتعملى اللبن الصبح وسندويشات المدرسة"، كلمات بسيطة لنفس بريئة؛ ولكنها تحمل الكثير.

استمعت وتعجبت، ثم انصرفت.. وظل عقلى محكوما بتلك الكلمات، أسيرا لتلك القصص، التى أصبحت تتردد كثيرا فى مجتمعنا، ولكى أكون منصفة، قررت أن أترك تلك القصة جانبا، وأنظر إلى الأمر بشكل مختلف ليس فيه مبالغة، ولا شخصنة لما يحدث، ومن المخطئ المرأة أم الرجل ؟ لايهم هذا لأن رؤيتى للقضية أعمق من الشخصيات، بل هى منهاج حياة، رؤيتى أن السعادة قرار، علينا أن نستميت فى اتخاذه والإصرار عليه، وآثرت أن يكون حديثى فى البداية إلى المرأة فى هذه السطور، وإنى أرجوها ألا تغضب مني، فالمقال القادم بإذن لله للرجل.. لآدم يا حواء.

عزيزتى حواء، أهمس إليك - ولا تغضبي- أن مشكلتك الرئيسة هى تلك الثقافة الآثمة التى نشأتِ عليها، فى مجتمعنا العربى، ثقافة عمادها، أن عقد قران المرأة، هو ذلك القيد الذهبى، الذى لا يستطيع الرجل الفكاك منه، وأن إنجاب الأطفال هو تتمة قيود المرأة للرجل، وأنك بهذا ملكتِه طيلة العمر.

هذه هى المأساة الحقة؛ لما يترتب على تلك الثقافة المشوهة، والفهم العقيم للزواج من نتائج.. أصبحتْ الزوجة الجميلة الرقيقة، فى حالٍ غير الحال.. ولا أريد التعميم، ولكن الكثيرات يتبدلن بعد الزواج، فلا اهتمام بمظهر، أو أناقة، أو اهتمام راق بالزوج، فهى فى البيت ترتدى ملابس عشوائية، لا جمال فيها ولاذوق. وعند الحديث يتحول صوتها المغرد -الذى كثيرا ما صدحت به وقت الخطوبة- إلى مدفعية موجّهة، ونِديّة مشينة لزوجها، تخرجها عن أنوثتها، ليصبح حديثها مع زوجها، وكأنه حديث أحد أصدقائه إليه.
وهى مشغولة طوال الوقت بهموم أولادها، وعملها، وليس لديها وقت لتستمع إلى حديث زوجها إن أراد أن يحدثها، ولا تتكلف مشقة البحث عن حوار مشترك إن أعرض عنها. ولا تنقب عما يرضيه ويحبه كما كانت وقت الخطوبة. انفصال صامت، وغفلة مستترة بثقة أنه زوجي، ملكي، ولسان حالها يقول: " هيروح فين يعني؟ ما تجوزنا وخلاص"، ليصل هذا بالرجل فى النهاية أن يحط رحاله عند امرأة أخرى، تظهر له الاهتمام الذى يبحث عنه، وتستلبه من زوجته أم أولاده.

وهنا تبدأ مرحلة الإفاقة للزوجة الأولى، ولات حين مناص.. فات الآوان، وتصر الزوجة على اتخاذ القرار من معين الثقافة الآثمة ذاتها، فتصب جام غضبها على زوجها، ولا تقف لحظة صادقة مع نفسها، لتحاسبها
وتتعرف على مواطن الخطأ، وتتمم هذا بطلب الطلاق، والإصرار عليه، والعناد إلى المنتهى.

حواء أيتها الجميلة الرقيقة.. أنت رمانة الميزان، أنت بذكائك، ولطفك، وعطفك تستطعين، أن تصلى بقارب الأسرة إلى بر الأمان، أنت السكن والمودة والرحمة.. أنت نور وإعمار البيوت.. أنت الخير كله، والحنان كله، فاغمرى زوجك به، وبيتك وولدك، وكونى كما قالت الأعرابية فى وصيتها لابنتها:" كونى له أَمَة، يكن لك عبدا"، وليتحقق فيك وبك قول الله عز وجل: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حبس عاطل بتهمة سرقة السيارات بأسلوب "المفتاح المصطنع"

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

الأهلى ضد غزل المحلة.. موعد المباراة والقناة الناقلة فى الدوري المصري

اتحاد الكرة يعتمد التشكيل الجديد للجنة الحكام

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة


واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟

اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو

ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي

احتراق 2.4 مليون فدان.. أوروبا تواجه أسوأ موسم حرائق غابات فى تاريخها

تعرف على شروط الترشح لمجالس الأندية بعد تعديل قانون الرياضة


الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة

الإسماعيلى يواصل الاستعداد للطلائع..وميلود حمدى يذاكر بحثا عن أول انتصار

البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

عودة الأهلي.. مواعيد مباريات الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري

وزير الزراعة: الصادرات الزراعية المصرية تحقق 6.8 مليون طن حتى الآن

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

العالم هذا الصباح.. قائد الحرس الثورى الإيرانى: أى خطأ فى الحسابات من قبل إسرائيل سنواجهه برد حاسم.. متحدث أونروا: عملية الاحتلال فى غزة ستؤدى إلى تسونامى إنسانى.. وبوتين يستقبل وزير الخارجية الهندى فى الكرملين

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

باريس سان جيرمان يستضيف أنجيه في افتتاح الجولة الثانية من الدوري الفرنسي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى