أسامة عبد الحميد يكتب: عابدين فى الذاكرة

عابدين
عابدين
عندما كنت طفلاً كنت أعتقد أن الذكريات والأيام من عمرنا تمضى وتموت كالإنسان، لكننى حين كبرت ايقنت أنها لا تموت وأنها تعود للحياة بغمضة عين تستعرض أمامنا كل أحزاننا وأيامنا بسوادها وبياضها بحلوها ومرها، فالذكريات حين تنتهى لا تذهب ولا تغيب أنها تبقى بداخلنا تختبئ فى أعماقنا بكل تفاصيلها فينعكس ذلك على وجوهنا، فإن كانت الذكريات سعيدة اتضحت ملامح الفرح على وجوهنا، وإن كانت حزينة أصبحت للحزن علامة فى وجوهنا، هكذا هى الذاكرة تأتى بمن تشاء وقتما تشاء وحينما تشاء، ليس لنا منها إلا أن نبتسم على صورة أو نكتئب من صورة أو نتحسر أحياناً، وأحياناً نشكر الله أن الأمر وصل إلى هنا فقط، وكم منهكة عملية إحصاء الذكريات والأيام وغبية عادة تمزيق الأوراق.

فنحن نحول أيام عمرنا إلى مجموعة من الأوراق نسميها نتيجة، نبدأ فى اليوم الأول من العام الجديد بتقطيع عمرنا ورقة تلو ورقة ونستعجل انتهاء الأوراق برغم تأكدنا أن كل ورقة نقطعها هى خطوة للنهاية، وكثيراً ما كانت بداية السنة الجديدة فرصة لجرد حساباتنا وتصفية ذاكرتنا من أشياء علقت بها من دون إرادتنا وأحداث نتمنى لو لم تحصل معنا أو لو نتمكن من نسيانها.

ففى حياة كل منا ذكرياته التى لا ينساها إما لأثر عميق تركته فى أنفسنا وإما لسعادة عظيمة اقترنت بها وربما لألم أعظم، وفى حى عابدين كانت لى ذكريات جميلة كثيرة، حيث كان جدى رحمه الله يعمل موظفا فى إحدى شركات البترول وكانت تقع فى شارع محمد فريد، وكان جدى يأخذنى معه لعمله كثيرا فى فترة الإجازة وكان بعد انتهاء عمله، نمر على فرن سعيد عثمان لنشترى خبزه الشهى الطازج للغداء.

وقبل أن نتوجه للبيت كنا نمر محل عصير عم زكى بشارع الشيخ ريحان لنشرب عصير القصب اللذيذ ثم نتوجه للمنزل، حيث كان منزل جدى قريب من حى عابدين، وكثيرا ما كان جدى يخرج ليقابل اصحابه فى المساء، فبعد أن يتناول الغداء وينام لساعة ينهض ويشرب الشاى ثم يخرج ليلتقى بأصحابه فى مقهى موسى عطية بسوق الاثنين.

وأذكر كيف كان لكل واحد من أصحابه اغنية ارتبطت بذكرى عنده يحب أن يحتسيها مع فنجان القهوة أو كوب الشاى، وأتذكر صاحبها الحاج منعم الذى كان دائما يتناقش مع جدى فى أمور كثيرة، بعضها تخص مشاكل أبناء الحى وكيف من الممكن حلها بمساعدة نائب الدائرة، وعند عودتنا للمنزل كنا نمر على مثلجات الربيع بباب اللوق لآكل أنا الآيس كريم ويشرب جدى عصير المانجو أو الفخفخينا، ثم يشترى للعشاء الفطائر اللذيذة من عند عم سليمان الفطاطرى الذى أصبح محله الآن أبو حسام الكبابجى.

الآن وأنا أسير فى شوارع عابدين أتذكر ذلك الماضى الجميل، كأبناء حى عابدين الذين يتذكرون مثلى ذكرياتهم الجميلة بين ربوع هذا الحى.

الذاكرة إذن وإن استخدمناها لاسترجاع ما نريد، إلا أنها تملك ما تريد ايضاً ولها أن تعيد لنا ما تناسيناه أو أننا نسيناه، فللذاكرة حضورها البهى والشهى والذاكرة كائن حى يملك ما يريد ويُملى على الآخرين ما يريد أيضاً.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

بوتين يوجه بإعداد خطة لإعمار المناطق الحدودية المتضررة من القصف الأوكرانى

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

حميد الشاعرى يقدم باقة من أروع أغانيه على خشبة المسرح الرومانى فى مارينا.. صور


مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض

الأعلى منذ عقد.. 1260 حالة قتل على يد الشرطة الأمريكية فى 2024


الزمالك يؤدى تدريبات بدنية خاصة بعد الفوز على أورانج وديا

إعلام إسرائيلي: مقتل 10 جنود في قطاع غزة منذ مطلع يوليو الجارى

"أوديشن" مسابقة ملكة جمال مصر 2025.. أغلبية المتسابقات من طالبات الطب (صور)

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

مواد سريعة الاشتعال تعوق رجال الإطفاء بحريق مصنع كيماويات بمدينة بدر

أخبار مصر.. الطقس غدا شديد الحرارة رطب وشبورة والعظمى بالقاهرة 35 درجة

وزارة العمل: استمرار فتح باب التقديم على وظائف "أمن" بمحطات المترو

بولندا: لا نشارك فى أية أنشطة تخريبية على الأراضى الروسية

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم

محافظة القاهرة تعلن بدء شركة المقاولون العرب إعادة تأهيل مبنى سنترال رمسيس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى