على مبروك آخر الرجال المستنيرين

وائل السمرى
وائل السمرى
وائل السمرى
فور سماعى لذلك الخبر المؤلم تذكرت هذه الأسطورة اليونانية الموحية، أما الخبر المؤلم فهو وفاة المفكر الدكتور «على مبروك» بعد صراع قصير مع المرض، وأما الأسطورة اليونانية فهى أسطورة «بروموثيوس» الذى سرق النار من آلهة الأولمب ووهبها للبشر بعدما رأى البشر يعانون من الظلام والبرد، فعاقبته آلهة الأولمب بأن ربطته فى الأغلال الغليظة قرونا وسخرت له طائرا علاقا يكل من كبده كل يوم فينهيه وفى اليوم التالى ينمو له كبد آخر ليأتى نفس الطائر ويأكله، وهكذا حتى أتى أحد أبطال الأساطير وحرره من أغلاله وقتل الطائر العملاق، وتخليدا لهذه الواقعة صنع برموثيوس من الأغلال خاتما يضعه فى أصبعه ليذكره بمعاناته، ومن يومها والبشر يضعون الخواتم فى أياديهم تخليدا لذكرى من منحهم النور والدفء.

كبروميثيوس تماما عاش الدكتور على مبروك حياته القصيرة، كان صديقا للمعاناة وحليفا دائما للصمود، ظل سنوات حبيسا لتعنت أساتذة تخصصه «الفلسفة» الذى كانوا يناضلون من أجل قطع طريق الدرجات العلمية العليا على «مبروك»، لكنه صبر وثابر وعمل واجتهد حتى انتزع الأستاذية رغما عن خصومه، وفى وسط هذه المعاناة كان مبروك يعمل ويعمل ويعمل، لا يكل ولا يمل، مشكلا مع صديقه الراحل «نصر حامد أبوزيد» جناحى التنوير فى الجامعات المصرية، ليصنعا أفقا جديدا للبحث العلمى فى جامعات مصر التى أكلها التطرف وجثم على صدرها الجمود حتى صارت جامعاتنا كالقبور لا تعيش إلا على الأفكار الميتة.

مات على مبروك بعد أيام قليلة من موت المفكر العالمى جورج طرابيشى، فيما يشبه الدراما الموجعة لرحيل النور عن حياتنا التى لا تحتفى إلا بالظلام والظلاميين، وكفى بنا عبثا أن يعيش على مبروك وجورج طرابيشى ونصر حامد أبو زيد حياتهم محاصرين منفيين مبعدين لدرجة أن السواد الأعظم من الناس لا يعرفهم إلا إذا ما هاجمهم الظلاميون أو حاصرهم الجهلاء بالقضايا والنفى، بينما أحد أكبر أعمدة الظلام فى حياتنا يطلق على نفسه اسم «حزب النور» ويملأ الدنيا بالفتاوى الرجعية.

أيقن آخر الرجال المستنيرين على مدار حياته القصيرة والحافلة من أن أحد أهم أسباب تخلفنا هو داء التقديس الذى صرنا نلصقه بكل «قديم» دون أن ننظر إلى الظروف المحيطة بهذا القديم وأسس تشكيله والأغراض الوقتية العابرة التى أدت إلى انتشاره وتبنيه، أمسك معوله البحثى وقرأ واستقرأ وقارن واستنتج، أعاد ترتيب العلاقات بين الدينى والسياسى وكشف «العلاقة الحرام» التى جمعتهما فنالته سهام الغدر من كل مكان حتى من أقرب أقربائه، فاستعان على الألم بالأمل، واستعان على الاضطهاد بمزيد من العمل، لكنه تعب فى نهاية المطاف ليكتب قبل أيام قليلة من رحيله على حسابه الشخصى على الفيس بوك:
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبد الألم
لك الحمد.. إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعض الكرم
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

30 دقيقة سلبية بين المغرب ضد جزر القمر فى افتتاح أمم أفريقيا 2025.. صور

المتحدث العسكرى: القيادة العامة للقوات المسلحة تنفى صحة وثائق متداولة على السوشيال ميديا

هل تكون مباراة البنك الأهلى آخر لقاءات حامد حمدان بقميص بتروجت؟

التواء فى القدم.. بيان من نقابة المهن التمثيلية بشأن الحالة الصحية للفنان إدوارد

اعترافات قاتل صديقه فى الإسكندرية: دفنت رأسه أسفل قاعدة حمام


التصريح بدفن جثامين 4 أشخاص مجهولى الهوية فى حادث وادى النطرون

موعد مباراة منتخب مصر وزيمبابوى فى افتتاح أمم أفريقيا 2025

تعديل موعد مباراة الأهلى وغزل المحلة فى كأس عاصمة مصر

قاتل صديقه بالإسكندرية: تخلصت من الجثة وجلست على مقهى وتناولت رغيف كبدة

إيمى سمير غانم تكشف كواليس اختيار أسماء أبنائها مع حسن الرداد


الطقس غدا.. أجواء شديد البرودة وشبورة كثيفة والصغرى بالقاهرة 12 درجة

موعد انطلاق مباراة مصر وزيمبابوى فى بطولة كأس أمم أفريقيا 2025

داليا مصطفى تثير الجدل حول عودتها للفنان شريف سلامة.. اعرف الحكاية

تردد القنوات المجانية الناقلة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025

موعد مباراة المغرب ضد جزر القمر فى افتتاح أمم أفريقيا والقنوات الناقلة

بصورة تجمعهما.. منى زكي تكشف عن اشتياقها لوالدها الراحل

وزيرة التضامن: دعم تكافل وكرامة قد يصل إلى 4000 جنيه للأسرة الواحدة

قاتل صديقه بالإسكندرية: خبرتى فى الجزارة والذبح سهلت على تقطيع جثته

موعد حفل افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025 والقنوات الناقلة

مواعيد مباريات اليوم.. افتتاح كأس أمم أفريقيا.. وفياريال مع برشلونة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى