أمى هى الحياة

إسراء عبدالفتاح
إسراء عبدالفتاح
بقلم - إسراء عبدالفتاح
كيف مرت عليه كل تلك السنوات ولم أكتب عنها، هل هى زحمة الحياة؟ أم تكدس الأحداث التى تستحق أن ننوه عنها لعل وعسى تجد آذانا صاغية؟ أم ماذا؟

لا أعتقد أن هناك عذرا مقنعا أننى لم أخصص لها مقالا كل هذه المدة وأن تقتصر كتاباتى لها على صفحات التواصل الاجتماعى طوال هذه السنوات!!

أعذرينى يا أمى فها أنا أحاول أن أكتب لك ولكن تأكدى أنه لا توجد كلمات توفيكِ حقك.

منذ طفولتى وأمى بالنسبة لى ولإخوتى الطرف الحنون الذى نلجأ إليه خوفا من قسوة الأب عندما نخطئ، أو عندما تكمن فى أنفسنا أمنية، أو طلبا نعلم أن والدى ربما سيرفض.

تحملت لسنوات مرض والدى ولم تشتك أبدا، بل رأيتها جبلا يتحمل ويتألم بداخله ويبتسم لنا، دعت المولى عز وجل ألا يفارق أبى الحياة ونحن فى المستشفى بجواره حتى لا تكون اللحظة قاسية ومؤلمة علينا وقد استجاب الله لها، توفى والدى وأنا أغادر المستشفى ولم أعلم بوفاته إلا عندما وصلت المنزل وكنا جميعا معا أنا وأمى وإخوتى.

مرت الحياة بحلوها ومرها حتى مرت أمى بتجربة لم تتخيل يوما أنها ستمر بها، وذلك فى عام 2008 عندما سجنت أنا على أثر إضراب 6 إبريل 2008، كانت تعلم ما أفعله خلال ساعات أمكثها أمام جهاز الكمبيوتر، تنهرنى أحيانا، وتعاتبنى أحيانا بدافع الخوف على من مجهول كانت تشعر به ولكن لا تتخيله. ونصحتنى ألا أغادر المنزل يوم 6 إبريل 2008 قائلة: «كفاية اللى عملتيه أنتى كده عملتى اللى عليكى مش لازم تنزلى كمان»، وأمام إصرارى على النزول قالت «لو اتحبستى هقول لا أنتى بنتى ولا أعرفك». وكأن قلب الأم يعلم المصير الذى ينتظرنى، وقلبى لا يرى إلا تكملة المشوار، وعقلى لا يتخيل أن يعتقل النظام مثلى لدعوة على الإضراب من خلال صفحات الفيس بوك.

حدث ما كانت تتوقعه أمى ولم أعد إلى المنزل فى ذلك اليوم، ولمدة 18 يوما أعتقد هى الأقسى على أمى طوال حياتها. وأثناء حبسى زارتنى أمى وكانت قوية جدا بعكس ما قالت لى قبل حبسى وشدت من أزرى، وقالت لى «أنتى قوية، وكل الناس فخورة بيكى، شدى حيلك»، وعلمت أنها قالت فى إحدى مداخلاتها على شاشات الإعلام آنذاك «ابنتى قالت كلمة حق أمام سلطان جائر»، وكانت تلك الكلمة بالنسبة لى بمثابة حريتى، فلم تتخل عنى أمى كما ادعت من ورا قلبها قبل حبسى، بل دعمتنى وساندتنى، بل وأصبحت فخورة بى حتى وإن تسببت لها فى ألم شديد.

حاولت أمى إبعادى عن السياسة بعد الإفراج عنى وعرفانا منى بعطائها وجلدها ابتعدت قليلا ولكن لم أستطع الاستمرار ولم تقاوم هى كثيرا، ولكن كانت تحاول بطرق أخرى أن تبعدنى عن هذا الطريق، قائلة إن ليس هناك أملا فيما أفعل، ولن تكون هناك نتيجة أو تغيير فى الوضع القائم فى مصر، مثلها مثل ملايين ممن كنا نطلق عليهم آنذاك حزب الكنبة. ولكن تغيرت أمى للنقيض بعد يوم 25 يناير وأصبحت أكثر حماسا منى وأكثر تفاؤلا وأكثر نشاطا، بل عندما كان يصيبنى الإحباط خلال 18 يوما، كانت بكلماتها القليلة عبر الهاتف وأنا فى ميدان التحرير تبث الأمل بداخلى مرة أخرى وتقول لى «هيمشى صدقينى هيمشى كملوا بس انتوا وماتيأسوش». وكنت أتعجب من ثقتها فى أننا سنسقط النظام فى أصعب لحظات إحباطنا كموقعة الجمل، أو خطابات المخلوع، ولكن صدقت أمى دوما فى إحساسها.

هذه هى أمى وأكثر بكثير، سند وظهر فى الشدائد، ليس فقط معى ولكن مع أخى وأختى والآخرين من أفراد عائلتى دوما وأبدا.

أمى هى إحساس حقيقى نابع من إيمان قوى بالله سبحانه وتعالى، قوة وجلد على التحمل، أفخر بها ما حييت. ختاما أمى هى الحياة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الكويت تدين إعلان الاحتلال الإسرائيلى بناء وحدات استيطانية جديدة بالضفة والقدس

تجاوز وتحويل للتحقيق واعتذار.. القصة الكاملة لأزمة الفنانة بدرية طلبة

الأمم المتحدة: قرار إسرائيل بناء مستوطنة جديدة بالقدس الشرقية خطوة غير قانونية

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

إعلان نتيجة الالتحاق برياض الأطفال فى القاهرة على هذا الرابط


مصر قرآن كريم .. نجوم التلاوة المصرية والفتاوى وغيرها فى تطبيق جديد

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

الأرصاد: انخفاض تأثير الكتل الهوائية شديدة الحرارة شمال البلاد اليوم وغدا

الإدارية العليا تنظر طعون انتخابات الشيوخ من اليوم حتى 24 أغسطس

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر


ترتيب الدورى المصرى قبل مواجهة الأهلى وفاركو الليلة

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا

تغيرت ملامحه لكن صموده لم ينكسر.. مروان البرغوثى يواجه المتطرف بن غفير داخل الانفرادى.. الوزير الإسرائيلى: سنقوم بمحوكم.. زوجة الأسير: نخشى من إعدامه داخل الزنزانة.. وفلسطين تحمل الاحتلال مسئولية حياته.. فيديو

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

شديد الحرارة رطب نهارا حار ليلا.. تفاصيل الطقس والظواهر الجوية المرتقبة

تعرف على الفرق بين اختصاصات مجلسى النواب والشيوخ وفقا للقانون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى