نوارة بنت من مصر وليست بنت مهرجانات

حنان شومان
حنان شومان
أحاول دائما قبل أن أكتب عن فيلم كونت وجهة نظر حوله بالفعل متحمسة له أو غير متحمسة له، سيئ أو عظيم أو حتى لا هذا ولا ذاك، مجرد فيلم، أحاول أن أقرأ ما كتبه آخرون عنه لأرى كيف ينظر الآخرون لنفس الفيلم، وتلك عادة علمتنى منذ زمن أن يتسع صدرى للاختلاف، وأن أتفهم أن لا شىء يمكن أن يجتمع عليه حتى من نقول عنهم متخصصون أو غير متخصصين، وحتى هؤلاء الذين يخضعون أحياناً فى تقييمهم لنفس القواعد تختلف روءاهم ونظرتهم، وبالتالى تقييمهم لذات الفيلم أو العمل الفنى.

دائما ما أتبع هذا المنهج، ولكن أمام فيلم نوارة لا أستطيع، ولا أريد أن أتبع منهج اتساع الصدر أمام الاختلاف، أو فذلكة البعض فى نقدهم ونظرتهم لهذا الفيلم، وبنفس القدر لا يتسع صدرى لبعض من كتب يقول عن فيلم نوارة أنه فيلم مهرجانات لمجرد أنه عُرض فى أكثر من مهرجان وفاز بالفعل بجوائز، لأن هذه التسمية للأسف سيئة السمعة، ولا يجب أبداً أن نسمح بنعت نوارة بسوء السمعة لأنها أجمل من فينا.

نوارة المخرجة هالة خليل التى خلقتها كتابة وصورة، بنت مثل ملايين من المصريات شقيانة ورثت مهنة أمها فى خدمة منزل أحد رجال الدولة المهمين، وزير سابق وعضو مجلس شعب، تعيش مع جدتها ومتزوجة مع إيقاف التنفيذ حتى تجد سكنا، وفى ربيع 2011 تبدأ الحكاية فتقوم الثورة التى تنادى بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فكأنها قامت من أجل الفقراء .. من أجل نوارة، ولكن ما الذى حدث من وجهة نظر كاتبة السيناريو والمخرجة، لا شىء غير أن الفقراء ظنوا أنهم سيقتسمون أموال مصر المهربة وسيتم توزيعها فيكون نصيب الفرد 200 ألف جنيه، أما الفاسدون فهربوا وتركوا الفتات للفقراء، ولكن حتى هذا الفتات لم يصل أيديهم، وحدهم الفقراء هم من دفعوا ثمن الحلم الذى لم يتحقق.

كثير من الأفلام أقحم ثورة يناير فى أحداثها، فأفسدت الأفلام كما فسدت الثورة، وربما يبقى فيلم واحد هو بعد الواقعة ليسرى نصر الله الذى استطاع أن يخرج من إطار هذا الفساد الفنى والفكرى، ليأتى «نوارة» بعده ويقول إن هناك الكثير الذى تستطيع السينما أن تحكيه منذ يناير 2011، ولكنها بخيلة علينا.

حكت هالة خليل وجهة نظرها شديدة الواقعية بالصورة والصوت وحتى نظرة العين، فلتختلف أو تتفق حول وجهة نظرها، ولكن الواقع يؤكد ما ذهبت إليه فى فيلم من أصدق الأفلام التى استوعبت أحداث مصر منذ 2011 بلا ضجيج ولا صراخ ولا شعارات، بل بشاعرية مفرطة، ولكنها باترة كنصل سكين حتى وهى تحكى عن علاقة نوارة بكلب يملكه الفاسدون.

مجرد اقتران اسم فيلم نوارة بكلمة فيلم مهرجانات فى الصحافة جريمة لأنه يحرم الجمهور من متابعة فيلم يستحق المشاهدة ولا علاقة له بسوء سمعة هذه التسمية، كما أن مجرد نقل أى خلاف سياسى فى معنى الثورة ونتائجها وإصباغه على فيلم نوارة جريمة أيضاً، لأن «نوارة» يحكى عن كثير من الناس فى بر مصر، فلا تفسدوا الحكاية بخلاف سياسى.

منة شلبى فى هذا الفيلم صعدت درجات فى الأداء قفزاً، فهى خرجت من النمط التقليدى لأداء البنت الفقيرة التى تعيش فى العشوائيات والتى تصورها كل الأفلام والمسلسلات بشكل واحد وأداء واحد، صوت عال وفجاجة وقبح، لتقدم منة شكل وصوت وتعبيرات مختلفة تملأ الشاشة شجناً صادقاً بلا مبالغة، وبنضج فنى يفوق عمرها بكثير. رجاء حسين فى دور الجدة، ممثلة بدرجة وزير، محمود حميدة فى دور عضو مجلس الشعب والوزير السابق ممثل بدرجة رئيس وزراء من بتوع زمان جداً، أمير صلاح الدين الذى أدى دور زوج منة شلبى بداية قوية لظهور أكبر فى المستقبل، أحمد راتب وشيرين رضا كبيران فى فيلم كبير يستحقان بعضهما.

هالة خليل صاحبة فيلمين سابقين هما أحلى الأوقات وقص ولزق، وها هى تقدم فيلمها الثالث مخرجة وكاتبة ملتزمة فيه بما عاهدتنا كمشاهدين لأفلامها القليلة، فهى تحكى بصدق وعذوبة وشجن وفن عن بعض منا فلا تحملوها همومنا السياسية وفسادنا، ولا تسيئوا لسمعة نوارة، وإن فازت فى المهرجانات، لأنها بنت البلد وليست أبداً بنت مهرجانات.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

غدا جنازة وعزاء الإعلامي عاطف كامل بكنيسة مارمرقس مصر الجديدة

تنسيق الدبلومات الفنية.. كليات يشترط الالتحاق بها اجتياز اختبارات القدرات

موعد انطلاق الدراسة بالجامعات والمعاهد للعام الدراسى 2025

ترامب يعقد اجتماعا حول غزة بحضور دبلوماسيين إسرائيليين ويأمل فى "حل سريع"

إصابة 26 شخصًا إثر انقلاب أوتوبيس ركاب فى مدينة بدر


خسارة شباب الطائرة أمام كوبا في دور الـ16ببطولة العالم

الأرصاد: أجواء حارة على أغلب الأنحاء وفرص سقوط أمطار بهذه المناطق

الداخلية: زيارة استثنائية لنزلاء مراكز الإصلاح بمناسبة ذكرى المولد النبوى

موعد ظهور سارة خليفة.. مصير المنتجة الفنية و27 آخرين أمام الجنايات

أكرم القصاص يكتب: الإخوان والشرطة الأوروبية ووكالات الأنباء فى خدمة الإبادة والصهيونية!


الرئيس عبد الفتاح السيسى والشيخ محمد بن زايد بأحد المطاعم وسط أجواء العلمين الساحرة..فيديو

وزارة التعليم تحدد ضوابط اختيار المعلمين بنظام الحصة ودورهم فى الامتحانات

حسام حسن يعلن قائمة منتخب مصر لمعسكر سبتمبر الأحد المقبل

تايلور سويفت وكيلسى يعلنان خطبتهما بعد عرض زواج سرى فى حديقة.. صور

ريو نجوموها.. موهبة ليفربول التي خطفت الأضواء فى الدوري الإنجليزي

الطقس اليوم الأربعاء 27-8-2025.. حر ورطوبة نهارًا وأجواء مائل للحرارة ليلاً

اعرف مصير طلبات تقنين وضع اليد المقدمة سابقًا بعد صدور قانون أملاك الدولة

ناشئات الطائرة أمام المغرب في بطولة أفريقيا بتونس

إذا كان الاحتفال بالمولد النبوى عبادة وطاعة فهل أمر به الرسول؟ الإفتاء ترد

أحمد عبد القادر ميدو بعد خروجه: شكرا للرئيس السيسى ومؤسسات الدولة والشعب المصرى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى