روح ما أجملها ونفس ما ألطفها

محمد على يوسف
محمد على يوسف
د. محمد على يوسف
هموم وانشغالات.. آلام وأحزان.. أحداث جسام ومسؤوليات.. ربما لم يخل يوم عاشه الحبيب - صلى الله عليه وسلم - من تلك الأمور التى يكفى أحدها لتنغيص حياة أحدنا، وإخفاء البسمة عن وجهه، ورسم ملامح الكآبة والضنك على وجهه وسلوكه ومعاملاته، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن كذلك.

تحدثت فى مقال الأسبوع الماضى عن لين جانبه وذوقه فى معاملة أصحابه، واليوم نستكمل حديثنا عن جانب من أجمل الجوانب فى شخصية النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو ذلك المتعلق بطبيعته النفسية الرحبة وصدره الواسع، ولين جانبه، وبشاشته وبِشره، وحسن تواصله مع الكون من حوله، رغم الهموم والانشغالات والأحزان والمسؤوليات، لقد كان حقا ذا نفس جميلة، نفس تبدو بشاشتها لكل من يعرفه، ويتأمل طبيعته، ربما يظهر ذلك فى ملمح قد يعده البعض يسيرا لكنه ينم عن تلك الطبيعة الجميلة بوضوح، لقد كان حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - يسمى أشياءه كل أشيائه، تقريبا ما كان يترك شيئا له إلا ويجعل له اسما أو لقبا، سواء فى ذلك ما كان مخلوقا ينبض بالحياة أو حتى جماد بارد لكل دابة كان يمتلكها أو يركبها، لها اسم أو لقب، فبغلته اسمها «دلدل»، وأخرى سماها «فضة»، وحماره «يعفور»، وناقته «العضباء»، وقيل «القصواء»، أما شاته التى يشرب لبنها فكان يسميها «غينة» ويقال «غوثة»، وكانت له عنزات أسماؤها «عجوة وزمزم وسقيا وبركة وورسة وأطلال وأطواف»، أما أفراسه فأسماؤها «لزاز والورد والمرتجز والسكب والطرب»، وهذا الأخير سمى بذلك لحسن صهيله، و«اللحيف» سمى بذلك لأنه كان كالملتحف بمعرفته.

أما عن أشيائه فقد كانت له عمامة يسميها «السحاب»، وكان اسم قوسه «الكتوم»، واسم كنانته «الكافور»، ونبله «الموتصلة»، وترسه «الزلوق»، ومغفره «ذو السبوغ»، واسم ردائه «الفتح»، واسم رايته «العقاب»، وكان له قدحان اسم أحدهما «الريان» والآخر «المضبب»، وكان له تور من حجارة يقال له «المخضب» و«المخضد» يتوضأ فيه، وكانت لسيوفه أسماء أيضا أشهرها «ذو الفقار»، و«المخذم»، و«الرسوب»، و«العضب»، وكان له رمح يقال له «المستوفى». وكانت له عنزة قصيرة يقال لها «المثنى»، وأما دروعه فكان يطلق على إحداها «ذات الفضول»، وأخرى يسميها «الفضة»، وثالثة يقال لها «السعدية»، ودرع اسمها «ذات الوشاح»، وكانت له قوس نبع تسمى «السداد»، وكانت له كنانة تسمى «الجمع»، وكانت له حربة تسمى «البيضاء»، وكان له مجن يسمى «الوفر»، وكانت له ركوة تسمى «الصادر» وكانت له مرآة يسميها «المدلة»، وكانت له مقراض يسميها «الجامع»، وغير ذلك كثير مما ذكره أهل السير، ولا يتسع المقام لذكره كله، ويشترك فى تلك الخاصية العجيبة خاصية الأسماء التى أطلقها عليها حبيبنا - صلى الله عليه وسلم.

تخيل هذه النفسية التى رغم انشغالها والهموم التى تحملها والبلاءات التى تتوالى على صاحبها، ومع ذلك تصر على تسمية مرآة أو كوب ماء أو درع!! بعضنا لو فعل مثل ذلك لربما تلقاه الناس بالاستهجان واللوم والاتهام بالتشاغل عن الهموم الجسيمة والمهمات الجليلة ولرُمى باللامبالاة أو كما يقال بالعامية «الروقان»، لكن سيد ولد آدم وحاشاه أن يُرمى بشىء مما سبق.

كان حريصا كما رأينا على تلك العادة المترسخة فى سلوكه، وذلك واضح فى تلك النماذج التى ضربناها آنفا، وتفسير ذلك فى رأيى أمران، أما الأول فهى تلك الطبيعة النفسية الرحبة التى أشرت إليها فى مطلع الكلام، وأما الثانى فرغبته - صلى الله عليه وسلم - فى غرس تلك القيمة فى نفوس من يعرفونه ويقتدون به، قيمة البِشر والبشاشة واللين والحنان، حنان يسع كل من حوله وما حوله، حنان يجعله يضع روابط مودة وأواصر صلة وجسور علاقة مع كل ما يحيط به، لا يحجب هذا الحنان هم ولا تقطع تلك الروابط أزمة ولا يقضى بلاء على تلك القيمة ولا تُضيِّق هذا الصدر الرحب مسؤولية أو يعكر صفاءه انشغال، هكذا كان بأبى هو وأمى، فأين صدورنا الضيقة من صدره؟! وأين نفسياتنا من جمال روحه وسمو نفسه؟!
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المحجور عليه أبرزهم.. تعرف على الفئات الممنوعة من التصويت في الانتخابات

سيدة تلاحق زوجها بدعوى حبس وتبديد منقولات وطلاق للضرر بمصر الجديدة.. تفاصيل

من مدريد لبرلين.. غزة فى قلب المهرجانات الأوروبية.. هتافات "فلسطين حرة وأوقفوا الإبادة الجماعية" خلال مهرجان الثيران بإسبانيا.. اسم القطاع يزين مهرجان جلاستونبري ببريطانيا.. و"الموت لإسرائيل" على جدار بألمانيا

المصري يبدأ اليوم المرحلة الثالثة من الإعداد للموسم الجديد ببور فؤاد

التشكيل المتوقع لقمة تشيلسي ضد باريس سان جيرمان فى نهائى مونديال الأندية


انتهت المراجعة وتنتظر اعتماد الوزير.. نتيجة الدبلومات الفنية على اليوم السابع

جولة بمحطات الخط الرابع للمترو.. نسب التنفيذ 53% والتشغيل فى 2027 "فيديو"

فاضل 220 يوم.. موعد شهر رمضان المبارك 2026 وأول أيامه

أجواء شديدة الحرارة تصل ذروتها بهذا التوقيت والمحسوسة تقترب من الـ40 درجة

وظائف جديدة في شركة كهرباء بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه.. تفاصيل


لامين يامال يحتفل بعيد ميلاده الـ18 مع أسرته.. صور

هبوط أرضى بميدان التجنيد بالحلمية ومحافظة القاهرة تكشف الأسباب

انتحال صفة مدير مدرسة بمواقع التواصل.. وبلاغ للنائب العام بعد النصب على طلاب

فان جال يعلن شفاءه من السرطان ويكشف تفاصيل محنته الصحية

الداخلية تضبط المتهم بالاستيلاء على مبلغ مالى بالإكراه من سائق

ملك إسماعيل: مصر قريبة من تحقيق ميدالية أولمبية للسيدات فى الخماسى الحديث

علاقة سامح عبد العزيز بابنته طيبة.. حب ودعم فى لوكشين التصوير معه

إنبي يحسم موقف كالوشا ويغلق الباب أمام العروض

محمد شريف وياسين مرعى أبرز الأسماء الجديدة المنتظر ظهورها فى الأهلي

أحمد عبد القادر يقترب من الانتقال للحزم السعودي بعد ترحيب الأهلي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى