مافيا شركات تأمين السيارات

كريم عبد السلام
كريم عبد السلام
بقلم : كريم عبد السلام
كارثة بكل المقاييس يكتوى بنارها كل بيت فى مصر تقريبا، فلا توجد أسرة مصرية إلا ولدى أحد أفرادها على الأقل سيارة مؤمن عليها، خاصة مع نمو سوق تجميع وصناعة السيارات، ومع تشجيع الدولة لإحلال السيارات الحديثة محل الموديلات القديمة، نمت صناعة التأمين على السيارات، ودخلت شركات عديدة هذا السوق الواعد ومعها الوسطاء والمكاتب الفرعية التابعة التى تستخدم اسم الشركة الأصلية لاجتذاب العملاء، وفى النهاية نجد أنفسنا أمام مئات بل آلاف الشركات التى تحصل النقود من المواطنين بزعم تقديم الخدمة التأمينية، لكن الكارثة تتضح عند وقوع أول حادث، لتنكشف الحقيقة المرة بتنصل شركة التأمين أو الوسيط عنها أو الوكيل الفرعى من أداء المستحقات التأمينية للمواطن، الذى يجد نفسه ضحية لنصباية كبيرة بدون رقيب أو حسيب من الدولة.

كيف يتحقق هذا الخداع لمئات الآلاف بل الملايين من المواطنين الذين يخضعون لدوائر ووكلاء شركات تأمين السيارات دون حماية تذكر من الدولة، رغم وجود هيئة الرقابة المالية وجهاز حماية المستهلك؟

تعتمد كثير من شركات التأمين ووكلاؤها صياغات تأمينية ليس الغرض منها تقديم الخدمة للمواطنين بقدر ما تهدف للتهرب منها حال استحقاق تقديمها، فوثيقة التأمين عبارة عن عقد إذعان مستتر وملىء بالشروط المجحفة فى حق المواطن المستحق للخدمة، وعادة ما تلجأ شركات التأمين إلى وضع العديد من البنود والصياغات داخل الوثيقة تكفل لها التهرب من أداء الخدمة وتحميلها للمواطن المسكين الذى لا يكتشف الحقيقة المرة إلا مع أول حادث يتعرض له، ليجد أن عليه تحمل الكثير من النفقات والتكاليف ليؤدى الخدمة التأمينية بدلا من الشركة التى تبنى استراتيجيتها على تحقيق أقصى ربح ممكن دون سداد أى تبعات!!

كثير من المواطنين يكتشفون خداع الوسطاء والوكلاء الفرعيين لشركات التأمين بعد تعرضهم للحوادث، لكنهم يكونون فى موقف الطرف الأضعف، فهم لا يعلمون بالضبط ما وقعوا عليه فى وثيقة التأمين التى يحسبون أنها لصالحهم، ولا يعرفون أى جهة رقابية يمكن أن تحاسب شركات التأمين حال تلاعبها أو تنصلها من سداد ما عليها من التزامات، ولا يجدون مفرا من الخضوع لإملاءات هذه الشركات وهم يرفعون شعار «الشكوى لغير الله مذلة»، حتى باتت شركات التأمين فعلا هى الخصم والحكم والمستفيد الأوحد فى كل الظروف.

طيب، ماذا تفعل هيئة الرقابة المالية تجاه هذه الشركات المتلاعبة بالمواطنين والتى لا تقدم أى خدمة تأمينية لهم، رغم توقيعها مئات الآلاف من الوثائق، ورغم تراكم أرباحها بالمليارات؟ الإجابة «لا شىء».
وماذا يفعل جهاز حماية المستهلك، ليحقق الهدف الذى أنشىء من أجله وهو حماية مصالح الأغلبية الكاسحة من المواطنين من النصب أو التلاعب أو إساءة تقديم الخدمات، ومن بينها الخدمة التأمينية وفق القانون؟ لا شىء.

هل كلفت أى جهة فى الدولة نفسها بمراجعة نماذج وثائق التأمين على السيارات قانونيا؟ هل فكر مسؤولو الأجهزة المعنية بحماية المواطنين أن يقيسوا مقدار التوازن فى وثائق التأمين بين حق المواطن وحقوق الشركات؟ وهل بحثت تلك الأجهزة فى إهدار أكثر من عشرين بالمائة من ميزانية شركات التأمين على الهدايا التسويقية الثمينة للمعنيين بتغليب مصالحها على حساب المواطنين؟ وإلى متى يظل هذا الميزان المختل متحكما فى مصالح الناس؟

تفعيل الرقابة على مقدمى الخدمة التأمينية وتقييم طبيعة هذه الخدمة هو الحل، والنظر جديا فى شكاوى المواطنين المضارين من غياب الخدمة التأمينية المناسبة هو بداية الإصلاح لقطاع التأمين التكافلى، الذى يمكن أن يكون من أهم مصادر دعم الاقتصاد الوطنى.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد قطارات القاهرة – الإسكندرية والعكس اليوم الإثنين 15-12-2025

مان يونايتد يستضيف بورنموث في ختام الجولة الـ 16 من الدوري الإنجليزي

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

الأمم المتحدة تعرب عن مخاوفها إزاء الأوضاع المتدهورة لعشرات الآلاف من المحاصرين فى الفاشر.. وتؤكد: معاناة مروعة للغاية والمصير المجهول.. ومسئول أممي: انقطاع شبكات الاتصالات يحول دون الوصول إلى الحقائق

مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025


موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

المستندات المطلوبة لإحلال التوكتوك فى الجيزة.. كل ما تحتاج معرفته

كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب والإمارات والقنوات الناقلة

انتبه.. ضرب المدير أو صاحب العمل يعرضك للفصل الفورى دون صرف تعويض

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال


تريند 6 7.. مصطلح ينتشر بين الطلاب والمراهقين حول العالم ويحرج نائب ترامب

محمد سيحا مطلوب لتدعيم حراسة مرمى المصرى فى يناير

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

انتشال جثمانى طالبة وسائق فى حادث غرق سيارة بالإسكندرية

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

دور "ست الحبايب" فى مفاوضات الأهلى وبرشلونة لحسم إعارة حمزة عبد الكريم

زوجة ضحية الدفاع عن منزله فى كفر الشيخ: "سكبوا البنزين على جسمه وولعوا فيه"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى