محمود عبد السلام يكتب: من يصلح الملح إذا فسد؟

مدرسة - أرشيفية
مدرسة - أرشيفية
ما الذى لم يتغير فى حياتنا ؟
ما الذى لم يصبه العطب ويعتريه الذبول؟

كل شىء فى الحياة استحال إلى مسخ ووهم، ولم يسلم من هذا التحول العظيم شىء مما كنا نكبره بالأمس ونجله.

هذا الأمس الذى لم يكن فيه أشرف من قدر المعلم ومكانته، ولا أسمى من عطائه وعلمه، ترى ما الذى حدث.

معلم اليوم لم يعد مستشعرا قداسة عمله رغم أن هذا العصر هو عصر العلم، ولن تجد فيه أهم من العلوم والتفاعل مع متطلباتها بالاهتمام والإكبار، فهو يتعامل مع العلم فى آثاره ونواتجه المعيشية، لا فى صنعه وتشكيل لبناته، وقد فقد القدرة على التأثير والمشاركة لأنه فقد مقومات هذه القدرة النفسية والعقلية والمهارية التى تصنع منه النموذج والقدوة، والتى تهبه طاقة الأصلاح وتمده بوهج التغيير.

وأول معول ضرب فى صرح المعلم هو معول الازدراء والتجاهل من المجتمع، الذى وجه طاقة اهتماماته إلى ما صدره لنا الغرب على كل المستويات المادية والاستهلاكية، فاختلت منظومة الأولويات واضطربت مفاهيم السلوكيات والقيم، وأصبح المعلم عبئا على وجدان المجتمع المعتل، الذى راح يشوه بنيان المعلم ويحطم تمثاله الذهبى، وأفسد فى ضمائر الأجيال صورته، مرة بتناول سينمائى خبيث لهيئته وسلوكياته، وتارة بإظهار اضمحلاله وسطحيته على سبيل الفكاهة والتندر ونسى هذا المجتمع أنه يسخر من أقدس ما يملك فى رحلته نحو المستقبل.

ثانى المعاول التى شاركت بقوة فى هدمه ضغوط الحياة المادية التى ألجأته إلى التنازل والتغاضى والتخلى، والانشغال بتوفير احتياجاته الحياتية المختلفة من ناتج عمله كمعلم، فصارت ( الدروس الخصوصية ) هى البطل الأوحد فى مسرحية هزلية تسمى ( التعليم المصرى ).

ولكى تصبح الصورة أكثر وضوحا انظر إلى اللقاء الأول بين المعلم وطلابه فى دراسة استعراضية مقارنة بين عصرين لتلمحه فى العصر الأول يفحص وجوه طلابه بدقة شديدة، ويستقصى أعدادهم، ويحفظ أسماءهم ويستنهض معلوماتهم ليحدد نقاط الضعف، وقدر الجهد المطلوب ويضع خطط العلاج، ووسائل التحفيز، ويقرر آلية التقويم، اما فى المشهد المقابل فتراه يستقصى الأعداد، ويطرح الأسئلة المعقدة التى تحبط الطلاب ويتفحص المظهر الدال على المستوى الاجتماعى ليحدد المستهدف منهم للالتحاق بركب الدروس الخصوصية لديه، ويضع الخطط الجاذبة لأكبر عدد منهم إن لم يكن جميعهم، فالمعلم فى المشهد الأول يتفحص ويستقصى ويخطط للبناء، بينما فى المشهد الثانى يتفحص ويستقصى ويخطط للهدم.

إذن دفع المعلم المصرى إلى القيام بهذا الدور دفعا حتى تقمصه ولم يستطع الخروج منه، فحلت الدروس الخاصة فى نفسه محل حرصه على طلابه علما وأخلاقا، ولم تصمد الغاية – على شرفها – امام صولة المادة وعنفوان الاحتياج، فرضى بالمشاركة فى هذا العرض المسرحى الرديء الذى تكتوى بنيران مشاهدته الأمة، وتتجرع كأسه سخفا وتخلفا واضمحلالا.

أما ثالثة الأثافى وتتمة البلوى فهى تلك المناهج التعليمية التى مثلت البيئة الحاضنة لكل آفات التعليم فى بلادنا ولذلك نفرد لها مقالا خاصا إن شاء الله.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ذكرى وفاته.. سامى العدل تاريخ فنى كبير وعشق لنادى الزمالك

درجات الحرارة تلامس الـ42.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس 10 يوليو 2025

نموذج استرشادى لامتحان مادة الأحياء لطلاب الثانوية العامة.. حل واختبر مذاكرتك

لجنة ثلاثية من أساتذة الهندسة لمعاينة مباني سنترال رمسيس لبيان حالتها حفاظاً علي الأرواح

فى قلب النار.. حكايات بطولة من حريق سنترال رمسيس.. ضابط فى إجازته يتصدر المشهد.. أسرع لمكان الحريق واستبدل ملابسه المدنية وانضم لكتيبة العمل.. والمصريون يتوحدون خلف رجال الإطفاء.. صور


اتحاد اليد يرسل للأندية تعميم بخصوص الزي في الموسم الجديد

رئيس الوزراء عن صورته مع آبى أحمد: وفق البرتوكول فقط ومصر لن تفرط فى حقوقها المائية

حصاد إنجازات مجلس النواب خلال دور الانعقاد الخامس.. أصدر 186 قانونا أبرزها الإيجار القديم والإجراءات الجنائية والعمل والتعليم والرياضة والمسئولية الطبية.. وأقر 63 اتفافية واللجان النوعية ناقشت 2647 أداة رقابية

ابنة كريم محمود عبد العزيز فى ظهور خاص معه خلال الحلقة 9 من مملكة الحرير

رئيس الوزراء: برنامج خاص بالإسكان الاجتماعى لإتاحة وحدات بديلة للمستأجرين الأصليين


تأجيل مباريات ليفربول أمام آرسنال ونيوكاسل في الدوري الإنجليزي

إبراهيم سعيد يبكى فى أول ظهور له بعد الخروج من السجن: عايز حقى.. فيديو

الهضبة يواصل التألق.. "ابتدينا" يدخل قائمة أفضل 10 ألبومات عالمية على سبوتيفاى

22 عاما على "اللى بالى بالك".. مكالمة من الزعيم أسعدت محمد سعد بعد عرض الفيلم

تفاصيل شكوى "زيزو" ضد الزمالك بسبب 82 مليون جنيه.. (مستند)

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

بالأسماء.. القائمة الوطنية تتقدم بأوراقها لانتخابات الشيوخ عن قطاع شرق الدلتا

بعد ضياع صفقة ويليامز.. برشلونة يعيد فتح ملف الجناح ولياو أبرز المرشحين

انهيار وشيك للقطاع الصحى فى دارفور وكردفان.. 90% من المرافق الطبية مدمرة بالكامل

وزير التعليم يستعرض الترتيبات النهائية لآخر أيام امتحانات الثانوية العامة غدا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى