«حرام الجسد» والباب اللى يجيلك منه الريح

حنان شومان
حنان شومان
من المثير والنادر جدًا أن أشاهد فيلمين فى أسبوعين متتاليين وعلى اختلافهما تبدأ أحداثهما فى نفس التاريخ، يناير 2011 أى بأحداث ثورة يناير.

أما الفيلم الأول فهو «نوارة» الذى كتبت عنه الأسبوع الماضى، وأما الفيلم الثانى فهو فيلم هذا الأسبوع «حرام الجسد». والفيلمان يبدآن فى يناير 2011، وينتهيان بأن الفقراء المهمشين وحدهم هم من دفعوا ثمن الثورة رغم أنهم لم يشاركوا فيها بشكل ممنهج، ولست أنوى المقارنة بين الفيلمين، فلكل فيلم منهما حكاية مختلفة، ولكنها ملحوظة استرعت انتباهى، فلم أستطع أن أمر عليها مرور الكرام، غير أن الثورة كحدث فى فيلم نوارة لا يمكن الاستغناء عنها، بينما فى فيلم «حرام الجسد» كان من الممكن ألا تكون موجودة، ولكن وجودها فى الخط الدرامى ربط المشاهدين للفيلم بواقع ربما لمسوه حتى لو بعدت الأحداث عنهم.

وهناك ملحوظة أخرى أيضًا استرعت انتباهى وجب الحديث عنها قبل الحديث عن الفيلم ذاته، وهو أن أغلب ما قرأته من تقارير وأخبار نُشرت عن هذا الفيلم قبل أن أشاهده ومنذ أن بدأ تصويره، كانت تتحدث عن أن قصة الفيلم مثيرة تناقش زنا المحارم فإذا بى أشاهد الفيلم فلا أجد زنا محارم ولا أجد شيئًا مما حكاه بعض الزملاء عن قصته، وتلك آفة هرمنا منها فى حياتنا عمومًا وفى الصحافة بشكل خاص، وهى تأليف أو توليف حكايات لا علاقة لها بقصص الأفلام وغيرها من الأحداث ويتناقلها آخرون دون أدنى تدقيق، ودون حتى اعتذار حين نكتشف الحقيقة!

فيلم حرام الجسد كتبه وأخرجه خالد الحجر، فى أول بطولة لناهد السباعى، ومعها الوجه الجديد أحمد عبدالله محمود، يشاركهما محمود البزاوى، وزكى فطين عبدالوهاب وسلوى محمد على. والفيلم يحكى عن غفير عجوز وزوجته الشابة يعيشان فى مزرعة يملكها رجل ثرى، وتبدأ الأحداث بعد جمعة الغضب، حيث يتم فتح السجون فيهرب المساجين ومن بينهم الشاب ابن عم الغفير الذى يلجأ له ليختبئ لديه، ونكتشف مع بداية الأحداث أن الزوجة الشابة هى حبيبة ابن عم زوجها الذى دخل السجن من أجل الدفاع عنها، وهى فى ذات الوقت الزوجة المحرومة من علاقة طبيعية مع زوج أعجزه المرض، ويدخل الأحداث صاحب المزرعة الثرى الذى يعيش حياة زوجية جافة وولداه شاب وفتاة من المشاركين فى الثورة، ويعتبران والدهما من الفلول المضادين للثورة.

أغلب أحداث الفيلم تدور فى المزرعة النائية بعيدًا عن المدينة، فلا نرى أحداثا للثورة، ولا نتابعها إلا من خلال صوت الإذاعة لدى الرجل الثرى، أما فقراء الفيلم فتلهيهم حياتهم، ما بين حلم لرجل عجوز فى علاقة زوجية ولو ليلة واحدة بمساعدة قرص فياجرا، وامرأة تحب ومحرومة فتندفع نحو الخيانة مع حبيب سابق حتى تنتهى القصة بجريمة قتل، ولكن تستمر الأحداث ليعيش القاتلان تحت تهديد الثرى حتى موتهما، ولا يبقى منهما إلا طفل غير معروف الأب والرجل المهم الذى يقول إنه سيربيه.

بالتأكيد أنى اختزلت كثيرا من الأحداث المتشابكة فى الفيلم، الذى بدت بعضها شبيهة بأحداث أو روح مسرحية الإيطالى أوغبيتى «جريمة فى جزيرة الماعز»، التى حولتها من قبل السينما المصرية إلى فيلمين هما الراعى والنساء، ورغبة متوحشة، مع اختلاف أن النص الإيطالى كان يجمع ثلاث نساء وعلاقتهن برجل واحد، بينما نص الحجر يحمل حكاية ثلاثة رجال وبينهما امرأة واحدة، ورغم أنى فى البداية ذكرت أنه لو لم توجد أحداث الثورة داخل الفيلم سيظل متماسكًا كحكاية، ولكن بالتأكيد وجود حدث الثورة وارتباطها بالأحداث منح الفيلم مقصدا أكبر من مجرد حكاية، فالكاتب مات على يديه كل الفقراء المهمشين ولم يبق منهم إلا طفل زنا ورجل ثرى مضاد للثورة.

خالد الحجر فى خامس أفلامه كاتبا ومخرجًا يقدم فيلما يستحق المشاهدة، ولكن بعض التفاصيل غابت من أجل هدف كيف تصل الزوجة للحظة الخيانة، فأحداث الفيلم التى تدور فى يناير أى عز البرد يصعب معها تصور أن البطل المفتول العضلات عارى أغلب الوقت، من أجل أن يكون هذا إغراءً للزوجة، وهذا خطأ مادام الفيلم ارتبط بحدث زمنى بعينه، بالتأكيد من أفضل عناصر الفيلم هو التصوير والإضاءة، خاصة فى مشاهد الليل والتى اضطلع بها نستور كالفو.

عنصر التمثيل فى الفيلم من بين شجاعة المخرج الذى اعتمد على وجهين جديدين أحدهما ناهد السباعى فى أول بطولة لها، وهى لم تخذله، فهى ممثلة متقدة الموهبة لم تخزل اختيارها، بل أمسكت بالفرصة ونجحت فى البطولة، كما نجحت من قبل فى أدوار أقل مساحة. أحمد عبدالله محمود مغامرة أخرى للمخرج والمنتج جابى خورى، ولكنه لم يخذلهما، بل أضاف وجها موهوبا جديدا للسينما المصرية. الكبار محمود البزاوى زكى فطين وسلوى محمد على كبار فى السن والقيمة الفنية والأداء.

ويبقى سؤال: لماذا قررت الرقابة أن يكون هذا الفيلم للكبار فقط؟! ربما أن مجرد ذكر كلمة حرام وجسد كفيلة بالخوف، فإلى متى هذا الخوف الذى لا يبرره منطق، غير أن الرقابة تسير بمبدأ الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

تشيلسى يقصى فلومينينسى بثنائية ويتأهل لنهائى كأس العالم للأندية.. فيديو

ترك أعمالا مميزة واعتزل التمثيل فى الستينيات.. ذكرى ميلاد حسين صدقى

رجال الحماية المدنية بالجيزة يشاركون فى إخماد نيران سنترال رمسيس.. صور وفيديو

استشهاد 3 فلسطينيين فى قصف للاحتلال غرب خان يونس


إحباط تهريب 300 كائن حى نادر بمطار القاهرة.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراضا وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصالا لها.. وتتسبب فى خسائر فى الثروة الحيوانية

بطل من الحماية المدنية.. مدير إدارة عمليات يصعد على السلم ليساعد في إخماد حريق سنترال رمسيس

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

ترامب: هاجمنا إيران بقاذفات قادرة على التخفى وبوتين يطلق اتهامات

عمرو الحلواني لاعب الأهلي يحتفل بالحصول على دبلومة فيفا


بطل من الحماية المدنية.. قطع إجازته ليخمد حريق سنترال رمسيس ..صور وفيديو

الناتو يوسع عمليات الاستطلاع من فنلندا إلى شمال الأطلسي

الانتقال الجماعى شعار الميركاتو الصيفى فى الدورى المصرى.. ثنائى فاركو الأحدث

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

أول تقرير من تحقيقات الشرطة الإسبانية: السرعة الزائدة سبب حادث جوتا

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

قهوة الزباد.. رحلة أغلى فنجان فى العالم من بطن حيوان إلى مائدة الأثرياء

تداول فيديو لحريق مصنع إسفنج دمياط ..استمرار محاولات السيطرة على النيران

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى