كيف نفهم فوز عمدة لندن "المسلم"؟

يوسف أيوب
يوسف أيوب
بقلم يوسف أيوب
رسائل مختلفة يمكن أن نتلقاها بعد أعلان فوز "صديق خان" بمنصب عمدة لندن، لكن أهم رسالة بالنسبة لى أن البريطانيين تخطوا حاجز ما يعرف بـ"الإسلاموفوبيا"، ففوز خان جاء وسط حملة حاولت عرقلة وصول "المرشح المسلم" لمنصب عمدة عاصمة المال، وتحويل الفوز لصالح المليونير المحافظ "زاك جولد سميث"، لكن النتيجة جاءت لصالح خان "الباكستانى الأصل" بعد حصوله على مليون و310 آلاف و143 صوتا، مقابل 994 ألف و614 صوتا، لسميث، أى بفارق 315 ألف و529 صوتا.

من تابع الحملة ضد خان سيجد أنها لم تكتف باستهدافه الشخصى فقط بل أخترقت نسيج المجتمع البريطانى، ووصلت إلى كل الجالية المسلمة بشكل مباشر وهو ما دفع العديد من المنظمات الإسلامية ونواب فى حزب العمال البريطانى إلى التنديد بالهجمة ضد المسلمين، واعتبارها شكلا من أشكال الإرهاب من الإسلام، وفقاً لما تناقلته عدد من الوكالات الأجنبية التى تابعت الإنتخابات والحملة التى أستهدفت صادق خان .

صادق خان، أبن سائق الحافلة، والمولود فى أكتوبر 1970 لعائلة باكستانية هاجرت حديثا إلى بريطانيا وأستقرت فى توتينج، بدأ حياته محامى لحقوق الإنسان قبل أن يعين وزيرا، واجه الحملة التى مورست ضده بجملة يبدو أنها غيرت مزاج الكثير من اللندنيين، بقوله "أنا لندنى..أنا بريطانى.. أنا مسلم الديانة.. وبالطبع أنا فخور بإسلامى"، وزاد على ذلك بتأكيده أن " العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنيا من أى معتقد أو بلا أى معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفى ببعضنا.. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن"، فمن خلال هذه الشعارات أستطاع الباكستانى الأصل الحصول على ثقة سكان لندن الذين يتجاوز عددهم الثمانية ملايين بينهم مليون مسلم تقريباً، وكان رد البريطانيين على فوز خان أنه مؤشر على الطابع العالمى للندن التى يسكنها 30% من غير البيض، أو كما قالت صحيفة "فايننشال تايمز" فأن الفوز "التاريخى لصادق خان يظهر الوجه المتسامح للندن، وهو ما يعد انتصارا كبيرا على التوترات العنصرية والدينية التى تغرق عواصم أوروبية أخرى فى الفوضى" .

صادق خان ليس أول مسلم يتقلد منصب رسمى فى أوربا، ففى فرنسا شاهدنا كثيرين منهم نجاة فالو بلقاسم، التى سبق وتولت منصب وزيرة لحقوق المرأة بفرنسا، ثم وزيرة التربية الوطنية والتعليم العالى والبحث، لكن الفارق أن خان فاز فى أنتخابات يمكن وصفها بالشرسة، خاصة أن خصومه ركزوا على ديانته، وحاولوا الطعن فيه بسبب إسلامه، لكن الرجل فى النهاية حقق الهدف وفاز فى الإنتخابات وحاز على المنصب الرفيع، ولكن هناك أمر لا يجب تجاهله فى خلفيات هذا الفوز وهو أن خان لا يمكن وصفه بالإسلامى المتشدد كما هاجمه أعضاء حزب المحافظين، فقد سبق أن صوت فى السابق لصالح زواج المثليين ما جعله يتلقى تهديدات بالقتل، كما أنه لا يزال يندد بالتطرف مشبها اياه بالسرطان، كما خاض الإنتخابات بسياسة اجتماعية، فهو يريد بناء مزيد من المساكن الجميلة وتجميد تعريفات النقل طوال أربع سنوات، مع التعهد فى نفس الوقت بالدفاع عن مصالح حى المال والاعمال فى لندن من خلال القيام فى البداية بحملة لإبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الاوروبى، بالتالى فأنه تعامل مع اللندنيين بمنطقهم لا بمنطقه هو، تعامل معهم بالطريقة التى يفهمومها لذلك لم ينظروا لديانته وأنما أختاروه لأنهم يرونه الأنسب .

بالتأكيد فإن فوز صديق خان يعد لحظة سياسية فارقة ليس فى تاريخ بريطانيا فقط وإنما أوربا كلها، لأنه يضع خطاً فاصلاً تبدأ منه سياسة جديدة فى أوربا لا ترهب الجاليات المقيمة على الاراضى الأوربية، وأنما تتعامل معهم بالمنطق دون النظر لديانتهم وعقيدتهم، فالاساس هو العمل والقدرة على التفكير والإبداع، وليس الدين او المذهب أو العقيدة، وهو الدرس الذى يجب أن نتعلمه نحن فى مصر وبقية الدول العربية، وربما يكون من الضرورى ان نستدعى هنا المقولة الشهيرة للدكتور مصطفى محمود " أذا نزل مؤمن وكافر إلى البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة، فالله لا يحابى الجهلاء فالمسلم الجاهل سيغرق والكافر المتعلم سينجو".
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

بطل من الحماية المدنية.. صاحب اللقطة الأشهر ظل ساعات أمام الأدخنة حتى إخماد حريق سنترال رمسيس

إحباط تهريب 300 كائن حى نادر بمطار القاهرة.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراضا وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصالا لها.. وتتسبب فى خسائر فى الثروة الحيوانية

مديرية الشباب والرياضة تخاطب الإسماعيلى بسبب استمارات سحب الثقة


السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

إيران تستلم بطاريات صواريخ أرض جو من الصين

بالدموع والحزن.. ميت غمر تودع المهندس محمد طلعت ضحية سنترال رمسيس (فيديو)

نتنياهو: سنهزم حماس ونقضي على قدراتها

المصرية للاتصالات: لا نتنصل من مسؤولية حريق سنترال رمسيس والخطط عجلت عودة الخدمة


وزير الخارجية البريطاني: سنتخذ مزيد من الإجراءات ضد إسرائيل إذ لم يتغير الوضع في غزة

أسر شهداء حادث سنترال رمسيس يتسلمون جثامين ذويهم استعدادًا لتشييعها

التنظيم والإدارة: فرصة جديدة للمتخلفين عن امتحان "معلم مساعد" بسبب الظروف الطارئة

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

37 مترشحًا بانتخابات مجلس الشيوخ فى اليوم الرابع من فتح باب تلقى الأوراق

أول تقرير من تحقيقات الشرطة الإسبانية: السرعة الزائدة سبب حادث جوتا

مجهول انتحل شخصية وزير خارجية أمريكا وتواصل مع مسئولين برسائل نصية وصوتية

إيلون ماسك يخسر 15.3 مليار دولار من ثروته بعد إعلان تأسيس حزب أمريكا

الزمالك يستعد للموسم الجديد بـ8 تدعيمات قوية.. وحسم موقف الراحلين قريبا

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى