متى تنسى السودان قصة «حلايب»؟

يوسف أيوب
يوسف أيوب
بقلم : يوسف أيوب
متى تنسى السودان قصة «حلايب»؟.. لن أدخل فى الجدل الداخلى الحالى حول ما قاله الدكتور على عبدالله من نقل تبعية حلايب وشلاتين لمحافظة أسوان، فالقضية ستبقى جدلية بين من يؤيد المقترح ومن سيرفضه، وهذا النوع من النقاش اعتدنا عليه كثيرًا، خاصة حينما نتحدث عن تقسيمات إدارية جديدة، أو نقل تبعية منطقة لمحافظة بخلاف المحافظة الموجودة بها منذ البداية، لكن ما سأتحدث عنه هو النقاش السودانى حول ملكية حلايب وشلاتين، فالخرطوم أعادت الحديث مرة أخرى عن المثلث مدعية سودانيته، وهو حديث قديم تجدده القيادة السودانية كل فترة.

مؤخرًا، وبعد الإعلان المصرى عن ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وقول مصر إن جزيرتى «تيران» و«صنافير» تعودان إلى السعودية، عادت الخرطوم وفتحت الحديث مرة أخرى، بل المرة المليار عن حلايب وشلاتين، مدعية ملكيتها لهما، وهو ما استدعى ردًا رسميًا من وزارة الخارجية المصرية التى قالت على لسان المستشار أحمد أبوزيد إن الوضع فيما يتعلق بمنطقتى حلايب وشلاتين لا يختلف عن جزيرتى تيران وصنافير.

السودان تقول إن مصر ليس أمامها فى قضية حلايب وشلاتين سوى خيارين، الأول التفاوض حولهما مباشرة مع الخرطوم، أو اللجوء للتحكيم الدولى «حتى لا تكون شوكة فى العلاقات المصرية السودانية» على حد وصف وزير خارجية السودان إبراهيم غندور الذى حاول تلطيف الأجواء مع مصر، بالتأكيد على أن العلاقات بين مصر والسودان أكبر من أن تصبح رهينة لأى قضية مهما كانت أهميتها، وهنا يجب الانتباه لشىء مهم، وهو أن إثارة قضية حلايب وشلاتين لم يتعدَ فكرة التناول الإعلامى أو التصريحات المتبادلة بين البلدين، لكن ليس هناك أى تحرك رسمى، إلا الطلب الذى تقدمت به الخرطوم للأمم المتحدة، وتجدده كل عام بشأن المثلث، كما علينا الإقرار أيضًا بأن هذه القضية كانت حاضرة بقوة فى ذهن المصريين حينما ثاروا على حكم الإخوان، خاصة بعد تسريبات اتهمت الرئيس المعزول محمد مرسى بأنه تعهد للرئيس السودانى عمر البشير بإمكانية تنازل مصر عن ملكيتها لحلايب وشلاتين خلال زيارة مرسى للخرطوم فى إبريل عام 2013.

التناول التاريخى للقضية يؤكد أن حلايب وشلاتين مصريتان، وتمارس عليهما الحكومة المصرية سيادتها الكاملة، من خلال وجود قوات مصرية على الأرض هناك، وأمور أخرى تثبت السيادة المصرية التامة، وتعود هذه السيادة إلى فترة الوجود البريطانى المتزامن فى مصر والسودان، تحديدًا حينما وُقعت اتفاقية السودان بين مصر وبريطانيا فى 19 يناير 1899، ووقعها عن مصر بطرس غالى، وزير الخارجية وقتها، أو كما يطلق عليه «ناظر الخارجية المصرية»، وعن بريطانيا اللورد «كرومر» المعتمد البريطانى لدى مصر، ونصت المادة الأولى من الاتفاقية على أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالاً، وهو ما يضع حلايب وشلاتين داخل الحدود المصرية وليس السودانية، ثم جاءت مصر فى 1907 وقررت عبر وزير خارجيتها منح السودان «حق إدارة» المثلث، واستمر هذا الوضع إلى أن أخلت السودان بهذا الاتفاق وسمحت لشركة تعدين هولندية بالدخول إلى حلايب وشلاتين، والتنقيب فيهما من دون إذن مصر، فتدخلت القوات المسلحة المصرية فى 1992 وطردت السودان والشركة، وأعادت فرض سيادتها على المنطقة.

إذن نحن أمام وضع واضح للجميع، فالمنطقة مصرية، والحكومة المصرية قررت فى فترة زمنية معينة منح السودان حق الإدارة على هذه المنطقة، ومعنى ذلك أن السيادة والملكية لمصر، لأن حق الإدارة لا يمنح السيادة للسودان على هذه المنطقة التى حاولت بشتى الطرق تثبيت سيادتها بطرق مختلفة، منها ما فعلته فى 1958، حينما أصدرت قانونًا للانتخابات اعتبرت فيه حلايب وشلاتين دائرة انتخابية سودانية، وهو ما ردت عليه مصر وقتها بمذكرة رسمية للحكومة السودانية للاعتراض على هذا التصرف الذى يتناقض مع الاتفاق المبرم بين البلدين، وقالت المذكرة المصرية إن القانون خالف اتفاقية عام 1899 بشأن الحدود المشتركة، إذ أدخل المنطقة الواقعة شمال مدينة وادى حلفا، والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين على سواحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية، وطالبت مصر حينها بحقها فى هذه المناطق التى يقوم السودان بإدارتها شمال خط عرض 22.

أمام هذا الوضع التاريخى فليس أمام السودان سوى طريق واحد فقط، هو الاعتراف بالتاريخ، والكف عن الحديث عن هذه القضية، والنظر إلى ما يفيد البلدين والشعبين، والابتعاد عن القضايا الخلافية التى لا تهدف سوى إثارة المشاكل التى نأمل ألا يكون لها مكان.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"بزعم تحديث البيانات".. التحقيق مع متهم استولى علي بيانات الدفع الإلكتروني للمواطنين

ترتيب الكرة الذهبية بعد السوبر الأوروبي.. محمد صلاح يطارد ثنائي باريس

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 وأسوان 49

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الهولندي التطورات بقطاع غزة وتداعياتها الإنسانية

البنك الأهلى يخشى اليوم مفاجآت الظهور الأول لحرس الحدود بالدورى


تعرف على الفرق بين اختصاصات مجلسى النواب والشيوخ وفقا للقانون

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد قطار تالجو اليوم الجمعة 15-8-2025

ولي عهد السعودية يبحث مع رئيس الإمارات تعزيز التعاون والقضايا ذات الاهتمام المشترك

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية


مواعيد قطارات خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15- 8 - 2025

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

الزمالك يسدد 120 ألف دولار لـ جوميز على 3 أقساط متفاوتة

الأزهر: المسجد الأقصى لن يكون لقمة سائغة والحق سيعود لأهله والباطل إلى زوال

أخبار 24 ساعة.. التعليم: تطبيق أعمال السنة على طلاب الثالث الإعدادى بدءا من 2028

عبد الرحيم دغموم رجل مباراة المصري وطلائع الجيش بالدوري

المصري يواصل ثلاثيات الدوري بالفوز على الطلائع ويحافظ على الصدارة (فيديو)

كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025

رقم قياسي لـ مصر في حضور الجماهير بمونديال ناشئي اليد رغم وداع البطولة.. صور

الشوط الأول.. تقدم ناشئى اليد على إسبانيا 15-13 فى ربع نهائي بطولة العالم.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى