«بانت سعاد».. وسقطت الأخلاق

عادل السنهورى
عادل السنهورى
بقلم : عادل السنهورى
هل نحن مازلنا أمة حقيقية؟
هل تعرفون أن فضيحة وكارثة تجريد وتعرية الأم المصرية سعاد ثابت فى قرية الكرم بالمنيا ليست الحادثة الأولى ولن تكون الأخيرة فى ملف حوادث الفتنة الطائفية فى مصر؟

هل تعرفون لماذا؟

لأن الدولة- ومنذ السبعينيات ما زالت- غير جادة وغير قادرة على معالجة ملف الأزمة علاج شامل بتفعيل الدستور، وتحقيق مبدأ العدالة والمواطنة، وعدم التمييز وتطبيق القانون، وجعل كل المواطنين سواسية أمام القانون وفى العمل والتوظيف والترقى، ثم وضع خطط عاجلة واستراتيجية لإعادة النظر فى مناهج التعليم والثقافة والخطاب الإعلامى والدينى.

الدولة ما زالت تتعامل مع هذا الملف بطريقتها الخاصة، القديمة والبائسة، والوحيدة وهى الطريقة الأمنية البحتة، وإلقاء عبء المواجهة على الأمن الذى تفوق قدرته الأحداث وتتجاوز صلاحياته، أو اللجوء لعلاج المسكنات بتبويس اللحى وإصدار البيانات المنددة، وجمع مشايخ وقساوسة ورفع شعار «الهلال مع الصليب»، وجلسات الصلح، وينتهى كل شىء، وتمر الحادثة، والنار ما زالت مشتعلة تحت الرماد، والنتيجة مزيد من الاحتقان وخلق وجدان طائفى مريض يعصف بوطن بأكمله، وينفخ فيه أصحاب المصلحة فى بث الفتنة والتفرقة والتمزيق.

سوف تتكرر الحادثة ما دام هناك مسؤولون مثل محافظ المنيا، ورئيس مباحث المنيا، ما زالوا بذات العقلية القديمة التى تهون من كل شىء، وتنفى وقوعها من الأساس، فهل هؤلاء هم المسؤولون عن الأوضاع فى محافظة المنيا، وهل هذه هى الطريقة المثلى فى التعامل مع مثل هذه الوقائع بالتهوين والنفى.

أرجوكم لا نريد التعامل مع تلك الأحداث بدفن الرؤوس فى الرمال وغض البصر وإنكار الواقع، فحادثة السيدة سعاد كاشفة لكل شىء، وفاضحة للحالة الأخلاقية والانحطاط الذى بلغناه الآن، فكيف جرؤ رجال صعايدة كانوا قبل هذا الحادثة مضرب الأمثال فى الرجولة والشهامة والنخوة والهمة على تجريد سيدة مسنة من ملابسها، ماذا حدث للصعيد؟ هل أصيب الصعيد وأهله فى أخلاقهم وفى قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم أيضا؟ هل نخر سوس التدنى والجهالة والتطرف والإرهاب فى عقول وقلوب الصعايدة؟ أليس هؤلاء من هبوا وانتفضوا ضد من أساء لنساء الصعيد جميعا، وهل السيدة المسنة من نساء الصعيد؟، أظن أن الجميع يتفق معى فى أن من أقدم على هذه الجريمة ليسوا مسلمين وليسوا صعايدة.

لقد «بانت سعاد» ووضعتنا جميعا أمام كارثة تهدد هذا الوطن، ولن ينفع معها التهوين أو التهويل والتعامل بالطريقة القديمة المأساوية والكاريكاتورية فى الوقت ذاته، سواء كانت حادثة شرف أو أزمة طائفية جديدة.

حلقة العنف الطائفى فى مصر لن تتوقف إلا بعلاج شامل للأزمة، ولو لم نهمل تقرير الدكتور جمال العطيفى، وكيل مجلس الشعب وقتها، الذى تشكلت لجنة من المجلس برئاسته عقب أحداث الخانكة عام 73، وهى واقعة بسيطة للغاية مقارنة مع ما حدث بعد ذلك، لما تكررت الحوادث بهذا الشكل وتعرض الوطن لهذا الشرخ.

فى تلك الواقعة اعترض مسلمون على إقامة شعائر دينية فى مقر نادى ثقافى قبطى، وانتفضت مصر رغم عدم وقوع إصابات أو ضحايا، وتم احتواء الأمر، وعقد مجلس الشعب جلسة طارئة لمناقشة الحدث الطائفى الأول، تشكلت لجنة العطيفى لتقصى الحقائق، والوقوف على الأسباب ثم وضع التوصيات بسياسات لحلول جذرية، تتناول جميع الأبعاد الاجتماعية والثقافية، وانتهت لجنة العطيفى إلى توصيات عشر تتعلق بالقوانين والقواعد والأعراف التى تنظم مسألة بناء الكنائس ودور العبادة ومناهج التعليم ووسائل الإعلام والثقافة، ودعت اللجنة وتقريرها إلى تفعيل مواد الدستور لتنص على المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات بين المصريين بلا تمييز، وحذرت من عدم الأخذ بالتوصيات، ونبهت إلى خطورة إهمال التقرير وعدم تنفيذ ما به، وعبرت اللجنة عن مخاوفها من تفاقم تلك الأحداث مستقبلا فى حالة عدم التجاهل من الدولة.

وحدث ما توقعته اللجنة، وأهملت الدولة وأجهزتها التقرير.

أيتها الأم الفاضلة سعاد ثابت، لقد أطلقت بحزنك وصمتك صرخة إدانة للجميع، فعذرا لست أنتِ من تعرى، الأخلاق والقيم هى التى سقطت، و«إنما الأمم الأخلاق».. فهل نحن ما زلنا أمة حقيقية؟
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بشاير المانجا.. فاكهة الصيف تبدأ غزو الأسواق من الأقصر.. صور

هولندا تستضيف معسكر أكرم توفيق مع الشمال استعدادًا للموسم الجديد

جرائم التنقيب عن الآثار تهدد التراث المصري والداخلية تتصدى

أحبت شقيق فريد شوقى وانتهت حياتها بالقتل.. ذكرى ميلاد وداد حمدى

الفيضانات تضرب السودان.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. وتحذر من تعطيل وصول المساعدات وزيادة تفشى الأمراض.. وتؤكد: تصاعد أعمال القتال يجبر الآلاف على النزوح وتفاقم الاحتياجات الإنسانية


كيلو السمك بـ30 جنيه بس.. قرية البشندى بالوادى الجديد تحصد الدفعة الثانية من مزرعة الأسماك الحكومية.. طرح المنتجات للمواطنين بأسعار مخفضة.. ورئيس المركز: خطة لتعميم التجربة فى القرى لتحقيق الأمن الغذائى.. صور

أسيست أرنولد ضد يوفنتوس يسدد قيمة انتقاله من ليفربول إلى ريال مدريد

تريلا تحطم وتدهس 7 سيارات على الطريق الدائرى بالمعادى.. صور

دليل الناخب.. كل ما تحتاج معرفته عن إجراءات التصويت فى الانتخابات

الدورى المصرى ضمن أقوى 25 مسابقة محلية فى العالم


مأساة فى المنيا.. أب يقتل أطفاله الثلاثة بسبب خلافات أسرية

5 حالات للإخلاء الإجبارى فى قانون الإيجار القديم.. أبرزها امتلاك وحدة بديلة

الأهلي السعودي يكشف عن شعاره الجديد

بعد حسم البرلمان.. كيف يتم إخلاء الايجار خلال 7 سنوات للسكنى و5 لغير السكنى؟

الحكومة: كشف جديد فى حقول عجيبة للبترول بمعدل إنتاج أولى 2500 برميل يوميا

بعد جدل حذف أغانى أحمد عامر.. هل الغناء حلال أم حرام؟.. الدكتور على جمعة: لا يوجد حكم مطلق وهناك موسيقى تهذب الروح.. الشيخان محمد الغزالى وعبد الحليم محمود يفتيان ياسمين الخيام.. وهذا ما قاله الشعراوى لـ شادية

الأهلي يفاضل بين 3 عروض محلية لإعارة محمد عبد الله

مصر تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية

تعرف على أرباح أندية ربع نهائى كأس العالم للأندية 2025

ديفيز يرشح خبير أجنبى لتولى قطاع ناشئين اليد فى الأهلى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى