المجانين فى نعيم

كريم عبدالسلام
كريم عبدالسلام
بقلم - كريم عبدالسلام
دخلت فى مناقشة حامية مع عدد من الأصدقاء والزملاء، حول الأساليب الثورية الحقيقية، وكيف تختلف من فترة زمنية لأخرى، وكانت وجهة نظرى أن الأساليب الثورية مثل الأسلحة فى الحروب، يلحقها التطور والتغيير، ومرهونة بثورة العلم والتكنولوجيا ومتطلبات الناس، بينما رأى عدد من الأصدقاء أن الثورة تعنى التظاهر فى الميادين والاحتجاج المتدرج من السلمى إلى التغيير بالقوة، وهنا رأيت ضرورة لإعادة نشر مقال سابق لى بعنوان «عيش حرية عدالة اجتماعية».

نحن ما زلنا مجتمعا بدائيا متخلفا يعتمد فى حركته وتصوراته وقراراته على الخرافة، والدليل أن قطاعا لا يستهان به من الناس فى بلدنا يتصورون أنهم عندما ينطقون الكلمة باستمرار، فإنها تكتسب وجودها، وتتحقق فعلا وكأنها الطلسم الذى ينادى به الساحر القديم على التراب فيتحول ذهبا، خذوا عندكم مثلا الشعارات البراقة الجميلة فعلا لثورة 25 يناير «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» وفى هتاف آخر «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية»، عدد كبير منا ما زالوا يتصورون أنهم عندما يتركون أعمالهم وينزلون الساحات والميادين ينادون على تلك الشعارات فإنها تتحقق، وبقدر قوة الأصوات وهديرها والتفانى فى النداء، فإن المطالب تتحقق أسرع، وبقدر طاقة الغضب المصاحبة للصوت يرتفع مستوى تحقق هذه الشعارات! لو تأملتم كلماتى ستكتشفون الصدمة، أن تلك هى طريقة تفكيرنا فعلا، ودعكم من أن تلك الشعارات تعكس مطالب حقيقية، فالمشكلة ليست فى الشعارات ولا فى الاحتياجات التى نعانى عدم تحققها، ولكن المشكلة الحقيقية فى تصدينا لتحقيقها بطريقة لا تسمح أبدا بالعيش، والحرية، والكرامة الإنسانية، أو العدالة الاجتماعية. كيف السبيل إذن إلى هذه الشعارات الجوهرية؟ بالعمل، وبذل الجهد، والابتكار والاجتهاد والمثابرة وتقديم النموذج، ثم الدفاع عن الظروف المثالية التى تجعل من العمل ناجحا، وبذل الجهد وسيلة للترقى الإنسانى ومواجهة أشكال الاستغلال والفساد، فماذا فعلنا فى هذا الاتجاه سوى المطالبة، وتوجيه الانتقادات والاتهامات، ورفض الإصلاحات، والتشكيك فى النيات، وتبنى خطاب المتطرفين أعداء البلد فى بعض الأحيان، وتبنى وجهة النظر العدمية الساذجة حول ضرورة الفوضى الخلاقة والهدم لإعادة البناء فى أحيان أخرى؟ عندما يبدأ كل منا فى العمل لتحقيق أحلامه فى الترقى الاجتماعى والاقتصادى فعليا من خلال مشروعه أو عمله أيا كان مجاله، نقترب من شعارات الثورة، وعندما نتوقف عن تضييع الوقت فى الكلام فقط، وإدراك أن الوقت يساوى مالا، فعندها نقترب من شعارات الثورة، وعندما تكون مطالباتنا عملية متجسدة على الأرض ومتعلقة بالبناء والإنتاج، فإننا نسلك الطريق الصحيح لإنجاح ثورة يناير وشعاراتها، القائلون إن البناء من جديد لا بد وأن يسبقه الهدم دجالون، ومروجو الفوضى باعتبارها ضرورة حتمية لقيام مجتمع العدالة والكرامة نصابون، ولم يسمحوا سوى بالقمع الوحشى فى بلادهم، والذين يسلبون المجتمع تماسكه لصالح الاستقطاب والانقسام الطائفى والدينى والعرقى بزعم التعبير عن الذات، وحرية الرأى هم طلائع الاستعمار الجديد الذى يستخدم لغة العصر للإيقاع بالشعوب البدائية المتخلفة من أمثالنا، وعلينا نحن أن نختار الانصياع للأفاقين والكذابين والاستعمار الجديد، أم نطرح عن كواهلنا نير التخلف، ونشمر عن سواعدنا للبناء من أجل نهضتنا وتطورنا؟

أصعب ما يمكن أن نواجهه فى الظروف الراهنة، الحيرة أمام الطرق التى يجب علينا المضى فيها، والتى تحتاج إلى كثير من التفكير والتأمل، فهناك الطريق السهل للمعارضة والانتقاد والاحتجاج، وهو يوفر لصاحبه قدرا من الرضا الذاتى وإن كان مزيفا، لأنه فى الغالب لا يكون مرتبطا ببذل جهد عملى كبير، وهناك طريق آخر للإصلاح بالعمل والإنتاج وخلق مناخ يحمى علاقات العمل من الفساد والاستغلال، من خلال التنظيمات العمالية والنقابات، أما الطريق الثالث فهو استخدام فائض القوة والمال والطاقة لتحقيق شعارات الثورة من خلال العمل التطوعى الجاد لرفع مستوى المجتمعات الفقيرة فى العشوائيات والريف وعلى أطراف المدن. بحسب الطريق الذى تسلكه الغالبية يتحدد مسار ومصير هذا البلد، إما الزعيق والجعجعة والمطالبة المجانية بالمعجزات وإما العمل والابتكار لتحقيق شعارات الثورة على الأرض، فماذا تريدون؟
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

سيدة استولت على أموال الشباب بزعم العمالة بالخارج والجهات المختصة تباشر التحقيق

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو اليوم الجمعة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور


رادار المرور يلتقط 1131 سيارة تسير بسرعات جنونية خلال 24 ساعة

داكر مونتجمرى يكشف سبب ابتعاده عن النجومية وهوليوود

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

منتخب السلة راحة اليوم ببطولة الأفروباسكت لكرة السلة

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية


بالرغم من وداع المونديال.. مواهب مُبشرة فى صفوف منتخب ناشئى اليد

زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بسبب 200 ألف جنيه.. التفاصيل

رئيس شركة Skydance: فيلم Top Gun 3 لـ توم كروز أولوية الشركة

المصري يواصل ثلاثيات الدوري بالفوز على الطلائع ويحافظ على الصدارة (فيديو)

انتحار ضابط احتياط إسرائيلى بعد مشاركته فى معارك بقطاع غزة

رجل يلاحق زوجته بسبب تحايلها بمستندات مزورة للزج به فى السجن.. التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى