لغة البيادة

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم وائل السمرى
الدولة يحكمها القانون، والدولة لا تفرق بين أبنائها، والدولة تحافظ على استقلال المؤسسات، والدولة تعيش بمقدار ما تمنح أبناءها الأمان، ولم تنشأ كل هذه الأعراف من فراغ، لكنها نشأت بعد تجارب عديدة أثبتت أن مراعاة هذه الأصول هو «المضاد الحيوى» الفعّال لحماية الدولة من الاختناق إذا اختنقت، وانتشالها من الغرق إن وقعت فى مستنقع الفوضى، ولا يعنى هدم هذه الأعراف سوى «تسليم الدولة للمجهول»، ولهذا يتعاظم جرم اقتحام قوات الأمن لنقابة الصحفيين والقبض على اثنين من الزملاء فى واقعة تاريخية غير مسبوقة، فلم تنتهك وزارة الداخلية حرمة القانون فحسب، وإنما عبثت فى ثوابت الدولة المصرية خاصة، ومفهوم الدولة فى العصر الحديث بشكل عام، لتعيدنا إلى عصور الرجعية وتلقى بسمعة الوزارة فى مستنقع عميق باعتبارها آلة هدم للمدنية الحديثة، وليس جهازا لحماية الدستور والقانون.

هنا واقعة تؤكد أن اللغة الرسمية لوزارة الداخلية الآن هى «البيادة»، وما اقتحام نقابة الصحفيين سوى تهديد علنى وصريح بأن الجميع يقعون تحت البيادة، أو فى انتظار الوقوع تحتها، وللأسف فقد شوهت هذه الوزارة نفسها بنفسها، وأهالت التراب على بطولات بعض من أبنائها الأبرار الذين سقطوا فى معارك الشرف، دفاعا عن مصر وأمنها، وللأسف أيضا، فإن نهج الوزارة هذه الأيام يؤكد أنها تستعرض قوتها فى الشوارع والبيوت والميادين، دون خوف أو حتى خجل، وهو ما يبرز حاجتنا الآن إلى وضع ميثاق جديد للتعامل مع مثل هذه الظروف، فللأسف قد استغلت وزارة الداخلية شرعية الحرب على الإرهاب، ووضعت جميع فئات المجتمع فى مصاف الإرهابيين، وصارت لا تخجل من المخجلات، ولا تتقى الله فى شهدائها.

أجرمت الوزارة حينما تغولت على مؤسسات الدولة، وأجرمت حينما تركت يد أبنائها تعبث فى الشوارع والميادين، وأجرمت حينما تركت الأسلحة النارية فى أيدى أمناء الشرطة ومندوبيها، ليرهبوا بها عباد الله، فيقتلوا من يقتلوا ويجبوا من يجبوا، وأجرمت حينما ظنت أنها هى القانون، وأن رغباتها هى الفيصل بين الحق والضلال، وأجرمت حينما لم تحاكم المجرمين من المنتمين إليها، وأجرمت حينما أصرت على التدخل فى السياسة لتقمع التظاهرات، وتعتقل المعبرين عن رأيهم بسلمية، وأجرمت حينما تركت الكثيرين من أبنائها تحت مرأى ومسمع منها، يتعاونون مع المجرمين الجنائيين، ويتقاضون منهم الرواتب، وأجرمت حينما رعت الانفلات الأمنى بترك المجرمين فى حماية الضباط، وأجرمت حينما تغافلت عن مطاردة عتاة الإجرام، إلا فى حالة تعديهم على رجالها، وأجرمت حينما تركت الغضب الشعبي يتنامى ضدها وهي تخوض حربا حقيقية، وأجرمت حينما حاصرت نقابة الصحفيين فى 25 إبريل الماضى، وأجرمت حينما تعاملت مع عضوية نقابة الصحفيين، باعتبارها جريمة فى حد ذاتها، ولا سبيل أمام الدولة المصرية إن أرادت أن تحيا حياة عادلة سوى التخلص من هذه الجرائم ومعاقبة كل المجرمين.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

مانشستر سيتى يكتسح كريستال بالاس بثلاثية بمشاركة شرفية لمرموش.. فيديو

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو

كل ما تريد معرفته عن قتل وإصابة 42 شخصا بهجوم استهدف عيد حانوكا بأستراليا

رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية بالسخنة


زوجة ضحية الدفاع عن منزله فى كفر الشيخ: "سكبوا البنزين على جسمه وولعوا فيه"

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

تقارير إخبارية تكشف اسم الشخص منتزع السلاح من منفذ هجوم سيدنى.. من هو؟

ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة


نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

تفاصيل عرض المليون دولار من برشلونة لضم حمزة عبد الكريم وموقف الأهلي

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

الصفقة المجانية سر غضب الأهلى من برشلونة فى صفقة حمزة عبد الكريم

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية

مستقبل محمد صلاح حديث صحف إنجلترا بعد تألقه مع ليفربول ضد برايتون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى