«عطارد» محمد ربيع..الجحيم الذى نعيش فيه

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
بقلم - أحمد إبراهيم الشريف
«وعندما استيقظ وخرج من غرفته تحت الكوبرى شاهد أهرامات الزبالة ترتص فى صف واحد بأناقة واتساق، وطيور عديدة تحلق فوقها وتحط عليها وقال فى نفسه: هذا حقا هرم ملون صالح للعيش فيه»، ربما كانت هذه الجملة من أكثر الأشياء التى استوقفتنى فى رواية «عطارد» للروائى محمد ربيع، لأنها جملة كاشفة بامتياز عن العالم الذى قصدته الرواية.

إن الأثر الأكبر والإيحاء المسيطر الذى تركته الرواية على كثير من القراء أن «عطارد» نبوءة ستتحقق قريبا، خاصة أن الأماكن معروفة ومتاحة، فهو لم يتخيل مدينة سحرية طائرة فى الفضاء أو مدفونة تحت الأرض، كما أن كثيرا من الأحداث لها أصل عرفه الناس، فقط الكاتب مد خطًا مستقبليًا لهذه الأحداث، وأدرك تماما رغبة الناس فى الفناء وتعطل قدرتهم على الانتماء، لكن لنا أن نقول إن محمد ربيع لم يكتب روايته على طريقة روايات الخيال العلمى ولا سلسلة ملف المستقبل ولا الأفلام الأمريكية، فقد كان تركيزه الأكبر على الروح المعذبة التى ستتسع دائرة جحيمها الذى تعيش فيه الآن.

لقد أدرك محمد ربيع، فى روايته التى وصلت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر هذا العام، والتى حصل عليها الكاتب الفلسطينى ربعى المدهون، ما الذى تحتاجه هذه الرواية لتصبح ما هى عليه الآن، وبالطبع فكر فيها مرات كثيرة قبل أن يبدأ فى كتابتها، لأن لك أن تتخيل دلالة «الجحيم» التى سعى إليها، حيث «لا حب ولا كراهية ولا انتماء، ولا تعاطف، والناس فى حالة من فقدان الوعى الدائم»، وقد فتحت الرواية الباب لتتسع الرؤية ونرى العالم على حقيقته، ونرى واقعنا كما ينبغى لنا أن نراه «ضائعا ومعذبا».

ومحمد ربيع فى روايته استخدم لغة «حادة» بعض الشىء، فلا وقت للجماليات الشكلية، فالسنوات التى نعيشها قاسية جدا ولن تجملها صورة بيانية فى فقرة من رواية، فالأمر أكبر من ذلك، الناس فى الرواية يريدون أن يموتوا بأى طريقة، لذا هم لا يريدون لغة عاطفية لكنهم يحتاجون ألفاظا بقسوة الرصاص وألم الماسورة الحديدة، وقد فعل محمد ربيع ذلك.

إنه الجحيم نسير فيه دون أن نبصره تماما، ودون أن نلحظ وقع أقدامنا، فقط بعض اليقظة تصيب أحمد عطارد أحيانا، فيتعجب من انتشار القبح بهذه الطريقة فى الشوارع، ويستغرب من التدهور الإنسانى الذى وصل لهذه الدرجة من الضياع، لكنه فى النهاية يعرف أن دائرة الجحيم التى سقطنا فيها لن تنته أبدا بل ستزداد اتساعا.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تصويت المصريين بالخارج فى انتخابات مجلس الشيوخ.. ببطاقة الرقم القومى أو جواز سفر سار

جامعة القاهرة الأهلية تُطلق صفحتها الرسمية على فيسبوك وموقعها الإلكترونى

بعد التصالح فى واقعة نجل الفنان محمد رمضان.. سيناريوهات جلسة المعارضة غدا

اعتقال 7 جنود إسرائيليين بتهمة "انتهاكات جنسية" ضد زملائهم

بن أفليك يوجه تحذيرًا صادمًا لحبيب جينيفر لوبيز الجديد


الحكومة تعفى المهرجانات ذات الطابع القومى من ضريبة الملاهى

مدبولى: الرئيس السيسى وجه بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب حريق "سنترال رمسيس"

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

الأهلى يُخطر وسام أبو على بموعد الاستعداد للموسم الجديد لحين حسم العروض

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور


هل يستطيع ترامب شل حركة "إف-35" فى أوروبا؟.. تقارير: مخاوف متصاعدة من "زر أمريكا"

شاطئ خاص وسينما.. تفاصيل فيلا محمد صلاح الفاخرة فى تركيا

مصدر بالاتحاد المنستيرى: الزمالك فاوضنا لضم محمود غربال.. وهذا موقفنا

"تسجيلات مسربة" ترامب يهدد بقصف روسيا والصين و قمع الجامعات.. التفاصيل

حسام وإبراهيم حسن يطمئنان على مروان عطية

مواعيد الامتحانات بنظام البكالوريا ورسوم التحسين

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد ريال مدريد في مونديال الأندية

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى