ليكون العام كله رمضان

محمد على يوسف
محمد على يوسف
بقلم : محمد على يوسف
الصيام والقرآن يحركان النفس تجاه الصلاح والتقوى
فى مقال الأسبوع الماضى بهذه الزاوية تحدثت عن ذلك السؤال الذى يدور بخلد الكثيرين، حين يسمع عن تصفيد الشياطين وتقييدها فى رمضان، ويرى فى الوقت نفسه معاصى وخطايا يقع فيها البعض رغم ذلك التصفيد والتقييد فيسأل: لماذا؟! لماذا نعصى الله فى رمضان؟ حاولت أن أجيب عن ذلك السؤال، ومررت سريعا على حقيقة أن النفس البشرية كانت - وما زالت - متهما رئيسيا إن لم تكن المتهم الوحيد فى كثير من الجرائم، التى اقترفت عبر مراحل التاريخ البشرى، وكان ذلك من خلال العرض القرآنى لتلك الجرائم التى برزت فيها النفس كمتهم بشكل واضح وصريح.

نأتى لسؤال آخر مهم يطرح نفسه بقوة فى هذه الأيام الفاضلة المباركة، حيث تكثر الطاعات أيضا، وتعلو همم الطائعين والطائعات لاقتراف شتى صنوف القربات، وطرق مختلف أبواب العبادات، لماذا؟! لماذا تسهل الطاعات، وتكثر فى رمضان؟! هل هى الرغبة فى المثوبة وابتغاء الأجر وبغية المضاعفة وحسب؟! إن كانت تلك هى الإجابة، فلماذا لا نجد نفس الإقبال فى مواسم أخرى تضاعف فيها أجور الأعمال أيضا؟! لماذا لا نجد إقبالا موازيا فى العشر الأول من ذى الحجة على سبيل المثال، رغم أنها بنص الحديث الصحيح أفضل أيام الدنيا، وما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر؟! نحتاج بشدة لأن نجيب عن هذا السؤال، لعل تلك الإجابة التى تضع أيدينا على نقاط القوة ومحفزات التغيير فى رمضان؛ تعيننا على المداومة على ذلك بعد رمضان.

اعتقادى أن الإجابة تكمن فى ثلاث كلمات..الصيام.. القرآن.. صحبة الخير، ولنبدأ بتلك الأخيرة، الإنسان بطبعه مخلوق اجتماعى ودود لا يميل للعزلة كأصل، ومن ثم كان ذلك الاجتماعى الهائل على الطاعة فى رمضان من أهم عوامل تسهيلها على النفس كل من حوله صائم - أو جلهم - وكلما أدار البصر وجد تاليا للقرآن أو ذاكرا لله أو سمع قرآنا يُتلى من مذياع ما، المساجد ملأى والمصلون فى صلاة صبح رمضان أكثر من عددهم فى صلاة الجمعة فى بعض المساجد سائر الأيام، والتسابق إلى النوافل والتراويح أكثر من التسابق لفرائض فى غيره، أما عن الإنفاق والإطعام فحدث ولا حرج، من هنا يجد المرء حوله فى منظومة تغلب عليها الطاعات، فيتشجع لا محالة على أن يكون جزءا منها، وتلك فلسفة الكثير من العبادات التى اختار الله لها تلك الصفة.. الاجتماع.

أما الصيام والقرآن فيشكلان جنبا إلى جنب مؤثرا جبارا يحرك دفة النفس تجاه الصلاح والتقوى، الصيام يقلل الشهوات إلى أدنى درجاتها، وقد نصح النبى من لم يستطع الباءة فلم يتمكن من الزواج فعليه بالصوم، فهو جُنة وترس فى وجه الشهوات، والقرآن كتاب تغييرى كما بيّنا مرارا فى عشرات المقالات السابقة، لذلك تجد الربط الواضح بين مشهد الجود المضاعف لدى النبى صلى الله عليه وسلم، وبين مدارسته للقرآن مع جبريل عليه السلام فى رمضان، فتجده فى رمضان أجود ما يكون.. أجود من الريح المرسلة حين يأتيه جبريل فيدارسه القرآن كما بلفظ الحديث، لقد كان النبى كريما منفقا سائر الأيام، لكن اجتهاده هنا اجتهاد مختلف والفارق - بخلاف فضل الأيام - هو مدارسة القرآن جنبا إلى جنب ذلك الحائل عن الشهوات- الصيام.

واجتماع الصيام والقرآن على القلب فى رمضان ينشئ حالة عميقة أكيدة من التأثير التغييرى، يندر أن تجد متعرضا صادقا لها إلا ويتغير بها، حيث تعرض الآيات على القلب وهو فى حالة من تراجع لمنسوب الشهوات تؤهله للتأثر والتفاعل مع كلام الله، يعين على ذلك فى رمضان أن تترسخ قيمة المدارسة التى كانت السمة المميزة لعلاقة النبى صلى الله عليه وسلم بالقرآن فى رمضان، حين تترسخ تلك القيم، ويدرك المسلمون أن الأمر ليس فقط بكثرة طاعة موسمية لا ينبنى عليها تغيير وعمل، بل يتبعها انقطاع وهجر بعد انقضاء رمضان، يحدث التغيير الدائم للأفضل.

إنها إذن دعوة لتغيير النظرة النمطية لرمضان على أنه موسم طاعة عابر وينقضى، ولكن على المسلم الواعى أن يلمس كما قلت مواطن القوة والإعانة، ويضع يده عليها متمسكا بها لعلها تكون طريقه لأن يكون عامه كله رمضان.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فحوصات طبية جديدة تنتظر مروان عطية فى الأهلى بفرمان الطبيب

كل الدعم يا بطل.. مطالب بالإفراج عن أحمد عبد القادر ميدو رئيس اتحاد شباب المصريين بالخارج

القبض على البطل المصرى أحمد عبدالقادر ميدو رئيس اتحاد شباب المصريين بالخارج

الأهلي يخطط لمنح عمر الساعي فرصة جديدة بعد نهاية الإعارة مع المصري

من صفقات جزئية إلى اتفاق شامل.. نتنياهو يتلاعب بوقف إطلاق النار فى غزة والسر "منشورات ترامب".. مسئول إسرائيلى: "الشروط الخمسة" تكتيك لإطالة "حكم الحرب".. و"CNN": ما يحدث حير الوسطاء والحل في واشنطن لا تل أبيب


خالد صلاح يكتب: كيف نجحت (غزوة القنصليات) فى توحيد صفوف المصريين فى الخارج وتنشيط ذاكرتنا الوطنية وتجديد دماء جبهة 30 يونيو.. شكرًا لأغبياء الإخوان

باق 12 يوما على بدء العام الدراسي الجديد.. تعرف على التفاصيل

موعد مباراة الأهلى القادمة أمام بيراميدز فى الدوري والقناة الناقلة

شباك التذاكر.. فيلم Superman يحقق 604 ملايين دولار عالميا منذ يوليو الماضى

مقارنة بين انطلاقة أنشيلوتي وألونسو مع ريال مدريد


اشتباكات بين قوات الأمن السورى وقسد فى دير الزور

ليفربول يخطط لخطف رودريجو من ريال مدريد بدلا من إيزاك

تنسيق المرحلة الثالثة.. إتاحة تسجيل الرغبات بحد أدنى 50% لجميع الشعب

ثمار النمو فى جيب المواطن.. خطة التنمية ترفع نصيب الفرد لـ186.8 ألف جنيه العام الجارى.. الزيادات تعكس نمو اقتصادى حقيقى.. والحكومة تنجح فى تعزيز نصيب الفرد بخدمات التعليم والصحة والبنية التحتية

جدول ترتيب الدوري المصري بعد مباريات الاثنين 25/ 8/ 2025

علاء عبد العال: الأهلي يحتاج مدربًا أكبر من ريبيرو قادر على إدارة النجوم

أنغام فى أحدث صورة بصحبة نجل شقيقتها: "حمد الله على سلامتك يا أحلى خالتو"

وزارة الصحة توضح معلومات مهمة عن تطعيمات الروتا للأطفال.. تفاصيل

بيراميدز يتلقى الهزيمة الأولى بالدورى على يد مودرن سبورت بثنائية

صراصير وفئران وطعام فاسد داخل معسكرات جيش الاحتلال.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى