من يكتب تاريخ الصحافة والإعلام فى مصر؟

محمد شومان
محمد شومان
بقلم محمد شومان

نحتاج إلى مراجعة ما كتب عن جدوى قرارات تأميم الصحافة فى المرحلة الناصرية


تاريخ الصحافة المصرية لم يكتب حتى اليوم، فهناك قضايا بالغة الأهمية لم يتطرق لها مؤرخو وباحثو الصحافة، منها آليات التمويل والإدارة والتحكم فى صحافتنا منذ نشأتها فى كنف الدولة عام 1827م، ثم ظهور الصحافة الخاصة والحزبية.. لم تتطرق كتابات تاريخ الصحافة لمستويات المهنية وأوضاع الصحفيين والظروف التى كانت تحيط بهم، وكيف كانت تؤثر فى تغطيتهم للأخبار وما يكتبون من آراء، وهل كانت سلطة الاحتلال والقصر هى التى تضغط عليهم أم أن هناك سلطات أخرى منها سلطات العادات والتقاليد والنفوذ الفرنسى ونفوذ الجاليات والمعلنين والأحزاب.

توجد أسئلة كبرى فى تاريخ صحافتنا بلا إجابة، وهناك ما يبدو أنه حقائق، لكنها تحتاج إلى مراجعات، مثل أن الشوام هم الذين أسسوا الصحافة المصرية وقادوا التطوير فيها، وأن الصحف الحزبية كانت أقوى من الصحف غير الحزبية مثل الأهرام والمقطم، ويتفق المؤرخون على أن المقطم كانت تقف إلى جانب الإنجليز، بينما وقفت الأهرام دائما بجانب فرنسا، طبعا مقابل حصول الصحيفتين على دعم مالى وسياسى، لكن الخطوط العريضة لهذا الدعم غير معروفة، كما لم يكتب أحد تفاصيل تمويل القصر للصحافة، أو تمويل الأحزاب للصحف التى تصدرها، ثم من يمول تلك الأحزاب، هل ملاك الأراضى الزراعية أم الرأسماليون مثل طلعت حرب وعبود باشا.

نحتاج إلى مراجعة أكذوبة أن منع الإذاعات الخاصة التى ظهرت فى عشرينيات القرن الماضى كان خطوة للأمام أدت إلى ظهور الإذاعة المصرية عام 1934م، لكنها أرست معالم احتكار الدولة للبث الإذاعى، ثم احتكارها للبث التليفزيونى الذى بدأ عام 1960م.. وتحويل الإذاعة والتليفزيون إلى أكبر أداتين للدعاية للحكومة، أى حكومة، والتلاعب بعقول المواطنين وتزييف وعيهم على مدى القرن العشرين!!. تصور معى، عزيزى القارى، مسارا مغايرا كان يسمح بظهور الإذاعة المصرية وإلى جانبها إذاعات خاصة.. أو يظهر فيه تليفزيون الدولة «ماسبيرو» ومعه محطات خاصة.. لاشك أن هذا المسار كان سيقلل من الدعاية للحكومة، ويوفر قدرا أكبر من المهنية واحترام التنوع والتعدد، عوضا عن إعلام أو دعاية الصوت الواحد. طبعا التاريخ لا يعرف الأمنيات.. لكن الوضع الحالى للصحافة والإعلام يقود تقريبا إلى نفس المسار الذى عطل لأكثر من 70 عاما!! لكنه يحتاج مزيدا من الحرية والتنظيم والتنوع فى أنماط الملكية والإدارة.

صحافة فى المرحلة الناصرية، التى أدت إلى تراجع الصحافة المصرية كمهنة وصناعة، والأخطر أنها أسست وضعا شاذا مازلنا نعانى منه، ولا يوجد له مثيل فى العالم.. وهو أن لدينا صحافة مملوكة للدولة تعانى من مشكلات هائلة، ويبدو أنها ستواصل خسائرها وفشلها فى ظل تراجع وأفول عصر صحافة الورق، وصحافة دعم وتأييد الحكومة «على الفاضى والمليان»!!

نحتاج إلى بحوث فى تاريخ آليات السيطرة على العاملين فى الصحافة والإذاعة والتليفزيون، وأساليب اختيار الدولة لرؤساء التحرير بعد تأميم الصحافة وحتى اليوم، والأهم أساليب اختيار العاملين فى الصحافة والإعلام، ولماذا سيطرت الواسطة والقرابة على اختيارات المرشحين للالتحاق بالصحافة والإعلام منذ السبعينيات وحتى اليوم، وهل هناك مميزات مادية أو معنوية تفسر ذلك، وأخيرا ما سبب وجود فوارق طبقية، وثقافية ومهنية كبيرة بين الصحفيين والإعلاميين قبل وبعد الثورة وحتى اليوم..
وكيف يظهر الصحفى المليونير والصحفى الفقير، وما هى مؤهلات أو شروط ظهور كل منهما، التى لا ترتبط غالبا بالمستوى المهنى أو الثقافى؟ وبعبارة أخرى: كيف يصنع الصحفى المليونير والصحفى أو الإعلامى الفقير أو الذى يعيش مستورا؟ الأسئلة والمراجعات التى يتطلبها تاريخ الصحافة والإعلام كثيرة ومتشعبة، وشيقة وممتعة أيضا.. لكن للأسف لا يوجد حماس بين الباحثين الشباب لدراسة تاريخ الصحافة والإذاعة والتليفزيون، فمن النادر أن يسجل طالب ماجستير أو دكتوراه موضوعا لرسالته فى تاريخ الصحافة والإعلام، وأعتقد أن هروب الباحثين له مبررات كثيرة أهمها: صعوبة المجال، والحاجة إلى باحث مثقف قارئ للتاريخ ولمهنة الصحافة وعلوم الإعلام.

أتمنى أن يظهر باحثون بهذه المواصفات لينجزوا ما عجز أو فشل فيه جيلى وأجيال من أساتذة الصحافة والإعلام، الذين ركزوا على تاريخ سير كبار الصحفيين وأهملوا التاريخ العام للصحافة والإعلام وتوقفوا عند الستينيات، وكان كثير من بحوثهم تكرارا لما ساد وانتشر فى كتب التاريخ العام أو كتابات تاريخ الصحافة التى كتبت بروح وطنية حماسية ضد القصر والاحتلال، ولكنها لم تكن علمية أو دقيقة تماما، لأنها أهملت الكثير من القضايا والإشكاليات التى تحتاج لمراجعات نقدية جادة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

شوبير يكشف تفاصيل الأزمة الصحية لـ حسن حمدى رئيس الأهلى الأسبق

مدرب الإنتر: المنافسة على لقب الدوري الإيطالي مع نابولي ستكون متوازنة

تنسيق المرحلة الثالثة.. 50% حد أدنى للتقدم لطلاب النظامين الحديث والقديم

تنسيق المرحلة الثالثة .. إتاحة تسجيل الرغبات الثلاثاء 26 أغسطس

والد طالبة تعديل الرغبات يتنازل عن المحضر ضد المتسببة.. ويؤكد: كان يهمنى مستقبل بنتى


الجولة الرابعة تحدى وصراع فى الدورى.. الأهلي يستهدف الفوز للمنافسة على القمة.. المصري يتمسك بالصدارة أمام الكبار.. 8 فرق تبحث عن أول انتصار.. بيراميدز يسعى لإيقاف نزيف النقاط.. والزمالك فى مهمة مثيرة أمام فاركو

النيابة تحقق فى بلاغ ضد الزمالك بسبب الدباغ.. والمحامى يكشف سر الرقم الناقص

الأرصاد تزف بشرى للمواطنين وتكشف عن موعد انخفاض درجات الحرارة

رقم قياسي ينتظر محمد صلاح في مباراة نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول

وزارة الصحة تكشف عن 7 أمراض تهدد الحياة بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. تفاصيل


متحدث الخارجية: الحديث عن تراجع دور مصر بالقضية الفلسطينية "عبث سياسي"

طبيب الأهلي يحدد موعد عودة مروان عطية للتدريبات الجماعية

مواعيد مباريات اليوم.. فولهام مع مانشستر يونايتد وأوفييدو ضد ريال مدريد

فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة للعام الجديد

المحكمة تفصل فى طلب الحجر على نوال الدجوى بعد شهر ونصف.. تفاصيل

مساعدات استثنائية للأسر الفقيرة بقانون الضمان الاجتماعى تصرف فى 7 حالات

موعد مباراة الزمالك أمام فاركو بالدوري المصري والقناة الناقلة

نقيب المعلمين: البكالوريا تنهي كابوس الثانوية العامة وتؤهل الطلاب لسوق العمل

تشييع جثمان بهاء الخطيب في البدرشين ودفنه بمقابر ميت رهينة

يوفنتوس يستضيف بارما بحثا عن انطلاقة قوية بالدوري الإيطالي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى