محـمد شـوارب يكتب: حتى يعود مجتمعنا إلى الترابط المطلوب

ورقة وقلم – أرشيفية
ورقة وقلم – أرشيفية
لم تشهد من قبل مجتمعاتنا هذا التنافر والتناحر والتناقض وسواء الأخلاق وعدم الصبر على الآخر، وزعزعة واستقرار أمننا ووطننا، إن المجتمع بأثره حزمة من الأفراد بمختلف أجناسها ودياناتها تتمثل فى رباط واحد قائم. وكل هذه العرى تنشأ أولاً وآخراً من مشاعر الناس والنفوس، واختيارها الحر، لا، بل الأمر أعظم من مجرد اختيار، إنه الرغبة المتأصلة والأصيلة العاقلة الدائمة فى أن يسلم الفرد فى المجتمع مع الآخرين فى إقامة مجتمع يعيش ويتعايش فيه.

فالمجتمعات ليست سواء فى دعائمها، لأن ما يكون بواعث التجمع يختلف من قُطر إلى قُطر. فقد يخطئ الإنسان الذى يعد اللغة من دعائم المجتمع مثلا فى إحدى الدول الأوروبية لأن هذه البلاد تنتشر فيها عدة لغات، وعندما نتحدث عن مجتمعاتنا التى تتكون من عناصر وتعتمد فى إطراح الإسلام منها، فنحن مخطئون علمياً وفكرياً وسياسياً وإجتماعياً، وذلك لأن العروبة لم تنفخ فيها الروح، وتبرز إلى الحياة العالمية إلا مع الإسلام، أما قبل ذلك فوجودها الأدبى كان صفراً، فالركن الأساسى للقومية العربية ولعروبتنا هو التاريخ المشترك والأهداف والمصالح والمصير المشترك، لأن التاريخ حمل صورة واحدة ومر على أدوار واحدة وصيغ هذا الوطن بصيغة واحدة منذ فجر الإسلام حتى الآن.

فعندما ننادى بالقومية فى مجتمعاتنا نحتاج إلى رباط يشق طريقه إلى المستقبل فى بناء المجتمع العربى. فالدعائم العامة لشتى المجتمعات هى اللغة والجنس والبيئة الجغرافية والتاريخ المشترك والدين والمصالح والآمال المترابطة والمتحدة. ففقدان أى عنصر من هذه العناصر لا يقيم مجتمعاً له كيانه وخواصه، فلابد من توافرها كلها أو توفر أغلبها.

المجتمع بطبعه يتطبع ويتطلع للمرء بخلق خاص فى معاملاته، وبرغبة فى إلتزام طرق الرباط فى الحياة الاجتماعية التى تتجلى فى إطاعة الحاكم بعد تفاهم مشترك بينهما. فأرجاء الوطن العربى يكمل بعضه بعضاً وتؤلفه مجموعات مترابطة متناسقة التى بها تنجح بسبب ذلك الرباط. فالبشر يألفون أرضهم على ما فيها وبها، ولو كانت قفراً مستوحشاً، وحب الوطن هنا هو غريزة متأصلة فى النفوس تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه وعليه، ويحن إليه إذا غاب عنه وبعد، ويدفع عنه إذا هوجم، ويغضب له إذا انتقص، فالوطنية بهذا الوصف ليست شيئا غريبا ولا غير مستغرب. فالحنين للوطن والمجتمع والولاء لترابه، والتفانى فيه والعمل به هذا كله من منبع الضمير الوطنى الخالص، فالأرض اهتزت بشرائع الدين، وحضارة أمة، فالإرتباط هناك دلالته ومغزاه.

لا ريب أن المجتمع العربى الآن قد ازدهر بالنزعة الإنسانية النبيلة قدر المستطاع وأفاد منها أجل الفائدة وذلك لأن أمتنا لا تتخلى عن رسالتها الإنسانية الكبيرة، ولا تحب أن يطالبها أحد بنسيان تلك الرسالة، ولا أن يختلها أحد عنها بالعناوين المضللة.

إن الوحدة والترابط داخل المجتمع تعتبر سمواً بالإنسانية إلى مستوى العالمية الرفيع، ذلك المستوى الذى ينادى به قادة الرأى السديد، ويحلم به زعماء الإصلاح، ويهتف به الفلاسفة الدعاة إلى غد أسعد، وعالم أفضل فقد كانت تلك الوحدة عاملاً من عوامل التجمع والتكتل والتقارب وعنصراً من عناصر التفاهم، وسبيلاً إلى أخوة المجتمع الواحد أخوة فى الروح.. إنما أخوة روحية أخوة الدم والنسب، لأنها أخوة قائمة على دعائم من العقل والمنطق، مستندة إلى مدد من الرأى والفكر والتفاهم المستنير، مستجيبة لهواتف الوجدان، مستهدفة للمثل العليا للحياة والمجتمع فى الحياة التى هى الضامن والتعاون والسلام.

لا شك أن الظواهر تبث من إصلاح الفرد ويكون عنوانها صحة الضمير وواقعنا يتحدث عن مسئولية كل فرد فى المجتمع ودوره فى انتشال الآراء المغلوطة والفكر الهدام من البحر الهائج المائج لتلك الأفكار والمعتقدات والتصورات التى تتعارض مع أفكار وتصورات المجتمع الأصيلة لإعادته إلى عهد مجده وسيادته، فالمجتمع إنشاء كوردة جميلة يحبها كل الناس فلا سلامة لها ولا صيانة إذا كان يحوم حولها الشوك الذى يصونها من الأيدى الخبيثة العابثة المخربة، فلو انحرف هذا الشوك عن فطرته إذا فلا بقاء لهذه الوردة.

فنحن أصبحنا فى حاجة ماسة ضرورية ملحة إلى تعاون وثيق متبادل أكثر، وثقة لا غنى عنهما لأى مجتمع وبلد يريد التقدم والاكتفاء الذاتى لنفسه والتخلص من الفكر الهدام لبناء مجتمع صالح.

علينا أن ننشئ مجتمع نموذجيا مثاليا، مجتمعاً خلقياً، فيجب أن نزيل كل الخلافات بين الطوائف الدينية والتنافر بين أفراد المجتمع الواحد والتناقض بيننا والفساد المنتشر وضعف الأخلاق والإخلال بالواجبات التى تربطنا بوطننا ومجتمعاتنا. علينا أن ننشئ بيئة صالحة تجمع كل الوحدات المتنافرة فتكون حياة واحدة لا مقسمة تقود بلادنا ومجتمعاتنا إلى التماسك بعروبتنا الأصيلة وبترابط أيدينا المتأصلة، فالمسئولية ترجع علينا جميعاً فلابد أن يسود بيننا الاحترام المتأدب والتواضع الذى يرفع والبساطة فى العلاقات بيننا، والمشاعر الجديدة التى تصل بنا إلى قمة الإنسان العربى، فعلينا أن نسعى كلنا حابين ومتحابين ومتصالحين إلى هذا المجتمع المترابط حتى تسعى إلينا هائجة كل الشعوب والمجتمعات الأخرى.


Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأرصاد: أجواء باردة ونشاط رياح يزيد برودة الطقس والصغرى بالقاهرة 13 درجة

جلسة مع عدي الدباغ فى الزمالك خلال ساعات

العالم يترقب حفل 2025 THE BEST فى قطر الليلة

معاش استثنائي للمستحقين.. اعرف إزاي تقدم طلبك لو ظروفك المادية صعبة

برشلونة يبدأ حملة الدفاع عن لقب كأس ملك إسبانيا أمام جوادالاخارا


تفاصيل تعاون هيدى كرم مع محمد سعد لأول مرة فى عيلة دياب عالباب

الزمالك يستند على الاتفاق مع بتروجت في صفقة حامد حمدان

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

اعرف حقوقك.. لا يجوز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات في اليوم

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر


كواليس مفاجأة مونتيري المكسيكى لـ"أهلى البدري" لحرمانه من تكرار إنجاز المونديال

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 - 12- 2025 والقنوات الناقلة

حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

تعرف على موعد استطلاع دار الإفتاء هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

لا يفوتك


العالم يترقب حفل 2025 THE BEST فى قطر الليلة

العالم يترقب حفل 2025 THE BEST فى قطر الليلة الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 09:00 ص

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى