مرض مصر الأول

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم وائل السمرى

فاروق حسنى وضع يده على بيت الداء


برغم ثراء الحوار الذى أجراه الكاتب الصحفى، خالد صلاح، مع الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، عبر فضائية النهار، لكننى هنا سألتقط تفاصيل واقعة واحدة سردها «حسنى» فى سياق هذا الحوار لأتحدث عنها، إذ قال حسنى إن بعض المستثمرين الأجانب أتوا إلى مصر لبحث فرص الاستثمار بها، وبعدما عاينوا بعض المشاريع، وراجعوا بعض الخطط، كادوا أن يشرعوا بالفعل فى الاستثمار فى مصر، ثم حدث أن خرجوا من الفندق الذى أقاموا به، ليذهبوا إلى مكان «ما» فمشى بهم السائق «عكس اتجاه السير» فى شارع عمومى، فما أن رأوا هذا الأمر حتى عقدوا العزم على مغادرة مصر بلا رجعة، ليقينهم من أن الدولة التى تسمح بسير سيارة عكس الاتجاه، هى دولة مرتعشة القبضة رخوة لا تقوم مؤسساتها بالدور المطلوب.

الوزير السابق تدفق فى حواره مع «خالد صلاح» ليدلى برأيه المتعمق فى العديد من القضايا الشائكة، وقد أكسبه البعد عن المنصب بريقا، وأكسبتنا الخبرة يقينا بأننا فقدنا وزيرا «حقيقيا» يمارس الفن، ويقرأ الفلسفة، ويستمتع بالشعر، ويستمع للموسيقى، ويهوى العمارة، ويعشق التجديد، وهذا ما ظهر واضحا أثناء الحوار الذى أتى هادئا بطعم الخبرة، وواثقا ببريق الإبداع، وهذا ما ظهر واضحا فى ذكر تلك الواقعة التى تؤكد أن الشيطان يكمن فى التفاصيل، وأن الأسباب الظاهرة لعزوف المستثمرين عن الاستثمار فى مصر مثل الإرهاب، وعدم الاستقرار على أهميتها، ليست هى الأسباب الوحيدة، بينما هناك العديد من الأسباب القاتلة غير الظاهرة، وما هذه الواقعة سوى نقطة فى بحر الهزائم.

وضع «حسنى» يده فى سرد هذه الواقعة على بيت الداء، وداؤنا هو «عدم الانضباط»، وعلاجنا هو «الانضباط»، فأنت تمشى فى الشارع لتواجه كل يوم «بلطجة» عمومية من الجميع ضد الجميع، والأكثر قدرة على الابتذال هو الأكثر قوة والأعلى يدا، وعلى هذه الشاكلة تقع حياتنا كلها، ولا أنسى هنا قول أحد أصدقائى الخليجيين، الذى كان يشتكى لى مر الشكوى من «مستوى الخدمات فى مصر»، فلا وجود لعامل مخلص، ولا وجود لحرفى «منضبط» بداية من الكهربائية والسباكين وسائقى التاكسى، وصولا إلى كبار الموظفين، والمفارقة المؤلمة بالنسبة لى وله هو أنه أتى من بلده التى يشتهر فيها العمال المصريون بالكفاءة، لكنهم فى مصر «غير منضبطين» وهذا كل ما فى الأمر.

عدم الانضباط فى مصر هو الأزمة الحقيقية، وهو الوزر الذى تتحمل وزره «الدولة» وحدها دون سواها، فالدولة هى المسؤولة عن التعليم، والدولة هى المسؤولة عن التقويم، والدولة هى أيضا المسؤولة عن التقييم، وبيدها لا بيد أحد آخر أن تعلم وتقوم وتقيِّم، إذ يجب على الدولة أن تعى أنها لا تحكم أيضا شعبا من المجرمين أو من الملائكة، وكفى بنا هما وغما أن يعكف المواطن عن اللجوء إلى مؤسسات الدولة، إذا ما اغتصب أحد حقه لعلمه أن «الدولة مش فاضية ليا» فيصير الظلم متفشيا، ويصير القهر أسلوب حياة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا والقناة الناقلة


حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

هل يخطف بيراميدز حامد حمدان من الأهلى؟

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما


لحظات رعب في المغرب.. فيضانات إقليم آسفى تخلف 51 قتيلا ومصابا والحصيلة فى تزايد.. استمرار البحث عن مفقودين.. تعليق الدراسة 3 أيام.. الوكيل العام للملك يفتح تحقيقا موسعا.. والأرصاد تحذر من طقس عنيف غدا.. فيديو

الأردن يفوز على السعودية ويواجه المغرب فى نهائى كأس العرب 2025

دخل علينا غرفة النوم.. تفاصيل اقتحام أتوبيس مدارس شقة سكنية فى بدر.. صور

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

صور الأقمار الصناعية.. تدفق السحب وتوقعات أمطار بهذه المحافظات تصل للسيول

الأرصاد تحذر: تدفق السحب الممطرة وأمطار على هذه المحافظات الساعات المقبلة

التحقيق مع نجل روب راينر بعد شهادات من المقربين بأنه قتل والديه

حلمى عبد الباقى بعد خضوعه للتحقيق: المستشار أوقف قرار إحالتى للتحقيق

الأهلى يغلق باب رحيل إمام عاشور في الميركاتو الشتوى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى