بؤس عربى وتمدد إسرائيلى

سعيد الشحات
سعيد الشحات
بقلم - سعيد الشحات
أتعجب من هؤلاء الذين يراهنون على أن إسرائيل ستقدم التنازلات من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، ومن هذا الباب أنظر إلى اجتماع سامح شكرى برئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى القدس الغربية يوم الأحد الماضى.

فى السياق السياسى الإقليمى والدولى الذى تمت فيه الزيارة، نحن أمام أوضاع يتم فيها ترتيب المنطقة وفقا لمعطيات قوة أطرافها، وفى صدارتها، إيران، تركيا، إسرائيل، وواقع الحال لا يحتاج إلى تأكيد أن الدول العربية فى أضعف حالاتها، ووصلت إلى الحال الذى كنا نخشاه من قبل وهو تقسيم الدول العربية من جديد وفقا للمصلحة الإسرائيلية، الذى يؤدى إلى إبقاء العرب تحت لهب الحروب الطائفية والعرقية، وطبقا لذلك نرى ملامح التقسيم والتجزئة فى سوريا والعراق واليمن ولبنان والسودان وليبيا، ونرى أوضاع القضية الفلسطينية فى أسوأ حالاتها، ويكاد يختفى معها حقيقة أن هناك فلسطين المحتلة من عصابات صهيونية منذ عام 1948، وفى مقابل التواطؤ العربى لأجل محو هذه الحقيقة، يتم اختصار القضية الفلسطينية إلى مسألة تسكين فى غزة وتلحق بها الضفة الغربية بعد حل قضية القدس وفقا للشروط الإسرائيلية.

وفى مقابل حالة «البؤس العربى» تعيش إسرائيل براحتها بدرجة لم نر لها مثيلا فى تاريخ الصراع العربى الصهيونى منذ عام 1948، ومشهد وقائع زيارة نتنياهو إلى أفريقيا، واجتماعه مع قادة سبع دول أفريقية، وحديثه المباشر عن أزمة مياه النيل وسد النهضة، وطلب إسرائيل الانضمام إلى الاتحاد الأفريقى كعضو مراقب، ليس الدليل الوحيد على ذلك، فتسابق بعض الدول العربية فى التودد إلى «تل أبيب» سرا وعلنا هو دليل آخر يؤكد أننا أمام حالة هيمنة إسرائيلية بامتياز لم يتخيلها أحد من قبل.

فى ظل هذه الحال، فإن الحديث عن دفع إسرائيل للإقدام على مفاوضات تؤدى إلى التوصل إلى سلام وفقا لشروط عربية وفلسطينية صحيحة وعادلة، سيكون خيالا حقيقيا لا يحتمل معه أى شىء آخر، فالصراع الإنسانى والسياسى لا يمكن حله بالنوايا الحسنة، كما أن الأقوى يفرض شروطه على الأضعف، وتاريخ القضية الفلسطينية يؤكد ذلك، كما يؤكده تاريخ التفاوض العربى مع إسرائيل منذ زيارة السادات إليها عام 1977، وما تلاها من اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 ثم اتفاقية أوسلو، وخيار «غزة أريحا أولا» الذى أسفر عن حالة «سلطة فلسطينية» فى غزة والضفة الغربية، لكنها منزوعة من ممارسة أى سلطة.

يقودنا كل ذلك إلى الحديث عن زيارة سامح شكرى، أو أى زيارة أخرى لمسؤول عربى إلى إسرائيل من زاوية ماذا بحوزتهم يقدمونه؟ وكيف سيردون على ما فى جعبة نتنياهو ومن معه سواء تم ذلك على مائدة العشاء ومشاهدة نهائى كأس أوروبا بين فرنسا والبرتغال، كما حدث مع شكرى، أو كما كان يفعل شارون فى الماضى حين كان يستضيف مسؤولين عربا فى مزرعته الشاسعة التى اغتصبها ضمن أرض فلسطين المغتصبة.

لا شىء يقدمه العرب سوى الحديث عن أمنيات بتحقيق السلام، والحديث عن الوساطات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكأن الجرح الفلسطينى لم يعد هما عربيا.

يحدث ذلك بعد تفريط عربى فى كل أوراق القضية، وأهمها ضعف الحركات الجماهيرية المقاومة للتطبيع التى عملت الأنظمة العربية لها ألف حساب فى الماضى، وارتضت القسمة بين ما هو رسمى وما هو شعبى فى الصراع.

الخلاصة أن زيارة سامح شكرى لن تقدم جديدا، والمشاهد التى سنراها فى المستقبل لن تزيد على لقاءات للتفاوض، لكنه التفاوض الذى بلا نهاية، وهى لعبة إسرائيلية معروفة تجيدها أمام أطراف عربية تدمن اللعب مع إسرائيل بوصفها صديقا وليست عدوا.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فيلم Lilo & Stitch يحقق مليار و32 مليون دولار عالميا

محمود عبد الله يكشف تفاصيل أغنيته الجديدة مع هيفاء وهبي "واحدة قادرة"

موعد مباراة الزمالك أمام وادى دجلة في دوري نايل والقناة الناقلة

السكة الحديد تشغل غدا القطار التاسع لعودة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم

إيهاب عبد العظيم عن تعاونه مع محمد فؤاد: كنت من جمهوره..والنهارده بكتب له


هشام عبد الخالق: غرفة صناعة السينما تأسست لحماية الصناعة وليست كيان إداري

من رأفت الهجان للشهد والدموع.. ذكرى وفاة نبيل الدسوقي

شريف حمدان يكشف تفاصيل أغنية عائلية تجمع حنان مطاوع ووالدتها

اليوم السابع ينشر نتيجة الثانوية العامة للدور الثانى 2025 خلال أيام

سماح سليم بطلة مسلسل دارك شوكلت: تخوفت من دور إيمان ومشاهد البكاء الأصعب


ريبيرو يفاضل بين كريم فؤاد وكوكا لقيادة الجبهة اليسرى أمام بيراميدز

"الدفاع الروسية" تدمر 10 مراكز للتحكم بالمُسيرات الأوكرانية

المبعوث الأمريكي توماس براك يصل إلى مرجعيون جنوب لبنان

نقابة الأطباء: حبس المعتدى على طبيب الامتياز بمستشفى سيد جلال 15 يوماً

الدنمارك تستدعي دبلوماسي أمريكي وسط تقارير "نفوذ سري" لترامب في جرينلاند

الأكبر فى التاريخ.. حصيلة ضحايا الصحفيين فى غزة تخطت حربى أفغانستان وفيتنام

موعد قرعة دوري أبطال أوروبا 2025 - 2026 والقنوات الناقلة

"الكرملين": روسيا تأمل في استمرار جهود الوساطة الأمريكية لتسوية الوضع في أوكرانيا

غيابات الأهلي عن موقعة بيراميدز في الدوري

تعرف على شروط الحكومة لحصول مستأجرى الإيجار القديم على وحدات سكنية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى