تفجير المدينة المنورة.. الجرم الأعظم

ناجح إبراهيم
ناجح إبراهيم
د. ناجح إبراهيم
يعد تفجير المدينة خطيرا جدا فى دلالاته لأنه يعنى أن هؤلاء كسروا الحاجز الأعظم والأكبر الذى يتهيبه الجميع وكسروا مقدسا لم يستطع أعتى المجرمين كسره وتجاوزه ولم تغش قلوبهم رحمة وشفقة بالمدينة وأهلها وساكنيها من الصحابة والتابعين أو توقيرا وتقديرا لساكنها الأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لقد كان النبى "صلى الله عليه وسلم" يخطب على جذع نخلة قبل أن يتخذ منبراً، فلما فارق الجذع إذا به يبكى للفراق ويجزع له ويحن للقاء رسول الله "ص"الذى شرفه من قبل، فهل الذين فجروا أنفسهم مع حراس المسجد النبوى وقريباً منه تشربت قلوبهم ما تشربه هذا الجذع، فهؤلاء لم يحبوا الرسول ولم يشتاقوا إليه ولم يحنوا إليه وعليه، ولم تتشرب أنفسهم توقيره وتعظيمه، لم يتعلموا من الجذع الأصم شيئاً، كانت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.

لقد كانت السيدة عائشة تفزع إذا دق أحدهم مسماراً فى جدار المسجد النبوى فتهتف بلسان المحبة للرسول "ص" زوجها قائلة"احذروا أن تؤذوا رسول الله ".هؤلاء أدركوا أهمية توقير وتعظيم رسول هذه الأمة حياً وميتاً،ولكن هؤلاء الأغبياء الفجار الذين أرادوا التفجير عند مسجد النبى لم يعرفوا شيئاً عن هذه الآداب والأخلاق، مسمار يدق فى جدار المسجد كان السلف يخافون أن يؤذى النبى فى قبره، فكيف بالديناميت والمتفجرات.

الملايين تكتظ فى ليال العشر تريد أن تعيش بقلوبها إلى جوار النبى ووزيريه العظيمين أبى بكر وعمر وصحبه الكرام فى البقيع، وتسعد بقيام العشر الأواخر من رمضان فى ثانى أعظم مسجد على وجه الأرض، ثانى الحرمين، وإذا بهؤلاء الجهلاء يريدون تخويف هؤلاء المصلين وترويعهم وصدهم عن سبيل الله وعن الصلاة.

لم يتخيل أحد أن يبلغ الجنون والسفه والحمق والانحطاط بهؤلاء أن يقتربوا بالأذى من مسجد النبى، ومن النبى نفسه، فإن إيذاء النبى حياً كإيذائه ميتاً.
ألم يقرأ أحد هؤلاء يوماً"لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ" فلا صوت يعلو فوق صوته، ولا شريعة تعلو على شريعته، ولا فكر أو مذهب ترتفع على كتاب الله وسنة رسوله، وهؤلاء لا يرفعون أصواتهم فوق صوت النبى، ولكنهم يزعجونه بتفجيراتهم ويؤذونه بتصرفاتهم، ويبغضون الناس فى دين الله، ويصدونهم عن سبيله.

هؤلاء لم يقرأوا يوماً قوله تعالى "إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَى نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" ويقدموا بين زيارتهم لقبره طاعات وقربات ولكن هؤلاء يقدمون بين يدى قربهم من الرسول "ص" متفجرات ودماء وأشلاء ومصائب سوداء، ألا يدرك هؤلاء أن من يفعل ذلك يعد ساخراً من مقام النبوة.

عذراً رسول الله، عذراً يا سيدى، فهؤلاء لم يقدرونك قدرك ولم يحترموا مسجدك، ولم يصونوا رسالتك، فجاروا على أمن مرقدك، وعاثوا فى حرمك فساداً، الله يقول عن المسجد الحرام " وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً "وهذا ليس خاصاً بالمسجد الحرام، ولكن لكل مسجد حظ من هذه الآية العظيمة التى هي"أمر فى صورة الخبر"معناها أمنوا من يدخل المسجد الحرام، أمنوا من يدخل مساجد الله، أمنوا من يدخل مسجد النبى، ولكن هؤلاء الحمقى الجهلاء يزرعون الفزع فى المساجد وفى قلوب الصالحين.

هل هناك عاقل يفزع ضيوف رسول الله، ويزرع الخوف فى ضيوف الرحمن، وفى بيوت الله سبحانه. من ذا الذى يبارز الله بهذا الجرم العظيم،إن الحرامية العاديين يأبون السرقة من المساجد خوفاً من غضب الله عليهم لأن فيهم مسحة من عقل وتدبر.

هؤلاء الحمقى لم يتدبروا قوله تعالي"وَطَهِّرْ بَيْتِى لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ"وإذا كان للمسجد الحرام الحظ الأكبر من ذلك فللمسجد النبوى وكل مساجد الأرض حظ منها كذلك.

وهؤلاء يفزعون المعتكفين فى أطهر بقعة وفى أعظم أيام الله فى العشر الأواخر من رمضان،ويريدون قتلهم وتدمير ثانى الحرمين،زرع الخوف فى قلوبهم، هؤلاء لم يتدبروا يوماً حديث رسول الله"من أخاف أهل المدينة فقد أخافني"ولم يعيشوا يوماً مع حديث الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن المدينة المنورة "من أراد هذه البلدة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح فى الماء" وهؤلاء سيذوبون ويندثرون ويطاردون فى كل مكان وسيكونون أشبه بالأجرب يطارده الناس ويفرون منه فى كل مكان.هؤلاء بدلاً من أن يسلموا على النبى تسليماً ويصافحوا بقلوبهم سيرة وزيريه أبى بكر وعمر إذا بهم يبغونها عوجاً ويريدونها تفجيراً ودماءً.

لقد بكى الشيخ د. سيد طنطاوى وهو يغادر المدينة المنورة بعد سنوات من بعثته للتدريس فى الجامعة الإسلامية بالمدينة، لقد كان يريد البقاء هناك والموت إلى جوار نبيه وحبيبه، ولكن ماذا يفعل وقد انتهت البعثة و"ما باليد حيلة"، فزار النبى الكريم ومضى إلى مصر، ولكن الله علم ما فى قلبه، فأعاده فى الثمانين من عمره وهو شيخ للأزهر ليحضر مؤتمراً فى المدينة وقبل ركوب الطائرة بدقائق مات هناك ليدفن إلى جوار حبيبه النبى فى البقيع، فى قبر سعد بن معاذ "رضى الله عنه".

إنها قلوب تسير إلى الله، فالناس لا تسير إلى الله بأبدانها وأشكالها ولكن بقلوبها،وهؤلاء الذين يفجرون لا قلب لهم ولا عقل ولا فكر ولا رأى، ولكن فجور وغباء وصلف وغرور، وما داموا قد استهانوا بمقام النبوة فستكون نهايتهم أليمة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

كل ما تريد معرفته عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. 7 بنود تغير شكل القطاع

قرار جديد من النيابة فى واقعة تعرض 12 طفلا للاعتداء داخل مدرسة بالتجمع

ترامب يعلن خطوبة نجله جونيور.. ونيويورك تايمز: الثالثة.. فيديو

هل يُشارك إمام عاشور فى تشكيل منتخب مصر أمام نيجيريا الليلة؟


تعرف على بديل تريزيجيه فى تشكيل منتخب مصر أمام نيجيريا

برشلونة يشيد بموهبة حمزة عبد الكريم: نجم واعد للمستقبل

مفاجأة فى مستقبل محمد صلاح مع ليفربول قبل أمم أفريقيا 2025

وزارة الصحة توجه للمواطنين رسائل هامة لمنع عدوى الأنفلونزا.. صور

مقتل عنصر شديد الخطورة وضبط مخدرات بـ100 مليون جنيه


الإسكان الاجتماعى:نستهدف بناء أكثر من 68 ألف وحدة سكنية خضراء صديقة للبيئة

أحمد السقا: أصحابى دعمونى أمس والنهاردة قالوا عليا عندى إيجو

مواعيد مباريات اليوم.. جوادالاخارا مع برشلونة ومصر أمام نيجيريا

الأهلي يدرس وضع أشرف داري على قائمة الانتظار حال فشل تسويقه في يناير

المصري يرفض التفريط في صلاح محسن بعد عرض الوداد المغربي

تفاصيل تعاون هيدى كرم مع محمد سعد لأول مرة فى عيلة دياب عالباب

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى