لماذا سقطت الأندلس «12»؟

عبدالفتاح عبدالمنعم
عبدالفتاح عبدالمنعم
بقلم - عبدالفتاح عبدالمنعم
لأننا أمة بلا ذاكرة، فإننا نسينا مآسى المسلمين والعرب واليهود فى بلاد الأندلس بعد السقوط المرير، التى ظهرت فى كتب الغرب باسم مجموعات «الموريسكيين» وتحدث عنها الكاتب خليل إبراهيم السامرائى، تحت عنوان «الموريسكيون فى الأندلس»، حيث شرح لنا كيف حاول الأجداد إعادة الدولة العربية مرة أخرى إلى الأندلس، ولكنهم فشلوا بسبب المذابح التى قام بها الإسبان، فالحقيقة أنه لم تنته مصيبة المسلمين فى الأندلس بزوال سلطانهم السياسى، ورحيل سلطانهم أبى عبدالله الصغير إلى المغرب، بل حلت بهم مصيبة أكبر، حيث نقض الملكان الكاثوليكيان العهد، ووضعا خطة إبادة للمسلمين الباقين فى الأندلس لعقيدتهم الدينية، فشكلا محاكم التفتيش التى تتعقب من يؤدى شعائر الإسلام بأية صورة، فكان جراء ذلك أن أظهر عدد من المسلمين المسيحية وأبطنوا الإسلام، وأطلق على هؤلاء اسم «الموريسكيون Los Moriscos» أى المسلمون الصغار.

وبقى المسلمون هؤلاء يقاومون الاضطهاد ما يزيد على القرن من الزمان دفاعًا عن عقيدتهم وكيانهم، وأول ظاهرة ملفتة للنظر بعد رحيل السلطان أبى عبدالله الصغير إلى عدوة المغرب، أن بدأ مسلمو الأندلس بالهجرة منها إلى المغرب، كما جاء فى شروط التسليم التى سهلت لهم هذه المهمة وهى: أن الملكين الإسبانيين ملزمان بتوفير السفن لنقل مسلمى الأندلس إلى المغرب مجانًا ولمدة ثلاث سنوات، وبعدها يدفع من يريد العبور دوبلًا واحدًا عن كل شخص «الدوبل عملة ذهبية إسبانية قديمة تساوى عشر بزيتات»، «المادة السابعة من المعاهدة».

صدرت الأوامر بتعميم مضمون معاهدة تسليم غرناطة «897هـ/25 يناير 1491م» على الأمراء والوزراء والقادة والرهبان والرعية، وأُصدر مرسومٌ يهدد كل من يجرؤ على المساس بما تضمنته هذه المعاهدة، وقد ذيل هذا التوكيد بتوقيع الملكين وتوقيع نجلهما الأمير، وحشد كبير من الأمراء وأشراف الدولة وأحبارها، وأدى الملك فرديناند والملكة إيزابيلا وسائر من حرروا الشروط القسم بدينهم وأعراضهم، أن يصونوا المعاهدة إلى الأبد، وعلى الصورة التى انتهت إليها، ومن خلال شروط المعاهدة يتبين لنا أنها كفلت للمسلمين حريتهم ولغتهم وشعائرهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم، باستثناء حمل الأسلحة.

ولكن الذى يبدو أن الملكين الإسبانيين لم يكونا صادقين فعلًا، حيث بدأ تعصبهم ونقضهم للمواثيق منذ دخولهم غرناطة 2 ربيع الأول 897هـ/2 يناير 1492م، إذ صدرت الأوامر بإحراق كميات كبيرة من الكتب العربية، لكى يسهل على الإسبان إبعاد المسلمين عن مصادر عقيدتهم، ومن ثم القضاء عليهم بسرعة، ومن أولى الخطوات التى رسمتها الملكة إيزابيلا المتعصبة من أجل تنفيذ سياسة التنصير القسرى للمسلمين، أنها اعتمدت على مجموعة من الأحبار والرهبان، ومنحتهم مناصب فى البلاط الملكى، فكان من أخطرهم الأب خمنيس مطران طليطلة.

وإذا كانت الممالك الإسبانية قد اضطهدت المدجنين «المسلمون الذين ظلوا على دينهم» خلال استردادها القواعد الأندلسية قبل سقوط غرناطة، إلا أنه بعد السقوط أصبح الأمر أكثر خطورة، فحرموا من حمل السلاح، وفرضت عليهم الضرائب المقبلة خلال «1495م- 1499م» دون غيرهم من السكان.

منذ اللحظة الأولى لدخول الإسبان غرناطة، تم توزيع مساحات شاسعة من الأراضى على النبلاء الإسبان، فأصبح ملاكوها المسلمون أتباعًا للنبلاء هؤلاء، وفى عام 1498م أجريت عملية عزل العناصر الإسلامية عن المجتمع الإسبانى، ووضعوا فى أماكن معينة، ليسهل السيطرة والقضاء عليهم فى حالة الثورة.

كانت نتيجة هذه السياسة التعسفية، التى رافقها إحراق خمنيس للكتب العربية، وجعلها أثرًا بعد أن تأججت نار الثورة بين المسلمين، وفى الوقت نفسه عين الأب خمنيس رئيسًا لديوان مجمع قضاة الإيمان الكاثوليكى «محاكم التفتيش»، التى تأسست فى إسبانيا منذ القرن الثالث عشر الميلادى، ولقد أقام الملكان الكاثوليكيان محاكم التفتيش أولًا فى إشبيلية عام 885هـ/1480م وفى جميع المدن الأندلسية التى سيطروا عليها، وكانت هذه المحاكم سلاحًا فتاكًا بيد الكنيسة، تسحق به كل من لم يذعن لأوامرها.. وللحديث بقية.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

التعليم العالى: مد التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية حتى 30 يوليو

تأجيل محاكمة 5 متهمين بقتل سيدة لسرقة ذهبها ومبالغ مالية وهاتف محمول بالخانكة

رئيس الوزراء يُتابع موقف تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية

200 مليون جنيه سنوياً قيمة راتب وسام أبو علي فى كولومبوس الأمريكى

محمود جاد يعود لحسابات بيراميدز بعد خلافات التجديد للمصرى


موعد مباراة الأهلى الودية مع الملعب التونسى فى معسكر طبرقة

51 شهيدا بنيران جيش الاحتلال فى غزة منذ فجر اليوم بينهم 48 من منتظرى المساعدات

الرئيس السيسى يوجه بضم أسرة المهندس شهيد عملية حركة "حسم" الإرهابية لقائمة مستحقى التكريم

الصفقة تمت.. هوجو إيكيتيكي إلى ليفربول 6 مواسم مقابل 95 مليون يورو

الداخلية: قيادات حركة حسم الجناح المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية تخطط لمعاودة إحياء نشاطها


بايرن ميونخ لا يستسلم ويتقدم بعرض ثالث لضم لويس دياز

أسباب استقالة وزيرة البيئة من منصبها

العتبة فى ثوبها الجديد.. إنشاء منظومة لمكافحة الحرائق وكاميرات وأكشاك أمن لمنع عودة المواقف العشوائية.. إنشاء باكيات ومظلات للباعة وممرات للمشاة بـ3 شوارع.. ومحافظ القاهرة: نموذج سنعممه لتنظيم وقوف الباعة.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى