تركيا مهددة بالتفكك.. الأكراد وإيران وداعش يتأهبون لاقتسام تركة "سلطان أوروبا المريض".. الحرب الأهلية تدق أبواب أنقرة.. وأردوغان يعلن الطوارئ لتطهير الجيش.. واعتقال وفصل 19 ألف ضابط وموظف فى الداخلية

أردوغان
أردوغان
تحليل يكتبه: محمود جاد
175

يتأمل ملامحه الحادة ويخشى أن يغادر صورته المعلقة على الجدار.. تتردد فى آذانه عباراته حين قال فى عموم الأتراك "شعبى سيتعلم مبادئ الديمقراطية والخرافات يجب أن تختفى".. يعلم أردوغان وهو يطالع صورة ومسيرة مصطفى كمال أتاتورك زعيم تركيا الراحل أن التاريخ لا ينحاز دوماً للطغاة، وأن القدر الذى أرسل أتاتورك قبل قرابة 90 عاماً، لن يبخل على الأتراك بمن يستكمل المسيرة، يعيدهم إلى الطريق السليم.

يخشى الطغاة دوماً الزعماء التاريخين، وكذلك الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى تربكه سيرة "أتاتورك" وصورته أكثر من محاولة الانقلاب الأخيرة التى هددت نظام حكمه، والتى رد عليها بحملة اعتقالات شملت ما يقرب من 3 آلاف عسكرياً، بينهم 103 جنرالاً، فضلاً عن إقالة 8 آلاف ضابط شرطة، وما يقرب من 9 آلاف موظف مدنى بوزارة الداخلية.

مدفوعاً بجنون العظمة، واصل أردوغان حربه ضد مؤسسات الدولة والشعب على حد سواء، لم يدرك أن الأتراك قطعوا طريقاً طويلاً وخرجوا من النفق المظلم لدول العالم الثالث منذ زمن بفضل إصلاحات "أتاتورك"، وأن عدم انحيازهم لانقلاب "مجهول" بلا زعيم لا يعنى بالضرورة الرضا عن سياساته وإدارته للبلاد.

ينزلق السلطان العثمانى فى دوامة الشك، ويفتح سجلاً لاعتقال المدنين لا يعرف نهاية، أصبح المواطن جاسوساً لا تسقط عنه التهمة ما لم يسبح بحمد أردوغان وإنجازات حزب "العدالة والتنمية" لتصل حصيلة المعتقلين فى الأيام الست الأولى للانقلاب 8000 مدنياً، فضلاً عن إقالة 30 محافظاً وأكثر من 50 موظفاً برتبة عالية، بجانب إقالة 492 موظفاً فى إدارة الشئون الدينية.

صورة "أتاتورك" تلاحق أردوغان المرتبك على الجدران والشاشات. يتملك الخوف من السلطان العثمانى، فيدفع دون أن يدرى عقارب الساعة نحو نهاية نظامه، ويعتقل 114 قاضياً ومحققاً قضائياً، ويطالب 1577 عميد كلية بتقديم استقالته، وتصدر وزارة التعليم فى حكومته قراراً بوقف 399 موظف عن العمل، فضلاً عن عزل 257 موظف من ديوان رئيس الوزراء للاشتباه فى ضلوعهم بالانقلاب، بجانب سحب اعتماد 34 صحفياً بزعم ارتباطهم بالمعارض التركى فتح الله جولن، المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.

ساعة تلو الآخرى، يبدد أردوغان القيم التى أرساها الزعيم التاريخى أتاتورك، ليعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، ويحول بلاده إلى سجن كبير ينافس بممارساته القمعية أعتى الدكتاتوريات. لم يعد فى تركيا مكاناً لحقوق الإنسان حياً أو ميتاً بعدما أصدرت هيئة الشئون الدينية التركية فتوى بعدم الصلاة على قتلى الانقلاب العسكرى، قائلة فى بيان لها: "لن يكون هناك مأتم للعناصر الذين قتلوا فى صفوف الانقلابيين، وهم لا يستحقون الصلوات".

يحاول السلطان الفرار من صورة الجنرال الصامدة على الجدار، فتصدمه رائحة البارود والغاز المسيل للدموع عندما يطل من شرفة مكتبه داخل قصره "الأبيض" الذى بلغت تكلفة بنائه 600 مليون دولار.. لن تحجب شاشات الجزيرة القطرية، أو منابر إعلام الإخوان التى يأويها فى بلاده الحقيقة الكاملة، فأمام مئات أو ربما آلاف المحتفلين بنجاة النظام، حرباً أهلية كانت فى الأمس على الحدود الشرقية بمدينة ديار بكر، وانتقلت إلى قلب أنقرة واسطنبول فى يوم تم فيه اقتياد جنود الجيش وضباطه عرايا إلى مراكز الاعتقال.


يغفل أردوغان قسوة الجغرافيا وينسى أنها لم تمنح بلاده القدر البسيط من الانسجام مع الآخر، لن تبخل إيران الشيعية على تركيا السنية بالمؤامرات، عندما ينفلت الزمام من يديه. ولن يتردد الحرس الثورى الإيرانى، فى توجيه ضربة قاضية للسلطان داخل حدوده وعلى الملعب السورى الذى يتنافسان فيه على بقاء نظام بشار الأسد من عدمه.

كحبات عقد منفرط، يتساقط نظام السلطان وتسقط معه تركيا. تحول السلطان مجدداً إلى رجل أوروبا المريض، والكل يتأهب لانتزاع جزءً من ممتلكاته.. سيجد الأكراد قريباً على التراب التركى حدوداً ودولة واضحة تعرف مكانها تحت الشمس، ولن تبخل حينها الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا بالاعتراف، وستتنافس أوروبا قبل العرب على استضافة مقار دبلوماسية لها.. سيتحول ما بقى من تركيا يوماً إلى مخيماً واسعاً للاجئين السوريين، ومركزاً لمقاتلى "داعش" يعوض ما يخسره التنظيم فى سوريا والعراق.

سيعود أردوغان إلى ما تبقى من قصره، ليتأمل صورة الجنرال الصامد، سيكتشف ـ ولو ومتأخراً ـ أن بلاده انزلقت فى حرب أهليه وأقليمية، لا يملك فيها جيشاً يحمى أو شرطة تصون، بعدما أرغم الطرفان على مواجهة الآخر فقط لحماية نظامه الحاكم.. سيعلم أنه أخطأ حين روج للخرافة التى حاربها "أتاتورك"، سيعلم أن النهاية بدأت حينما قرر مواجهة الجنرال.


موضوعات متعلقة..



فرنسا والاتحاد الأوروبى يطالبون تركيا باحترام دولة القانون والحريات



تركيا فى مأزق "الطوارئ".. أردوغان يسعى للهروب وتصدير أزماته للخارج بمهاجمة مصر حكومة وشعبا.. الخارجية: تطاوله خلط أوراق وفقدان لـبوصلة التقدير السليم ويعكس الظروف الصعبة التى يمر بها



إيران تقول إنها تأمل أن تحترم تركيا حكومة سوريا المنتخبة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بين الدمار و الأنقاض.. حملات محلية للبحث عن المفقودين في غزة.. الأمم المتحدة: أكثر من 11 ألف مفقود غالبيتهم أطفال ونساء ومن ذوي الاحتياجات الخاصة.. وتؤكد: العشرات استشهدوا خلال محاولة الوصول إلى المساعدات.. صور

محافظة الغربية تمضي قدمًا في تطوير المحاور الخدمية.. سكة الوسط محور حيوي جديد لخدمة آلاف المواطنين.. ربط مستشفى محلة مرحوم بالشبكة الداخلية.. ومحافظ الغربية: متابعة يومية لأعمال المرحلة الثانية.. صور

تصريحات نارية من لاوتارو مارتينيز بعد سقوط الإنتر ضد فلومينينسي

زى النهارده.. ركلات الترجيح تنهى رحلة الأهلى فى كأس مصر لصالح المصري

مادة استخدمتها الجنايات لإحالة سفاح المعمورة للمفتي.. اعرف التفاصيل


هل تستأنف طهران محادثات "النووى"؟.. مساعٍ أمريكية لعقد جولة جديدة من المفاوضات.. الرئيس الفرنسي يبحث مع نظيره الإيراني العودة للحوار لحل قضيتي الأنشطة البالستية والنووية.. وطهران ترد: الظروف غير مناسبة للتفاوض

المصري يخطط لتجديد عقد محمود حمادة قبل يناير المقبل

المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: كيف أنقذت 30 يونيو مصر من محاولات أخونة الدولة واستهداف مؤسساتها وإقصاء كل المعارضين.. أسست جمهورية تقوم على سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات العامة والمواطنة

محاكمة 5 متهمين بقضية "رشوة وزارة الرى الجديدة" اليوم

شيكو يبدأ تحضيرات فيلمه الجديد "تافه جدا" ويصور "صقر وكناريا" مع محمد إمام


البحر يعيد الطفلة التونسية بلا نبض.. العثور على جثة مريم بعد يومين (فيديو)

المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى يعلن استشهاد ابنة عمه فى مجزرة مقهى الباقة

هل يعود الراحل ووكر الراحل لـ سلسلة Fast & Furious.. فان ديزل يجيب

إنتر ميلان ضد فلومينينسى بتشكيل رسمى نارى فى كأس العالم للأندية

تعرف على فريق عمل ألبوم "ابتدينا" لـ عمرو دياب

رود خوليت مهاجماً حسام غالي: عقليته كانت سبب طرده من جميع أندية أوروبا

تفاصيل التعاقد مع يانيك فيريرا والجهاز المعاون يضم 5 مساعدين أجانب

21 لاعبًا في قائمة الإسماعيلي الأولى استعدادًا للموسم الجديد

زد يعلن تعيين محمد شوقي مديرًا فنيًا في الموسم الجديد.. فيديو

الأهلى يجهز المستحقات المالية لـ يحيى عطية الله بعد انتهاء الإعارة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى