بعد «25 يناير».. أصبحنا كلنا «الأسطورة ناصر الدسوقى»

دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى
بقلم : دندراوى الهوارى

بعد الثورة ظهرت «مؤسسات البلطجة» وظاهرة «الطرف الثالث» التى ارتكبت كل أنواع الموبقات


السبب الجوهرى الذى دفع بالبلاد إلى هذه الحالة المزرية، من فساد مستشرٍ، واندثار للقيم الأخلاقية والوطنية من صدور الناس، هو الاستفحال فى استخدام المسكنات والمراهم لعلاج الأزمات والمشاكل، والتهرب من العلاج والمواجهة، ودفن الرؤوس فى الرمال، والتخفى وراء أقنعة الطهر والنقاء الوضاء، زيفا وبهتانا.

شعب متدين بطبعه، وتحكمه منظومة أخلاقية، يعلو فيها شأن مصطلحات «العيب والصح والخطأ»، كانت هذه المصطلحات هى السائدة والمسيطرة على ألسنة المصريين فى مختلف العصور، وعندما نُسقط هذه الخصال على الأرض تكتشف أنها وهم وسراب، لا وجود له، والدليل أنه عندما أخرجت 25 يناير 2011 كل المخزون الاستراتيجى من هذه القيم، اكتشفنا إصابتها بالعطب والعفن، وأصبحت سلعة فاسدة.

وإذا كان المخزون الاستراتيجى من شعارات المنظومة الأخلاقية قد أصابها التلف والعطب، فلا غرابة أن تجد مليون ناصر الدسوقى الذى جسده الفنان محمد رمضان فى مسلسل الأسطورة، وعشرات الفاسدين الذين تلقى القبض عليهم الأجهزة الرقابية يوميا وتضم ضباطا وأمناء شرطة ومسؤولين وموظفين كبارا، ولكم فى عصابة «الدكش» بقرية الجعافرة بمحافظة القليوبية أسوة سيئة، حيث استمرت هذه العصابة فى الاتجار بالمخدرات، وممارسة كل أنواع البلطجة، بمساعدة ضباط كبار طوال 30 سنة.

إذن لا فرق بين «الدكش» وناصر الدسوقى، فهما وجهان لعملة واحدة، عملة الفساد المستشرى، الذى طال كل شىء وعلى رأسها الأخلاق، لذلك الذين يهاجمون مسلسل الأسطورة الذى يحظى بمتابعة غير مسبوقة، وتأثر بعض الشباب بشخصية «ناصر الدسوقى» التى يؤديها محمد رمضان بشكل عبقرى، سواء من خلال ممارسة نفس الفعل الإجرامى، أو شكل اللحية، إنما هؤلاء لديهم القابلية للفساد، وأن شخصية ناصر الدسوقى ما هى إلا حالة مستنسخة من الشارع المصرى، فلماذا نصرخ وندفن رؤوسنا فى الرمال؟ ولماذا إلقاء الاتهامات الكاذبة على مسلسل الأسطورة بأنه يدشن لأعمال البلطجة؟ وهل مذبحة كرداسة كان يقف وراءها الفنان محمد رمضان؟ وهل حرائق الكنائس والتمثيل بجثث الأبرياء فى المنيا، وإلقاء الأطفال من فوق أسطح منازل الإسكندرية، وحرق المنشآت العامة، وتخريب المرافق العامة، وارتكاب مذابح رفح الأولى والثانية والكتيبة 101 ومذبحة كرم القواديس، كلها تسبب فيها محمد رمضان؟

بل هناك دراسة اجتماعية كشفت أن بعد 25 يناير 2011، ظهر ما يسمى «مؤسسات البلطجة» وظاهرة «الطرف الثالث» التى ارتكبت كل أنواع الموبقات، فزادت معدلات الجرائم بشكل عام، ونقلت صحيفة «الفايننشيال تايمز» أن معدل الجريمة فى مصر بعد الثورة زاد 3 أمثال ما كان عليه قبل ثورة يناير، فقد ارتفع عددها من 774 جريمة عام 2010 إلى 2144 جريمة عام 2012. وقالت الصحيفة إن جرائم كانت تعد نادرة مثل الخطف لطلب فدية ارتفع عددها من 107 عام 2010 إلى 412 عام 2012، وارتفعت سرقة المنازل من 7 آلاف و368 حادثة عام 2010 إلى 11 ألفا و699 عام 2012، كما ارتفع عدد جرائم سرقة السيارات بين العامين بمقدار يزيد على أربعة أضعاف، بجانب التزايد الملحوظ فى وقائع التحرش الجنسى، وأكدت الصحيفة أن موجات العنف التى شهدتها مصر بعد الثورة لم تشهد له مثيلا عبر تاريخها الحديث والمعاصر، ما أدى إلى زيادة كبيرة فى معدلات الجريمة بكل أنواعها، وهو ما يعد خللا جسيما فى التركيبة النفسية لأمة اعتبرت لفترة طويلة خالية من جرائم العنف.

كما كشف باحثون بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة أن هناك مشكلة حاليا تتمثل فى لجوء الناس للتعبير عن أنفسهم بالعنف وارتكاب الجرائم، تحت زعم أن ذلك ممارسة لحرية التعبير عن الرأى، وعدم إدراك أن ما يرتكبونه لا يندرج تحت ما يسمى «الجريمة»، وأن الناس اعتادت على مشاهدة مشاهد العنف والدماء.

تعالوا نتحلّ بالشجاعة، ونُعلِ من شأن الحقيقة، ولا ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام، ونعترف بأن هناك مشكلة حقيقية، وأن مسلسل الأسطورة عبارة عن ناقوس خطر ينبه الحكومة والأجهزة المعنية بضرورة حشد كل قوتها لدراسة الحالة ووضع روشتة علاج فاعلة وسريعة لها، بديلا عن الهجوم على المسلسل، وعدم الاعتراف بالمشكلة ودفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى

بي اس جي ضد الريال.. مشوار عملاقي أوروبا إلى نصف نهائي كأس العالم للأندية

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

محاولات أهلاوية لإعارة محمد ياسر في الدوري المحلي ..اعرف التفاصيل

"إنت الوحيد".. أغنية من كلمات وألحان تامر حسني في ألبومه بتوقيع شريف مكاوي


المتهمان بسرقة الشقق: بنسرقها بأسلوب التسلق

قطار الثانوية العامة يصل محطته الأخيرة.. الطلاب يؤدون غدًا امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات التطبيقية.. و"التعليم" توجه بتدقيق البيانات بورقة الإجابة.. وتطمئن طلبة علمى بتسليمهم مفاهيم اختبار الأحياء باللجان

منة القيعى بين "يا بخته" مع الهضبة و"كلام فارغ" مع أصالة

بعد ملاحقة إبراهيم سعيد للحجز على ممتلكاته.. اعرف المستندات اللازمة للدعوى؟

التشكيل المتوقع لموقعة بى إس جى ضد الريال فى نصف نهائى كأس العالم للأندية


322 مليون دولار عالميا لفيلم Jurassic World: Rebirth

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

بيلينجهام: مواجهة سان جيرمان صعبة.. وفخور بالمائة مباراة مع ريال مدريد

مناقشة كتاب "عن المسرح سألونى" لـ عصام السيد بمكتبة مصر العامة

تفاصيل اتفاق الزمالك مع شيكو بانزا لاعب امادورا البرتغالى

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

الاهلى يستقر على تمديد وتعديل عقد أليو ديانج في معسكر تونس

ردود فعل إيجابية لـ فيلم Superman مع العروض الأولى

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى