نعبده لنرضى أم ليرضى؟

محمد على يوسف
محمد على يوسف
بقلم : محمد على يوسف
الاختبار قد يكون هنا لصدق العبد وحقيقة أهدافه من التعبد
هذا السؤال ينبغى أن يسأله كل مسلم لنفسه ويحاول إجابته بصدق، خصوصا حينما يستشعر مللا أو فتورا فى العبادة أو حين لا يجد فتحا على قلبه، ويستبطئ الخشوع والتفاعل مع العبادات المختلفة، خصوصا فى مواسم الخير كاليالى العشر الأخيرة من رمضان. يتعاظم الإحساس بالنقص لدى كثير ممن ذكرت حين يجدون إلى جوارهم من يكادون يذوبون تأثرا وخشية ويسمون فى معالى الخشوع والتلذذ بالعبادة.

الحقيقة أن هذا التأخر فى المشاعر الإيمانية والأحاسيس التعبدية قد يكون اختبارا يحتاج من تعرض له، لأن يفهمه ويدرك أبعاده فليس شرطا أبدا أن تكون هذه علامة قسوة قلب ودليل على احتجاب القبول أو انعدام رضا المولى، جل وعلا، لكن الاختبار قد يكون ها هنا لصدق العبد وحقيقة أهدافه من التعبد وليجيب الإنسان سؤالا حرجا عن أولويات نياته وترتيب مقاصده، هل أعبده لأرضى أم ليرضى؟ هل أتهجد فقط لأتلذذ وأستمتع، أم أقنت من الليل ساجدا وقائما حذرا من عذاب الآخرة ورجاء رحمة ربى.

إن التلذذ والاستمتاع بالعبادة والبكاء من خشية الله ومشاعر السمو وأحاسيس العلو فى سماوات التذلل والتقلب فى درجات الخشوع والإخبات والإنابة، هى بلا شك من فتوحات العبودية وبركات القنوت وفيوضات الركوع والسجود، لكن النية الأعظم والمقصد الأسمى للعبادة والعمل الصالح هو ببساطة، إرضاؤه، إرضاء الله عز وجل.. أن يرضى الله وأن يغفر ويرحم، فهذا هو الفوز، سواء جاء الاستمتاع وحضرت اللذة أو تأخرت، المهم أن تبقى على الباب وألا تكل أو تمل إذا استبطأت حضور تلك المشاعر، وهذا والله هو معيار الصدق الحقيقى.

لو نظرت فيما رُوى من حال أويس القرنى، رحمه الله، لوجدت أنموذجا بديعا على تفضيل رضا الله على ميل النفس، وأويس هذا تابعى ورد فى شأنه حديث رواه الإمام مسلم فى صحيحه يقول فيه النبى: «إن خيرَ التابعين رجل يقال له أويس، وله والدةٌ، وكان به بياضٌ، فمروه فليستغفرْ لكم». وقصة الرجل باختصار كما رواها الإمام ابن حجر فى كتابه الإصابة، أن أويس هذا أسلم وعاصر النبى صلى الله عليه وسلم، وكان يستطيع اللحاق بالحبيب والتنعم بصحبته، ولا شك أن هذا أمتع للمحب من المكث بجوار أمه، لكن المعيار لديه كان رضا الله، والتقديم كان لمراد مولاه، والتفضيل كان للأحب لسيده والأجلب لرضاه، وقد كان هاهنا بره بأمه، فاختار ذلك ومكث بجوارها حتى تُوفى النبى قبل أن يلحق به أويس، ثم تُوفى خليفته الصديق ولم يلحق بالمدينة إلا حين توفيت أمه فى خلافة عمر بن الخطاب فهل ضره هذا؟ أبدا، لقد زكاه الحبيب وسماه خير التابعين، وإن لم ينل شرف الصحبة فإن النبى صلى الله عليه و سلم قد أمر من نال ذلك الشرف، أى الصحابة رضوان الله عليهم أن يسألوا هذا الذى لم ينلها أن يستغفر لهم وقد فعل عمر بن الخطاب ذلك، فما إن لقى أويس حتى طلب منه أن يستغفر له عملا بوصية النبى صلى الله عليه وسلم.

تخيل تابعى يستغفر لصحابى! أنعم به من فضل ناله ذلك المسترضى، فضل ناله بحرصه على الأرضى لله سبحانه وتعالى حتى لو لم يكن الأرضى لنفسه عاجلا، هذا ما ينبغى أن يكون نصب أعيننا حال عبادتنا لله سواء وجدنا أثر العبادة عاجلا أم آجلا، فإن المقصد الأسمى والمطلب الأعظم أن نرضيه، والبشرى أننا، حينئذ، عاجلا وآجلا، سنرضى، فلنعبد الله بإصرار ولنعجل إليه ليرضى، ولندم على الباب مسترضين ولا نتململ حتى يُفتح لنا، ولنثق أنه الفتاح جل وعلا، وأننا إن صدقنا فإن شاء الله سيفتح وسيرضى.. وسيرضينا.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس الوزراء عن صورته مع آبى أحمد: وفق البرتوكول فقط ومصر لن تفرط فى حقوقها المائية

مدبولى يرد على شائعات حرق الحكومة لسنترال رمسيس لبيعه: لا تعليق وغير منطقى

مفاجأة سارة للمصطافين وعشاق مطروح.. الكورنيش يغير واجهة المدينة ويزيد مساحة جمالية جديدة.. المحافظة تستعد لمصيف مختلف هذا العام.. ووضع اللمسات النهائية لتطوير الكورنيش .. صور

مدبولى: الدولة اللى نجحت فى عمل أفضل برامج إسكان قادرة تتعامل مع موضوع المستأجرين

الهيئة الوطنية: القائمة الوطنية تتقدم بأوراقها فى 4 دوائر لانتخابات مجلس الشيوخ


وزير الاتصالات يكشف سبب انتشار النيران بشكل سريع فى حريق سنترال رمسيس

إبراهيم سعيد يبكى فى أول ظهور له بعد الخروج من السجن: عايز حقى.. فيديو

فلومينينسي ضد تشيلسي.. ثنائية عاطفية تمنح جواو بيدرو أرقامًا تاريخية

شاهد التريللر الرسمى لفيلم أمير كرارة "الشاطر" قبل طرحه

الأهلى يُطارد الطيور المهاجرة لتدعيم فريقه.. الأحمر يتطلع لتكرار سيناريو تريزيجيه.. شرط وحيد يُحدد مصير عودة محمد عبد المنعم من فرنسا.. مصطفى محمد يؤجل خطوة ارتداء القميص الأحمر.. ومصدر يستبعد استعادة حجازى


الاتحاد السكندري يفاوض "توني" سيراميكا لضمه مجاناً

3 صور لا تفوتك من فسحة محمد صلاح في مدينة "بودروم" التركية

تعرف على موعد انطلاق بطولة الدورى المصرى للموسم الجديد 2025 – 2026

وزير التعليم يستعرض الترتيبات النهائية لآخر أيام امتحانات الثانوية العامة غدا

الأردن يلاحق الواجهات المالية لجماعة الإخوان

حسام وإبراهيم حسن يطمئنان على مروان عطية

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد ريال مدريد في مونديال الأندية

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى